جدل في تونس بسبب "جبر الضرر" لضحايا الاستبداد

جدل في تونس بسبب "جبر الضرر" لضحايا الاستبداد

12 يوليو 2021
جدل في تونس بسبب مطالب بتفعيل صندوق الكرامة لتعويض ضحايا الاستبداد (Getty)
+ الخط -

يتواصل الجدل في تونس بعد مطالب بتفعيل صندوق الكرامة وجبر الضرر لضحايا الاستبداد في عهد الدكتاتورية، وخاصة بعد  تصريحات رئيس مجلس شورى النهضة، عبد الكريم الهاروني، الذي قال إن على رئيس الحكومة، هشام المشيشي، تفعيل صندوق الكرامة لتعويض ضحايا الاستبداد، قبل 25 تموز/يوليو، الموافق لعيد الجمهورية التونسية، وقال الهاروني إن ضحايا الاستبداد لن يقبلوا مجدداً أي عرقلة لصندوق الكرامة، واصفاً عدم تفعيله بالجريمة. 

ووصفت حركة الشعب هذا الطلب بـ "الانتهازي النفعي من قبل حركة النهضة"، مؤكدة في بيان لها "أنها (النهضة) تحاول من خلاله استغلال الوضع في البلاد من أجل الضغط على رئيس الحكومة وتحقيق مكاسب لأتباعها، علاوة على استغلال مجلس نواب الشعب لإضفاء شرعية قانونية على هذا الانحراف الخطير".

ودعت حركة الشعب رئيس الحكومة إلى "عدم الخضوع لابتزاز حركة النهضة، وتحمل مسؤولياته كرجل دولة لحمايتها من الاستغلال الحزبي والنفعي والحفاظ على مقدراتها، في ظل هذا الظرف الصحي الدقيق الذي يتطلب توفير كل الإمكانيات لحماية أرواح الناس".

وفي المقابل  قال النائب عن التيار الديمقراطي المعارض (الكتلة الديمقراطية المعارضة مع حركة الشعب)، نعمان العش، أن "هناك العديد من المغالطات بخصوص هذا الملف، إذ إن كل من تحمل مسؤولية سياسية غير معني بجبر الضرر عن انتهاكات فترة الاستبداد، كما أن الحديث عن تمويلات بثلاثة آلاف مليار لفائدة صندوق الكرامة من خزينة الدولة كذبة كبرى، لأن تمويل هذا الصندوق متآت في جزء منه من نسبة التحكيم في قضايا المصالحة والعدالة الانتقالية، وجزء من التبرعات، وآخر من المنظمات الدولية الداعمة لمسار العدالة، خاصة وأن تونس منخرطة في اتفاقيات دولية لدعم مسار العدالة الانتقالية". 
وأضاف في تصريح لـ "العربي الجديد" أن "جبر الضرر لا يقتصر على المناضلين في الأحزاب بل أيضاً للمواطنين العاديين ممن تعرضوا لانتهاكات في عهد الدكتاتورية، وكذلك العديد من الفئات من مختلف الانتماءات، كاليوسفيين واليساريين والقوميين"، مؤكداً أنه "وردته مطالب من ضحايا ليس لديهم أحزاب تمثلهم، وقبل ملفهم في إطار الدور الرقابي للنواب"، مؤكداً "أن الإسلاميبن لديهم كتلة ستدافع عنهم".
وأشار إلى أن "العدالة الانتقالية لا تقتصر على جبر الضرر بل كشف الحقيقة والانتهاكات والمحاسبة والاعتذار للضحايا، وإصلاح المؤسسات ومنع الخروقات"، مضيفاً أنه "رغم صدور أمر حكومي سنة 2018 إلا أن المسار ظل معطلاً".

وأكد القيادي في حركة النهضة، نور الدين البحيري، في تصريح لـ "العربي الجديد" أن "صندوق الكرامة لم يتم إحداثه اليوم، بل منذ 2018 وبأمر من حكومة يوسف الشاهد"، مبيناً أن "أهم مورد من موارد صندوق الكرامة هو الهبات والتبرعات، وسيخصص لفائدة ضحايا الاستبداد من 1956 إلى ما بعد الثورة، أي إلى 2013، ويشمل المقاومين زمن الاستعمار واليوسفيين واليساريين والشيوعيين والنقابيين وضحايا أحداث يناير 1974 و1987 والحوض المنجمي وغيرهم" .
وعن تساؤل البعض حول التوقيت الحالي المطالب بتفعيل صندوق الكرامة، أي بعد ثلاثة أعوام، في حين أن الأولوية هي للجانب الصحي، قال "حركة النهضة تدرك جيداً أن تونس تخوض حرباً ضد وباء قاتل، وضحاياه في تضاعف مستمر وبنسق كبير، ولذلك حرصت في آخر مجلس شورى لها على التأكيد على أن تكون الأولوية المطلقة لمقاومة الوباء ولحماية التونسيين، وبالتالي يظل هذا الموضوع في المرتبة الأولى"، مشيراً إلى أن الحركة "دعت أصدقاءها في الداخل والخارج والتونسيين في المهجر للتبرع،  والمنظمات وأبناء الحركة للتجند لمحاربة كورونا والتبرع والتطوع، وقاد منخرطو النهضة حملة أطلق عليها "الفزعة" للمطالبة بإنقاذ المنظومة الصحية العمومية وحماية تونس، والتعالي على التجاذبات والصراعات، ما خلق نوعاً من الصحوة والدعوة لتطبيق البروتوكول الصحي".
ويرى رئيس حركة وفاء، عبد الرؤوف العيادي، والذي نشر اليوم فيديو لتوضيح بعض المسائل بخصوص هذا الملف، أنه مرت 10 سنوات على الثورة، ولم يتم تعويض ضحايا الاستبداد، مؤكداً في تصريح لـ "العربي الجديد" أن "طرح ملف التعويض مبني على أساس قانون العدالة الانتقالية، ويهدف إلى فرض القانون وبناء دولة القانون، ولكن للأسف يتجاهل البعض حقوق الناس"، وأضاف العيادي أن هناك "نوعاً من تبرير القمع في عدم حصول الضحايا على حقوقهم".

وتابع أن "هناك من قدموا تضحيات وسجنوا وطاولهم التعذيب، ومن يتحدث عن ظرف صحي غير ملائم لا يعرف أن تفعيل صندوق الكرامة لن يمول في ليلة وضحاها، بل هو مسار يتطلب وقتاً طويلاً، ولا بد من الشروع فيه وطرح تمويل الصندوق".

المساهمون