تراجع الأمن بالعراق يعيد "المخبر السري": مخاوف من اعتقالات كيدية

تراجع الأمن بالعراق يعيد "المخبر السري": مخاوف من اعتقالات كيدية

31 يناير 2021
قوات الأمن في مناطق كثيرة عاودت الاعتماد على متعاونين بصفة مخبرين (حيدر حمداني/فرانس برس)
+ الخط -

تثير عمليات الاعتقالات العشوائية التي تنفذها القوات النظامية العراقية، إلى جانب فصائل "الحشد الشعبي"، في مدن عدة من شمال وغربي البلاد، والتي اتسعت أخيرا لتشمل مناطق ضواحي العاصمة بغداد، وطاولت أعدادا كبيرة من المواطنين، مخاوف العودة لسنوات "المخبر السري".

ويعتبر نظام "المخبر السرّي" الذي ابتدع خلال حكومة رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، مطلع عام 2007 تحديدا، أحد أساليب تحصيل المعلومات، إذ يتم تلقي المعلومات من أشخاص مقابل مكافآت مالية، وعادة ما تبنى الإفادات التي يقدمها المخبر على معلومات غير صحيحة، تسببت في الزج بعشرات آلاف المواطنين في السجون، قبل أن يقرر مجلس القضاء الأعلى في البلاد إلغاء الاعتماد على إفادات المخبر السري، مقرا بأن 498 مخبرا سريا تمت إحالتهم للقضاء بتهمة البلاغ الكاذب في بغداد وحدها.

واليوم الأحد، أقر مسؤول عراقي رفيع في بغداد، في حديث لـ"العربي الجديد"، بأن "أكثر من 80 بالمائة من الاعتقالات الأخيرة التي أعقبت الاعتداءات الإرهابية في بغداد لم تكن بناء على مذكرات قضائية، بل من خلال عمليات منح فيها الضابط أو المسؤول الأمني عن المنطقة الصلاحية في الاعتقالات الظنية، بمن فيهم زعماء الفصائل المسلحة"، مؤكدا أن "الاعتقالات تركزت في صلاح الدين والأنبار ومناطق حزام العاصمة بغداد على وجه التحديد، إضافة إلى الموصل وضواحيها".

يعتبر نظام "المخبر السرّي" الذي ابتدع خلال حكومة رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، مطلع عام 2007 تحديدا، أحد أساليب تحصيل المعلومات، إذ يتم تلقي المعلومات من أشخاص مقابل مكافآت مالية، وعادة ما تبنى الإفادات التي يقدمها المخبر على معلومات غير صحيحة

ولفت إلى أن "قوات الأمن في مناطق كثيرة عاودت الاعتماد على متعاونين بصفة مخبرين، وتتعامل مع المعلومات التي يقدمونها بجدية كبيرة"، متحدثا عن أن "الجانب الشخصي أو المشاكل العشائرية والاجتماعية لا يمكن إغفالها في عمل أولئك المخبرين"، مبينا لـ"العربي الجديد"، أن "الحواجز الأمنية المتنقلة بدأت تنصب في مداخل تلك المناطق، وتشهد أيضا اعتقالات، كثير منها بناء على اجتهادات أو انطباعات المسؤول في النقطة الأمنية عن الشخص المار فيها".

النائب عن محافظة ديالى، رعد الدهلكي، حذّر من خطورة تنفيذ عمليات اعتقال عشوائية، من دون أوامر قضائية، وقال لـ"العربي الجديد": "الاعتقالات العشوائية التي شهدتها البلاد في السنوات السابقة أثبتت فشلها، وكانت نتائجها سلبية على استقرار وأمن العراق، ويجب على رئيس الوزراء ألا يعيد تلك الاعتقالات العشوائية والمخبر السري الذي كان مخبرا انتقاميا".

وأكد الدهلكي: "ندعم العمليات الأمنية، والعمل الاستخباري، وتقوية القوات الأمنية"، مشددا "نرفض العودة إلى الخلف وضرب لحمة البلد من خلال تفعيل المخبر السري مرة أخرى".

وأشار إلى أن "الحملات التي تجري حاليا للدهم والتفتيش هي حملات تخبطية ولا جدوى منها. الأمن يفرض بتوفير الإجراءات الأمنية الصحيحة واندماج قوات الأمن وتقاربها مع المواطنين، لا بقمعهم وتنفيذ حملات دهم وتفتيش واعتقال ضدهم"، محذرا من "محاولات العزف على الوتر الطائفي، التي تدفع باتجاهها بعض الجهات، والتي تريد العودة إلى الوراء".

وشدد: "على الكاظمي أن يعي خطورة هذه الدعوات، وأن يبعد الملف الأمني عن الضغوطات السياسية".

عضو لجنة الأمن في البرلمان السابق، حامد المطلك، حذّر من خطورة العودة لمرحلة المخبر السري، داعيا إلى اعتماد المعلومات الاستخبارية الدقيقة، في عمليات التفتيش. 

وقال المطلك، لـ"العربي الجديد"، إنه "حتى الآن هناك الكثير من المعتقلين والسجناء الذين حكموا على المخبر السري، ولم يصدر أي توضيح حكومي أو قانوني تجاههم"، مبينا أن "المخاوف من المخبر السري تجددت حاليا في ظل هذه الظروف المتردية والتراجع الأمني".

وأكد على ضرورة أن "يقف الرأي العام بقوة ضد عودة هذه الأفعال والأعمال غير المقبولة، لأنها تؤثر بشكل كبير على علاقة المواطن بأجهزة الدولة والقضاء وثقة المواطن بها"، معتبرا أن "عودة عمليات الدهم والتفتيش أمر يبعث على القلق، سيما وأن تلك العمليات لا تستند إلى معلومات استخبارية دقيقة، في وقت يجب فيه ألا تنفذ أي عملية إلا استنادا على قضاء عادل وتحرك قانوني، وألا يفتح الباب للمخبر السري مجددا لإعادة نشاطه".

تقارير عربية
التحديثات الحية

ووسعت القوات الأمنية أخيرا، عملياتها الأمنية، وعمليات الدهم والتفتيش والاعتقال، في عدد من المحافظات، شهدت اعتقالات في عدد من المناطق.

وحذر رئيس كتلة "الحق" أحمد المساري، في وقت سابق أمس السبت، من ظهور تنظيمات إرهابية جديدة تخلف تنظيم "داعش" في حال استمرار الظلم والتمييز ضد سكان المحافظات الغربية والشمالية من قبل الحكومات المركزية المتعاقبة، وفقا لقوله.

وأضاف المساري، في بيان صحافي نقلته وسائل إعلام محلية عراقية، أن سياسة الظلم والإقصاء والتهميش ضد المواطنين تمثل البيئة الصانعة والحاضنة للتنظيمات الإرهابية، حيث تستغل تلك المظالم في صنع التنظيمات الإرهابية".

وأضاف أن "تجنب ذلك يتم من خلال مواجهة الطائفية، رغم أننا تجاوزناها بشكل كبير، إلا أن هناك بعض الأحزاب ما تزال تتحدث بنفس طائفي. والأمر الثاني هو محاربة الفساد المستشري في جميع مفاصل الدولة لكي تتوفر الخدمات للمواطنين". 

المساهمون