خلافات بين الجماعات الكردية الإيرانية المعارضة لطهران في كردستان

خلافات بين الجماعات الكردية الإيرانية المعارضة لطهران في كردستان

02 يوليو 2023
مقاتلات كرديات إيرانيات معارضات بكردستان، ديسمبر الماضي (سافين حامد/فرانس برس)
+ الخط -

تتصاعد حدة الخلافات بين الأحزاب والجماعات الكردية الإيرانية المعارضة لطهران، التي تتخذ من بعض مناطق إقليم كردستان العراق الحدودية مع إيران مقراً لها، وتنشط سياسياً فيها. وبلغت حالة الخلافات مرحلة التصادم والاشتباك المسلح، كما حصل قبل أيام، على الرغم من أن أغلب هذه الجماعات تنتشر منذ ثمانينيات القرن الماضي في محافظات شمالي العراق الحدودية مع إيران وتركيا (أربيل، السليمانية ودهوك).

وأبرز تلك القوى والجماعات هي الحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني، وحزب "كومله" اليساري، وحركات شيوعية وثورية أخرى، تنتشر في مناطق بنجوين، كويسنجق، رانيا، رابرين، وأغلب تلك المناطق تقع في السليمانية وأربيل.

اشتباكات بين جماعتين كرديتين معارضتين لإيران

وفي 22 يونيو/ حزيران الماضي، اندلعت اشتباكات مسلحة بين جماعتين كرديتين معارضتين لطهران، تنشطان داخل بلدة حدودية عراقية في ضواحي محافظة السليمانية، أسفرت عن سقوط قتلى وجرحى من الطرفين.

ووفقاً لمسؤول في قوات البشمركة في مدينة السليمانية، فإن "الاشتباكات اندلعت في منطقة زاكروس، على بعد 25 كيلومتراً شرقي مدينة السليمانية، بين جمعية كادحي كردستان، وجمعية كادحي كردستان الثورية، ما أدى إلى مقتل اثنين وإصابة اثنين آخرين من الطرفين، خلال المواجهات التي استُعملت فيها أسلحة مختلفة". وأوضح المسؤول لـ"العربي الجديد" أن "النزاع المسلح استمر لأكثر من ساعة، لكن قوات البشمركة تدخلت وتمكنت من فض النزاع".


فرج كمال الدين: المخابرات الإيرانية بدأت تنشط في إقليم كردستان العراق

وذكرت اللجنة المركزية لـ"جمعية كادحي كردستان" في بيان أن "جمعية الكادحين الثورية هاجمت مراكز تدريب ومخيمات وأطلقت النار على قوات البشمركة بواسطة السلاح القناص، وأدى ذلك لمقتل اثنين من أفرادها، وهما سامان إبراهيمي وهيوا صادقي"، مضيفة: "بذلنا قُصارى جهدنا لعدم وقوع هذه الحادثة، لكنهم هم من حاولوا الإيقاع بنا".

وجاءت هذه الاشتباكات بعد يوم واحد على إعلان الانفصال بين الحركتين، إثر وحدة بينهما استمرت لنحو 7 أشهر، في ظل تأكيد مصادر كردية أخرى أن جماعة "حدك" الكردية الإيرانية المعارضة منعت في الأسابيع الأخيرة الدخول إلى مناطق انتشارها وفرضت إجراءات مشددة خشية مما تسميه العملاء الذين يعملون لصالح طهران استخبارياً.

وسبق أن وجّهت طهران في مرات عديدة اتهامات لحكومة إقليم كردستان والحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود البارزاني، بدعم الأحزاب الإيرانية الكردية المعارضة لإيران، واحتضانها وتقديم المساعدة لها، كي تقوم هذه الأحزاب بعمليات مسلحة في الداخل الإيراني. وعلى الرغم من الأهداف المشتركة لهذه الحركات، التي تعمل على زعزعة النظام الإيراني وحماية المدن الكردية في إيران، لكنها تتبادل الاتهامات فيما بينها، وأبرزها "العمالة والتآمر".

وكشف عضو بارز في حركة "كادحي كردستان" لـ"العربي الجديد" أن أحزاب المعارضة الكردية لطهران كانت قد اتفقت مطلع العام الحالي على "توحيد صفوفها في سبيل بلوغ الأهداف المشتركة". لكنه أضاف أن "الخلافات القديمة تواصلت مع انعدام الثقة والاتهامات بخدمة جهاز اطلاعات الإيرانية (الاستخبارات)، ومصادر التمويل، إضافة إلى نجاح الإيرانيين في اختراق جماعات معروفة جعل من إمكانية الانكشاف على بعضها خطراً".

