بولسونارو يمهّد للعودة وقيادة المعارضة

بولسونارو يمهّد للعودة وقيادة المعارضة: أزمة قضائية وسياسية تنتظر البرازيل

16 فبراير 2023
بولسونارو في ميامي ـ فلوريدا، 3 فبراير الحالي (جو رادلي/Getty)
+ الخط -

أعلن الرئيس البرازيلي السابق، جايير بولسونارو، مساء أول من أمس الثلاثاء، أنه يخطط للعودة إلى برازيليا في شهر مارس/آذار المقبل، لقيادة المعارضة في وجه الرئيس المنتخب لويس إيناسيو لولا دا سيلفا "لولا"، في خطوة من شأنها أن تجدد التوتر السياسي الذي تفجّر في 8 يناير/كانون الثاني الماضي، جراء اقتحام أنصاره القصر الرئاسي والمحكمة العليا والكونغرس (الذي يضم مجلس النواب والشيوخ) في العاصمة البرازيلية، وذلك بعد أيام فقط من تنصيب لولا.

وعلى الرغم من نفي بولسونارو المتكرر عدم تورطه في الاقتحام، فقد وافقت المحكمة العليا في البرازيل، في يناير الماضي، على فتح تحقيق بشأن ما تردد عن دوره في تشجيع الاحتجاجات المناهضة للديمقراطية.

العودة لقيادة المعارضة

وذكرت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية، أن بولسونارو، المقيم حالياً في بوكا راتون في ولاية فلوريدا منذ 30 ديسمبر/كانون الأول الماضي، تحدث عن نيته العودة لقيادة المعارضة السياسية والدفاع عن نفسه ضد اتهامات التحريض الموجهة له، بالرغم من كل العقوبات القانونية التي من الممكن أن يواجهها.

وبحسب الصحيفة، فإنه يعتبر نفسه الآن "الزعيم الوطني لليمين، لا يوجد أحد آخر في الوقت الحالي"، مشيرا إلى أنه سيدعم المرشحين المحافظين في أكثر من 5 آلاف بلدة ومدينة قبل الانتخابات البلدية العام المقبل.

المحكمة العليا تحقق في دور بولسونارو في هجوم 8 يناير

وقال إنه لا يزال مترددا بشأن ما إذا كان سيرشح نفسه للرئاسة مرة أخرى، مضيفا أن الوظيفة كانت "أصعب بكثير" مما كان يتصور. وجاء موقف بولسونارو الجديد، بعد أيام من قوله إنه "ينوي العودة إلى البرازيل في الأسابيع المقبلة"، حسبما نقلت عنه قناة "سي أن أن البرازيل"، السبت الماضي، معتبراً أنه "علينا أن نواجه المشاكل".

وقال: "حكمنا بدون فساد. عملنا بقلب وأمانة. لا يمكن تبرير أي إجراء انتقامي أو ملاحقة"، في وقت تجري المحكمة العليا في البرازيل تحقيقات لتحديد دوره في هجمات أنصاره في 8 يناير الماضي. ولم يدِن بولسونارو الهجمات، سوى بعد ست ساعات من وقوعها، وبنبرة خجولة، وهو ما دفع لولا إلى التأكيد في 2 فبراير/شباط الحالي أن الرئيس السابق "دبّر الانقلاب".

وكان بولسونارو انتقل إلى فلوريدا في 30 ديسمبر الماضي، قبل يومين من تنصيب لولا في 1 يناير الماضي، رافضاً تسليم الوشاح الرئاسي إلى خصمه الذي هزمه بفارق بسيط في الانتخابات الرئاسية في أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

ولن تكون العودة المرتقبة لبولسونارو طبيعية بالمعنى السياسي والقضائي، إذ ستُشرع الأبواب أمام نزاعات سياسية داخلية، خصوصاً مع محاولة الرئيس السابق توريط الجيش في هذا الصراع. والبرازيل التي تشهد انقساماً حاداً على مستوى الشارع، ترجمته نتائج الانتخابات الرئاسية، التي أُجريت على جولتين في 2 أكتوبر من العام الماضي و30 منه، مهددة بفعل سلسلة من الملفات بالانزلاق إلى ساحة عنف.

