عقوبات واشنطن على "الحشد": توقعات بتهدئة من إدارة بايدن

عقوبات واشنطن على "الحشد": توقعات بتهدئة من إدارة بايدن

14 فبراير 2021
محاولات لإدراج "منظمة بدر" على لائحة العقوبات (أحمد الربيعي/فرانس برس)
+ الخط -

شهدت السنوات الأربع الماضية، إدراج نحو 15 قيادياً بارزاً في فصائل عراقية مسلحة، وسياسيين عراقيين، على لائحة العقوبات الأميركية، ضمن سياسة الضغط التي انتهجتها إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب في الملف العراقي ضد القوى الحليفة لإيران. اليوم، وفي ظل رئاسة جو بايدن الولايات المتحدة، تختلف توقعات برلمانيين وسياسيين عراقيين بشأن طبيعة التعامل الأميركي مع ملف القوى المسلحة الحليفة لطهران، وسط تفاؤل أطراف سياسية بتهدئة على مستوى تعامل واشنطن في الملف العراقي، قد توقف عقوبات وشيكة منتظرة على قياديين آخرين، كانت الإدارة الأميركية السابقة قد لوّحت بها مطلع ديسمبر/كانون الأول الماضي.

يتوقع العراق تعاملاً مختلفاً من إدارة بايدن في الملف، قد لا يحصل دفعة واحدة

وأشار عضو البرلمان العراقي، عن "تيار الحكمة" بزعامة عمّار الحكيم، النائب علي البديري، إلى وجود بوادر جيدة من الإدارة الأميركية الجديدة لترطيب الأجواء مع القوى السياسية المختلفة، متوقعاً في حديث مع "العربي الجديد" أن تجري مراجعة لأغلب القرارات التي اتُخذت في عهد ترامب، في ما يتعلق بالملف العراقي تحديداً. ورجّح البديري "وجود تحركات بعيدة عن الإعلام، في ما يتعلق بإلغاء أو تجميد الكثير من قرارات إدارة ترامب المتعلقة بالعراق، ومنها العقوبات على الشخصيات العراقية في الحشد أو تلك السياسية". وقال النائب عن "تيار الحكمة"، إن الأمور تسير نحو التهدئة، وإن الأجواء السياسية الداخلية والخارجية تشير إلى ذلك، بخلاف ما جرى خلال فترة حكم ترامب.

في الأثناء، ردّ مسؤول عراقي في مكتب رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي على سؤال حول ما إذا كان هناك أي تحرك عراقي بشأن القرارات الأميركية المتخذة تجاه العراق خلال ولاية ترامب، مثل العقوبات على شخصيات سياسية وفصائلية حليفة لإيران، وتحجيم المساعدات المالية المقدمة في برامج إعادة الإعمار، وتدريب القوات العراقية، وصولاً إلى إعادة التفاهمات حول بعض الجوانب العسكرية التي تعثرت بعد تداعيات اغتيال قائد "فيلق القدس" قاسم سليماني (مطلع العام الماضي في بغداد). وأكد المصدر أن "العراق يتوقع تعاملاً مختلفاً"، لكنه رأى في حديث لـ"العربي الجديد"، أن ذلك "لن يتم مرة واحدة، ويتوقف أيضاً على التطورات الداخلية في العراق وفي المنطقة". وكشف المسؤول، الذي طلب عدم ذكر اسمه، أن الاتصال الوحيد بين بغداد والإدارة الأميركية الجديدة تمّ بين وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين ونظيره الأميركي أنتوني بلينكن، الأسبوع الماضي، وجرى خلاله تناول أهمية دعم حكومة الكاظمي والوصول إلى انتخابات نزيهة.

في المقابل، كشف عضو البرلمان العراقي السابق رزّاق الحيدري، عن "تحركات سياسية لإلغاء العقوبات الأميركية على قيادات الحشد الشعبي، بحسب ما تمّ تسريبه لنا في الأيام الأخيرة". ورأى الحيدري، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "الأميركيين يجب أن يتعاملوا مع الحشد الشعبي كقوة موجودة على الأرض، ولا يمكن تجاوزها". ولفت إلى أن "بعض دول الجوار لديها فيتو كبير على الحشد الذي يعتبرونه تابعاً لدول أخرى، وأن قراره يصدر من دول أخرى، وكلّ ذلك يحتاج إلى حلول من خلال حوار عراقي خالص عبر المؤسسات الرسمية، ومنها وزارة الخارجية".