واعتبر أن "العمل المشترك لهذه الأحزاب أدى إلى مقتل العديد من المقاتلين في الأجنحة المسلحة لهذه الأحزاب والحركات على يد الإيرانيين أخيراً، وهذا كان أحد أسباب الاشتباكات المسلحة الأخيرة".

من جهته، ربط السياسي الكردي الإيراني المعارض فرج كمال الدين تصاعد الخلافات بين الجماعات الكردية الإيرانية المعارضة باختراقها من قبل المخابرات الإيرانية.

وقال في حديث مع "العربي الجديد" إن "المخابرات الإيرانية بدأت تنشط في إقليم كردستان العراق، خصوصاً في مناطق حلبجة ورابرين ورانيا، وهي المناطق التي تتنشر فيها الأحزاب الإيرانية الكردية المعارضة".

ولفت كمال الدين إلى أن "الضغط الإيراني باعتقال قيادات مهمة في الداخل الإيراني من قبل الأجهزة الأمنية، أدى إلى نيل اعترافات مهمة، جعلت الشقاق يتزايد بين الأحزاب المعارضة في كردستان العراق".

وأشار إلى أن "الضغط الإيراني على الحكومة العراقية وحكومة إقليم كردستان، أدى في النهاية إلى ضغط باتجاه آخر تمارسه الأحزاب الكردية، وتحديداً الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني على الأحزاب الإيرانية المعارضة، ولم يعد نشاطها مثل ذي قبل بحرية تامة، وأصبحت هناك مراقبة على تحركاتها".


ريبين خالد: أدى ضعف تمويل الجماعات الكردية الإيرانية إلى بروز الخلافات

من جهته، لفت القيادي في "الاتحاد الوطني الكردستاني" الحاكم في مدينة السليمانية، غياث سورجي، إلى أن "الاتحاد الوطني ومنذ أيام زعيمه جلال طالباني عمل على إنهاء الانشقاقات والخلافات في صفوف الأحزاب الكردية المختلفة، أي منذ عام 2007 حين حصلت خلافات بين الأحزاب الكردية الإيرانية المعارضة، ولكن طالباني حث باستمرار على وحدة الصف وأن تكون المعارضة سياسية ومدنية فقط".

خلافات عميقة

وأكد سورجي في حديثٍ مع "العربي الجديد" أن "الاتحاد الوطني الكردستاني كان له دور في اتحاد صفوف حزب كومله (جمعية كادحي كردستان، وجمعية كادحي كردستان الثورية) وإنهاء الانشقاقات بين قادته، لكن على ما يبدو فإن الخلاف أكبر وأعمق، وهذا ما أدى إلى إعلان انفصالهما مجدداً".

وبيّن أن "الاتحاد الوطني كان السبب الرئيسي في أن تنزع الأحزاب الكردية المعارضة سلاحها، وتكتفي بالمعارضة السياسية للنظام الإيراني"، مضيفاً: "لا نقبل بمهاجمة الأراضي الإيرانية من داخل إقليم كردستان، ومنذ أشهر لم يسجل أي نشاط مسلح لتلك الأحزاب".

بدوره، رأى الباحث الكردي ريبين خالد أن "أغلب الأحزاب والحركات الكردية الإيرانية تموّل نفسها من المساعدات التي تحصل عليها من الأحزاب الكردية العراقية، فضلاً عن التهريب الذي تقوم في الشريط الحدودي بين العراق وسورية وتركيا، ونتيجة لتشديد الإجراءات الأمنية في هذا الشريط، فإن التمويل قد ضعف بشكل كبير، وصار الخلاف واضحاً".

ولفت في حديث مع "العربي الجديد" إلى أن "إيران بدأت تخترق حزب كومله، باعتباره أضعف من الحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني، وبالأساس هناك خلافات داخله، وهذا ما أدى إلى وقوع اشتباكات مسلحة في إقليم كردستان"، مضيفاً: "الاشتباكات الأخيرة لن تكون الأخيرة".

وفي نوفمبر/ تشرين الثاني وديسمبر/ كانون الأول الماضيين، نفذ الحرس الثوري الإيراني هجمات جوية وصاروخية ومدفعية واسعة، استهدفت مقرات ومواقع مختلفة لجماعات إيرانية كردية معارضة، شرقي السليمانية وشمال غربي أربيل، أسفرت عن مقتل وجرح العشرات من أعضاء تلك الجماعات بالإضافة إلى مواطنين عراقيين، عدا عن وقوع خسائر مادية بممتلكات عامة وخاصة في تلك المناطق.

وتتهم السلطات الإيرانية الأحزاب الكردية المعارضة بأنها تدعم التمرد في إيران، كما تُرسل الأسلحة والعتاد إلى داخل الأراضي الإيرانية. وتتهم طهران حكومة إقليم كردستان، تحديداً الحزب الديمقراطي الكردستاني، بدعم الأحزاب الكردية الإيرانية المعارضة.