"دعم التحول الديمقراطي": الانتقال معطل في تونس وسلبي في مصر وليبيا

"دعم التحول الديمقراطي": الانتقال معطل في تونس وسلبي في مصر وليبيا

28 نوفمبر 2020
ناقش المركز "تعثر التحول بين جمود المؤسسات وعسكرة الدولة والمجتمع" (فرانس برس)
+ الخط -

قدم مركز "دعم التحوّل الديمقراطي وحقوق الإنسان" (مؤسسة شبه إقليمية غير حكومية مستقلة تأسست عام 2015 ومقرها تونس)، تقريره نصف السنوي للفترة الممتدة من 01 أبريل/ نيسان إلى 30 سبتمبر/ أيول 2020 بخصوص مسارات الانتقال الديمقراطي وحقوق الإنسان في كل من تونس وليبيا ومصر، تحت عنوان "الانتقال الديمقراطي: تعثر التحول بين جمود المؤسسات وعسكرة الدولة والمجتمع".

وبحسب التقرير الذي عرض خلال مؤتمر افتراضي، الجمعة، فإن تونس "تواجه عطلا انتقاليا بين سقف التحولات ومآلات عمليات التحول، وتشهد المؤسسات جمودا بسبب الصراع السياسي والتركيز على المصالح الضيقة، أما مصر وليبيا فتواجهان نتائج سلبية".

ويرى التقرير أن أزمة الأحزاب في تونس بين الخطاب والممارسة مثلت أحد عوامل هذا الجمود، وهو ما أتاح صعود تيارات لا تتماشى ورهانات تكريس الديمقراطية، ما أدى إلى توقف عملية الإصلاح العميقة لسياسات الدولة، وهو ما عمقته الأزمة الصحية بسبب جائحة كورونا في تونس. 

وأشار إلى تواصل أزمة الحكم في تونس، في ظل صراع رأسي السلطة التنفيذية وتعطل العمل البرلماني، مع تواصل التداخل بين المهمة التشريعية للنواب ومهمتهم السياسية، حيث لفت التقرير إلى عدم وجود حدود واضحة بينهما لدى أعضاء مجلس نواب الشعب.

 وأشار كذلك إلى أن المؤسسة الأمنية تفضل التراجع إلى مربع القطاع الأمني بدل الأمن الجمهوري، بعد عودة مشروع قانون زجر الاعتداء على القوات المسلحة إلى أروقة مجلس النواب.

فروقات بين الدول الثلاث

وأكد المدير التنفيذي لمركز "دعم الانتقال الديمقراطي وحقوق الإنسان"، من مصر، محمد عمران في تصريح لـ"العربي الجديد" أن التقرير شمل تونس وليبيا ومصر من أبريل إلى سبتمبر، وهي الفترة التي واجهت هذه البلدان وواجه فيها العالم ككل جائحة كورونا، مضيفا أن الانتقال الديمقراطي "معطل في تونس، بل هناك نوع من الهشاشة ما يجعله مهددا، فأي أحداث كبرى وهزات قوية قد تؤثر على المسار ككل".

 وبين عمران أن "التركيز على الحقوق الاقتصادية والاجتماعية جعل التونسيين لا يركزون على أحداث هامة في بلدهم كالصراع في مجال القضاء، وتحركات الإعلاميين مؤخرا"، مشيرا إلى أن "هناك مشاكل كبرى، وفي نفس الوقت فإن تركيز المواطنين كان مع الصعوبات الاقتصادية والاجتماعية".

وبين المتحدث أن "ترذيل العمل السياسي والصراع القائم بين الأحزاب، وخاصة بين السلطة التنفيذية والتشريعية وفي ظل الفشل في إدارة عديد الملفات، كل هذا قاد إلى تعطل المسار الديمقراطي حيث لا بد من تشاركية وفكرة جديدة تقوم على إنقاذ تجربة الربيع العربي".

وأوضح أن "الصراع السياسي في تونس أدى إلى غياب الاهتمام بالتشريعات المهمة وانتخاب أعضاء المحكمة الدستورية، وإتمام الهيئات الدستورية والتشاريع والقوانين"، مضيفا أن الصراع السياسي أدى إلى نوع من الازدواجية والصراع بين السلطة التنفيذية والتشريعية.