وكان النائب عن تحالف "الفتح"، الجناح السياسي لـ"الحشد الشعبي"، حامد الموسوي، قد اتهم، الأسبوع الماضي، ما وصفها بـ"أجندات خارجية ودفع داخلي عراقي وإقليمي يقف وراء العقوبات التي فرضتها الخزانة الأميركية على بعض الشخصيات العراقية"، مُقراً بوجود محاولات لـ"إدراج منظمة بدر (بزعامة هادي العامري، تأسست عام 1982، ومن أكثر التنظيمات المسلحة ولاء لإيران) ضمن قائمة الإرهاب من خلال الكونغرس". واعتبر الموسوي في إيجاز صحافي نقلته وسائل إعلام محلية، أن غياب الوحدة الداخلية جعل الولايات المتحدة تتدخل في الشأن العراقي.

وخلال الأسابيع الأخيرة من ولاية ترامب، فرضت وزارة الخزانة الأميركية عقوبات على شخصيات عراقية بارزة، بينها قيادات في "الحشد الشعبي"، أبرزهم رئيس "هيئة الحشد الشعبي" فالح الفياض، ورئيس أركان "الحشد" أبو فدك المحمداوي، بسبب اتهامات متعلقة بالمساهمة في قمع التظاهرات العراقية التي انطلقت في أكتوبر/تشرين الأول 2019، وسقط خلالها أكثر من 700 قتيل وآلاف الجرحى من المحتجين.
وكانت الخزانة الأميركية قد أدرجت سابقاً على لائحة العقوبات قيادات بارزة عدة في مليشيات مرتبطة بإيران. ومن الذين طاولتهم هذه العقوبات، قيس الخزعلي، زعيم مليشيا "عصائب أهل الحق"، وهو فصيل مسلح مرتبط بإيران ومتورط في جرائم تطهير وخطف وإعدامات بدوافع طائفية في مدن عراقية عدة. كما فرضت عقوبات على شقيق قيس الخزعلي، ليث، المتهم بإدارة مجموعات مناهضة للمتظاهرين والاتجار بالسلاح، فضلاً عن حسين اللامي، الملقب بأبو زينب اللامي، وهو مسؤول ما يعرف بـ"أمنية الحشد"، المتهم بالوقوف وراء خطف المتظاهرين والناشطين خلال الفترة الأخيرة. كما فرضت عقوبات أميركية على زعيم مليشيا "حشد الشبك"، وعد القدو، وزعيم مليشيا "النجباء" أكرم الكعبي، وزعيم مليشيا "بابليون" ريان الكلداني.

تجري تحركات سياسية عراقية لإلغاء العقوبات الأميركية على قيادات الحشد الشعبي

وتعليقاً على التوقعات بالتهدئة، وكيفية إدارة ملف العقوبات مع وصول بايدن للبيت الأبيض، استبعد الخبير السياسي العراقي، أحمد الحمداني، أي رفع قريب للعقوبات الأميركية، لكنه أقرّ بوجود بوادر تهدئة قد تحول دون إضافة أسماء جديدة على اللائحة، محذراً من أن يكون العراق جزءاً من صفقة أميركية - إيرانية جديدة تزيد من مأزق انتقاله إلى بلد مستقل ومدني.
واعتبر الحمداني، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "أي تخفيف من وطأة العقوبات أو تقارب أميركي مع القوى السياسية والمسلحة الموالية لإيران في العراق، يعني بشكل عملي استعداء التيار المدني في البلاد، الذي مثّلته الاحتجاجات الشعبية. كما أنه سيكون رسالة سلبية للغاية لكل العراقيين بشأن ترسيخ الهيمنة الإيرانية على البلاد". وأشار الخبير السياسي إلى أن "الإدارة الأميركية ليست مطالبة بتشديد العقوبات أو رفعها، بقدر ما أن عليها تبعات والتزامات أخلاقية تجاه العراق تتمثل بإصلاح الأخطاء التي ارتكبتها في هذا البلد، وأدت في النهاية الى ما نحن عليه اليوم من خراب بعد 18 سنة من الاحتلال الأميركي وإسقاط النظام السابق". وأضاف أن "المتورطين في العنف والانتهاكات والتبعية للخارج هم أنفسهم المتورطون في الفساد المالي وإفقار البلاد، لذا الحلقة واحدة ومعقّدة للغاية، وآمال العراقيين في التغيير من خلال الانتخابات ليست كما يتوقع الغرب، بل إنها قد تؤدي إلى خيبة أمل كبيرة، لذا هناك التزام أخلاقي للأميركيين تجاه العراق في إخراجه من النفق الذي ألقوه فيه".