بؤرة استيطانية في الخليل لربط المستوطنات تهدد أراضي الفلسطينيين

بؤرة استيطانية في الخليل لربط المستوطنات تهدد أراضي الفلسطينيين

18 ابريل 2024
مستوطنون يحتفلون بعيد المساخر اليهودي في الخليل، 24 /3/2024 (Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- إسرائيل تخطط لتوسيع استيطانها في البويرة بالخليل عبر إقامة بؤرة استيطانية "مفسار"، لربط الكتل الاستيطانية بـ"كريات أربع"، مما يفصل الخليل عن قراها ويحرم الفلسطينيين من أراضيهم.
- منذ مارس 2018، نصب المستوطنون كرفانات في البويرة، مانعين الفلسطينيين من الوصول لأراضيهم، بدعم من قانون "أملاك الغائبين" الذي يسهل الاستيلاء على الأراضي.
- بلدية الخليل تقاوم التوسع الاستيطاني بعقد جلسات والتخطيط لتقديم اعتراضات قانونية، رغم قلة التفاؤل بفعاليتها، في محاولة لتعطيل البؤرة الاستيطانية ومنع زحف الاستيطان.

تتزايد أطماع الاحتلال الإسرائيلي في منطقة البويرة شمال شرقي الخليل جنوبي الضفة الغربية، لتحقيق هدف استيطاني بربط الكتل الاستيطانية الصغيرة بالمستوطنة الكبيرة "كريات أربع" عبر إقامة بؤرة استيطانية جديدة تدعى "مفسار"، مما يؤدي إلى فصل مدينة الخليل عن قراها الشرقية، وبالتالي منع عشرات العائلات الفلسطينية من الوصول إلى أراضيها.

وكان مجلس المستوطنات قد وضع مطلع الشهر الحالي مخططاً ينصّ على تحويل أراضٍ زراعية في منطقة البويرة، إلى بؤر استيطانية، إذ ستبنى وحدات استيطانية على مساحة 24 دونماً، ونحو 32 دونماً ستخصص لمناطق ترفيهية (شوارع وخدمات) على حساب أراضي الفلسطينيين التي استولى عليها الاحتلال قبل عقود، ويعطيها صفة الملكية تحت بند "أملاك الدولة"، كما يقول الباحث في مركز أبحاث الأراضي، راجح التلاحمة، لـ"العربي الجديد"، اليوم الخميس.

وكان المستوطنون قد نصبوا، في 5 مارس/ آذار عام 2018، أربع كرفانات في منطقة البويرة، تحديداً على جبل جويحان الواقع بين مستوطنتي كريات أربع وخارصينا، تمهيداً لتنفيذ المخطط الاستيطاني لإنشاء بؤرة أطلق عليها اسم "مفسار". وبحسب التلاحمة، فإنّ الاحتلال عمد منذ نصب الكرفانات حتى نهاية الشهر الماضي، إلى منع المزارعين من الوصول إلى أراضيهم المحيطة بالبؤرة الاستيطانية، إضافة إلى تخريب محاصيلهم الزراعية، مثل قطع أشجار الزيتون والعنب، ومنعهم من إجراء أي إصلاحات زراعية، عدا عن حرمانهم من البناء والتوسّع العمراني.

وقال التلاحمة إنّ "الكرفانات منذ نصبها حتى اليوم لم تستخدم في أي شيء ولم يقطنها أحد، لكنّها وضعت لإضافة شرعية استيطانية، وهذا ما يسمى وفق الخبراء بـ (الاستيطان الإحلالي)، والذي يمهّد لإحلال مستوطنين غرباء على أراضٍ يمتلكها الفلسطينيون، وذلك في توسّع على حساب أراضيهم القروية والمدنية".

ويتعامل الاحتلال مع الأراضي التي ستقام عليها البؤرة الاستيطانية على أنها تحت بند "أملاك الغائبين"، وهو قانون أقرّه الكنيست الإسرائيلي، في 14 مارس/ آذار 1950، ينصّ على أنّ كل يهودي أو فلسطيني ترك أو هجر مكانه عام 1947 "غائب"، ويحق للسلطات الإسرائيلية التصرّف بأملاكه تحت إطار هذا القانون. وينتهج الاحتلال في الخليل، وفق التلاحمة، سياسة ربط المستوطنات بعضها بالبعض الآخر عبر إقامة بؤرة "مفسار" كونها تقع في الأراضي الفارغة التي تفصل بؤرة "خارصينا" الاستيطانية الواقعة شمال مستوطنة "كريات أربع" المقامة على أراضي الخليل، وبالتالي تهديد مئات الدونمات المحيطة في المنطقة.

