سعيد يلتقي مجموعة من النواب بحثاً عن مخرج لأزمة الحكم في تونس

سعيد يلتقي مجموعة من النواب بحثاً عن مخرج لأزمة الحكم في تونس

10 فبراير 2021
تونس تشهد إحدى أصعب فترات تاريخها على المستويات كافة (الأناضول)
+ الخط -

تزداد أزمة "اليمين الدستوري" لتمرير التعديل الحكومي تعقيداً في تونس، فبعد أكثر من أسبوعين على تصويت البرلمان بالموافقة على تغيير 11 حقيبة يتمسك الرئيس التونسي قيس سعيد من جانبه بـ"فيتو" رفض استقبال الوزراء لأداء القسم الدستوري، ليختار رئيس الحكومة هشام المشيشي دعوة خبراء القانون بحثاً عن مخرج لأزمة الحكم.

وعقد سعيد اجتماعاً في قصر الرئاسة بقرطاج ظهر اليوم الأربعاء دعا إليه مجموعة من البرلمانيين من مختلف الكتل، مستثنياً كتلة قلب تونس وائتلاف الكرامة والحزب الدستوري الحر.

وخصص الاجتماع، بحسب بلاغ صادر عن الرئاسة التونسية، "لتباحث الوضع السياسي في البلاد، وخاصة أسباب الأزمة الراهنة المتعلقة بأداء اليمين والتحوير الوزاري، والحلول المطروحة للخروج منها، والتي تقوم أساساً على احترام علوية الدستور والقوانين واحترام مؤسسات الدولة".

وحضر اللقاء ستة نواب عن الكتلة الديمقراطية المعارضة، تتقدمهم سامية عبو وزهير المغزاوي وهيكل المكي ومحمد عمار ونبيل حجي وهشام العجبوني ونائبان عن حزب النهضة؛ وزير حقوق الإنسان الأسبق سمير ديلو ووزير التشغيل الأسبق نوفل الجمالي، ونائبان عن تحيا تونس؛ مروان فلفال ومصطفى بن أحمد، والنائب المستقل عن غير المنتمين لكتل برلمانية حاتم المليكي.

وقال سعيد بحسب البلاغ: "إن التحوير الوزاري تشوبه العديد من الخروقات، مجدّداً حرصه على تطبيق الدستور. كما أكّد أننا في وطن حر، وأن حل الأزمة القائمة يكون باحترام النص الدستوري لا بالتأويلات أو الفتاوى، التي في ظاهرها حق وفي باطنها تجاوز للدستور، ولا بالبحث عن مخرج قانوني مستحيل".

 

في مقابل ذلك دعا المشيشي مجموعة من أساتذة القانون الدستوري وعمداء كلّيات الحقوق قصد الاستئناس بمقترحاتهم وآرائهم لتجاوز تعطيل تفعيل التحوير الوزاري، والذّي تسبّب في تعطّل مصالح الدولة، بحسب بلاغ رئاسة الحكومة.

وأكد المشيشي "أنّ تونس تشهد إحدى أصعب فترات تاريخها، سواء على المستوى الاقتصادي والاجتماعي أو الدستوري والمؤسّساتي"، مشيراً إلى أن "المسار الديمقراطي الذّي يتمّ بناؤه منذ عشر سنوات يفرض علينا جميعاً المحافظة عليه وترسيخه، وأنّ الممارسة تفرز جملة من الصعوبات والاختلافات على مستوى القراءات القانونية والدستورية، كما تفرض الاحتكام والاستئناس برأي أهل العلم والمعرفة والخبرة".

وأكّد رئيس الحكومة التونسية "أنّ هذه الوضعية تحيلنا على تأخّر تركيز المحكمة الدستورية التي تختصّ في الحسم في هذه الإشكاليات، داعياً في هذا الإطار إلى التعجيل في تركيزها في أقرب الآجال".

وفي تصريح إعلامي أفاد أستاذ القانون العام بكلية العلوم القانونية والسياسية والاجتماعية بتونس هيكل بن محفوظ بأن "الأزمة سياسية بالأساس وتحتاج إلى حلول سياسية إضافة لحلول قانونية في إطار الدستور".

وتابع بن محفوظ أنه يعتبر أن "الحلول التقنية لا تضمن سيرورة هياكل الدولة وسلاسة العلاقة بين رأسي السلطة التنفيذية، مضيفاً أنه تمّ النظر في بعض الخيارات ضماناً للحدّ الأدنى من الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي".

وعلى نحو مماثل أشار بن محفوظ إلى أنّه "مهما كانت الخيارات لا يجب أن تحدث سابقة قانونية أو ممارسة تخرج عن الإطار الدستوري حتى لا يتمّ اعتمادها في خلافات مستقبلية، لذلك من الواجب البقاء في إطار يضمن مسار الانتقال الديمقراطي".

 

ومن ضمن الحلول المتاحة، أوضح أستاذ القانون أن "هناك من تحدّث عن الوساطة أو إمكانية التحكيم أو مواصلة التفاوض، لكن هناك إجماعاً بأن المسألة سياسية، وبالتالي تحتاج لحلول سياسية مع وجوب البناء على قاعدة قانونية، وعلى المصلحة العليا، ومبدأ استمرارية الدولة في إطار احترام السلطات لبعضها والتعاون فيما بينها"، مبرزاً أن "تونس قادرة على استنباط الحلول شرط أن تبقى في سياق تعزيز المسار الديمقراطي، وليس الخروج عن دور المؤسسات والانتقال الديمقراطي".

واعتبر المحلل السياسي عبد المنعم المؤدب في تعليق لـ"العربي الجديد" أن أزمة التعديل الوزاري خلقت أزمة حكم خانقة لا مخرج منها سوى بحل سياسي يرضي طرفي النزاع، مشيراً إلى أن الأزمة تجاوزت الخلاف القانوني والتأويل الدستوري إلى صراع من أجل "البقاء".
وبين المؤدب أن الحل والمخرج يكمن في خلق وساطة بين رأسي السلطة التنفيذية من خلال تحكيم شخصيات اعتبارية وازنة لتقريب وجهات النظر وإيجاد أرضية مشتركة بين الرجلين.
ولفت المحلل إلى أن دعوة سعيد لبرلمانيين من أربع كتل وزانة، بما فيها كتلة النهضة، الأولى عددياً في البرلمان، يمهد الطريق نحو تحكيم عقلاء، وإيجاد مخرج مؤسساتي بالعودة للبرلمان لفض الخلاف، غير أن استثناء ثلاث كتل من بينها كتلتان من الحزام الداعم للمشيشي فيه إشارة منه لصعوبة التوافق معها.