وتابع عمران أن "الوضع في مصر مختلف نوعا ما، إذ إن هناك نوعا من عسكرة الدولة، حيث إن الوضع السياسي في مصر لا يسمح بخروج أي صوت معارض"، مبينا أنه لا مجال للتعددية والعمل الحزبي الحقيقي، مؤكدا أن كل من يحاول أن ينشط بجدية يكون خارج المشهد، وبالتالي سمح فقط بوجود الأحزاب الموالية للنظام.

وفي هذا السياق، لفت المدير التنفيذي للمركز إلى أنه "حتى عندما حاولت الأحزاب الموالية للرئيس الاعتراض على قانون الحقوق المدنية والسياسية وطريقة إعداد القائمات، والتعبير عن اعتراضها لم تفعل سوى الانسحاب، وبالتالي غير مسموح لأي منها الاعتراض والاختلاف حتى لمن هم داخل النظام"، مؤكدا أن هناك تنكيلا بالنشطاء السياسيين والحقوقيين والإعلاميين والمهنيين والأطباء، ممن ينتقدون الوضع وحتى فيما يخص تعاطي الدولة مع أزمة كورونا والنقائص الموجودة.

وأشار إلى أن "هناك تعتيما حول أوضاع السجون، ويتم تلفيق التهم للمعارضين، وفبركة القضايا بتعلة أخلقة المجتمع وبالتالي تحول الأمر إلى عسكرة المجتمع".

 وفيما يتعلق بليبيا، قال إنه تم التركيز على التسلسل الزمني للحوار السياسي الليبي، أما في تونس ومصر فقد تم التركيز على الحقوق الاقتصادية والاجتماعية في ظل أزمة كوفيد.

فوضى السلاح تبقى المسيطرة في ليبيا رغم تقدم الحوار السياسي

 

وأكد أن فوضى السلاح تبقى المسيطرة في ليبيا رغم تقدم الحوار السياسي، ولكن إلى الآن كلا الطرفين في الشرق والغرب يخضعان لرغبات الجماعات المسلحة في مناطقهم، مضيفا أنه رغم ظهور المقابر الجماعية، خاصة في ترهونة، إلا أنه وللأسف يتم التعامل مع هذا الملف سياسيا باستغلاله للضغط على المفاوضات.

وأضاف المتحدث ذاته أن الدراسة التي أنجزها المركز عملت وفق محاور لفهم مسار التحول الديمقراطي في كل بلد، حيث إن هناك نقاطا مشتركة في الدول الثلاث في الصحة وضعف البنية التحتية، والنقص في توزيع الأطباء في الجهات والتقصير في الحماية والتطهير، ما أدى إلى تسجيل وفيات في صفوف الأطباء.

اقتصاد عربي
التحديثات الحية

إضاءة على مجلس الشعب التونسي

من جانبه، قال خليل العربي، عضو وحدة الدراسات بمركز "دعم التحوّل الديمقراطي وحقوق الإنسان"، إنه تم التركيز على الإطار السياسي والتشريعي في تونس، أي على السلطة التشريعية والتنفيذية والقضائية والمؤسسات المشرفة على الانتقال الديمقراطي كمجلس نواب الشعب.

وأضاف خليل أن مجلس النواب مثلا حاول العمل على تغيير النظام الداخلي، ولكن الملاحظ أن الجانب السياسي أثر على النظام الداخلي، بهدف محاولة تسريع تمريره في الدورة البرلمانية الأولى، ولكن المجلس لم يتمكن من ذلك.

وبين أن المجلس حاول العمل على كل فصول النظام الداخلي، وهو ما أثر على الجانب الهيكلي، خاصة أن مجمل التعديلات كانت تهدف إلى منع السياحة الحزبية في محاولة لضمان استقرار المجلس، ولكن الاستقالات كانت محدودة في تلك الفترة، حيث لم تتجاوز 9 استقالات، مؤكدا أن التغيير هنا لا يمكن أن يضمن استقرار السلطة التشريعية وقيامها بدورها.

ولاحظ عضو وحدة الدراسات أن بين أسباب ضعف العمل البرلماني هو النظام الداخلي للمجلس ومحدودية ضمانات استقلاليته المالية والإدارية، لكن من بين الأسباب الأخرى نوعية الشخصيات الموكول لها مهام الوظيفة السياسية، موضحا أنه مع صعود وجوه جديدة بقيت الوجوه الحزبية تعاني رفضا إلى جانب مشاكل الأحزاب الداخلية نفسها.

وتابع خليل أن الضعف في هيكلة مجلس النواب والثغرات الموجودة سمحا بمرور خطابات سياسية وشخصيات تولت تغذية الصراعات.  

دلالات