وسيعمل الاحتلال على إنشاء منطقة أمنية عازلة على حدود البؤر الاستيطانية، ما يزيد بالتالي المخاوف من السيطرة على مئات الدونمات للأراضي الفلسطينية عبر منع أصحابها من الوصول لها، لا سيّما وأن مدخل البؤرة مرتبط بالشارع الرئيسي "خط 60"، ما يعني قطع الطريق على بلدات بيت عينون، وسعير، وبني نعيم، كما يقول التلاحمة، الذي بيّن أن نشر مجلس المستوطنات لمخطط تفصيلي لإقامة البؤرة، "يعني أنهم يتعاملون مع الحي الاستيطاني على أنه مرخص وشرعي، لا سيّما وأن الاحتلال يتعامل بخصوصية مع الاستيطان في مدينة الخليل، التي يستوطن في شرقها الوزير الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن غفير".

جهود بلدية الخليل لمقاومة الاستيطان

بدورها، تقول نائب رئيس بلدية الخليل، أسماء الشرباتي، في حديثها لـ"العربي الجديد"، إنّ مسؤولي البلدية عقدوا 3 جلسات منذ أسبوع "لبحث سبل تعطيل إقامة البؤرة الاستيطانية مع الجهات المعنية مثل هيئة مقاومة الجدار والاستيطان، ونخبة من المحامين، وغرفة تجارة وصناعة الخليل التي تملك أراضي محاذية لمكان إقامة البؤر، لأن ذلك يهدد أراضيهم بالاستيلاء، ومن ناحية أخرى يمنعهم من الوصول إليها". 

وأعربت الشرباتي عن عدم تفاؤلها من جدوى "الجهود القانونية"، إذ إن الاحتلال أصدر "قراراً وبدأ ينفّذه على الأرض بخصوص إقامة البؤرة"، لكنها قالت إنّ مسؤولي البلدية "سيعملون على جمع اعتراضات من أهالي المنطقة المحاذية للبؤرة، وتوكيل محامٍ خاص ينوب عن جميع الجهات الرسمية لمتابعة الملف في المحاكم الإسرائيلية"، مشيرة إلى أن إقامة البؤرة على الأراضي التي يدّعي الاحتلال أنه يملكها، ستحول دون وصول طواقم بلدية الخليل إلى طرقٍ رئيسية تتبع للبلدية، وسيمنع البلدية من إيصال خدماتها لسكّان منطقة البويرة، لا سيّما أنّ المنطقة تصنف "ج" وفق اتفاقية أوسلو (1993)، أي إنها تحت السيطرة الأمنية والمدنية الإسرائيلية. 

وبحسب الشرباتي، فإن بلدية الخليل "تحاول عبر استعدادها لتقديم اعتراض في المحاكم الإسرائيلية، كسب الوقت من أجل تعطيل إقامة البؤرة، لأن إقامتها تعني إفراغ المناطق الزراعية شرق الخليل التي تعتبر مصدراً أساسياً للدخل المادي للعائلات التي تقطن البويرة، بالإضافة إلى أن المخطط يعتبر تمهيداً لزحف استيطاني يطاول جميع المناطق المصنّفة (ج) في الخليل"، محذّرة من أنّ "الاستيطان يتوسع في المناطق الشرقية وفي عمقها الداخلي في محيط البلدة القديمة من الخليل، والاحتلال يستغل الوقت الذي ينشغل فيه العالم بالعدوان الإسرائيلي على غزة".

وبحسب المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية (مدار)، فإن البؤر الاستيطانية، على خلاف المستوطنة التي تبنيها حكومة الاحتلال في الضفة الغربية، تشيد من دون الحصول على التصريح المطلوب. وفي بداية العام 2024، هناك تقدير بأن عدد البؤر الاستيطانية قد يصل إلى 160-180 بؤرة. ومن ناحية القانون الدولي، لا يوجد تمييز بين البؤرة الاستيطانية والمستوطنة، فكلتاهما تعتبران انتهاكا للقواعد التي يجب أن تحكم إسرائيل باعتبارها قوة احتلال "مؤقت"، إذ إنه حسب القانون الدولي، لا تملك إسرائيل الحق بإجراء تغييرات على وضع الأرض المحتلة بما يشمل نقل سكانها الإسرائيليين للعيش هناك.

المساهمون