فقد صوّت 60.345.999 شخصا لمصلحة لولا في الجولة الثانية، بما نسبته 50.9 في المائة، في مقابل 58.206354 لمصلحة بولسونارو، بما نسبته 49.1 في المائة. والفارق الذي لم يتجاوز 1.8 في المائة، وفارق الأصوات الذي بلغ أكثر من 2.1 مليون، يترك الباب مفتوحاً أمام التدهور السياسي والأمني في بلاد الـ220 مليون شخص تقريباً.

وتبرز مخاوف من تجدد مساعي بولسونارو جرّ الجيش إلى الصراع. صحيح أن بولسونارو "ابن المؤسسة العسكرية"، لكن هذه المؤسسة التي حكمت البرازيل بمفردها بين عامي 1964 و1985 قبل التحوّل إلى الديمقراطية، تُدرك محاذير العودة إلى السلطة السياسية.

ولذلك، أصدرت وزارة الدفاع، في 9 نوفمبر/تشرين الثاني، أي بعد إتمام العملية الانتخابية، تقريراً نفى حصول تزوير في العملية الانتخابية، عكس ما ردد بولسونارو. وكتب وزير الدفاع باولو نوغيرا في التقرير أنه "من غير الممكن القول" على وجه اليقين إن نظام جدولة الأصوات المحوسب اختُرق بشفرة ضارة، لكن التقرير المكون من 65 صفحة لا يشير إلى أي خطأ في فرز الأصوات.

ومع ذلك، وبناءً على المخاطر المحتملة، اقترح التقرير إنشاء لجنة تتألف من أعضاء من المجتمع المدني وكيانات تدقيق لمزيد من التحقيق في أداء آلات التصويت الإلكتروني. ووقّع التقرير وزير الدفاع وممثلون عن الجيش والبحرية والقوات الجوية. وبدأت البرازيل في استخدام نظام التصويت الإلكتروني في عام 1996.

ويرى خبراء أمن الانتخابات أن مثل هذه الأنظمة أقل أماناً من بطاقات الاقتراع الورقية، لأنها لا تترك أي أثر ورقي قابلا للتدقيق. ومع ذلك، يخضع النظام البرازيلي للتدقيق عن كثب، ولم تعثر السلطات المحلية والمراقبون الدوليون على أي دليل على استغلاله لارتكاب عمليات احتيال.

وأُجريت عمليات تدقيق أمنية خارجية لمنع تغيير برنامج النظام، فضلاً عن أنه قبل الجولة الأولى من الانتخابات أُجريت اختبارات للتأكد من عدم حدوث أي تلاعب. وعلى الرغم من الموقف العسكري، الذي ناقض اتهامات بولسونارو، إلا أن ولاء العسكر للرئيس السابق أثار توجس لولا، الذي أقال قائد الجيش الجنرال خوليو سيزار دي أرودا، في 21 يناير، على خلفية هجوم 8 يناير.

الجيش البرازيلي هو ثاني أكبر جيش في الأميركيتين بعد جيش الولايات المتحدة

 

مع العلم أن أرودا قد تولى المنصب في 30 ديسمبر الماضي، قبل يومين من انتهاء ولاية بولسونارو، وأيّدت إدارة لولا تعيينه. وحلّ الجنرال توماس ميغيل ريبيرو بايفا، الذي كان رئيساً للقيادة العسكرية الجنوبية الشرقية (ولاية ساو باولو)، خلفاً له. وقال بايفا في خطاب تسلّمه منصبه الجديد، إن "الجيش سيواصل ضمان الديمقراطية"، مشدّداً على أنه "نظام الشعب، وعندما نصوّت يجب أن نحترم نتائج صناديق الاقتراع".

والجيش البرازيلي هو ثاني أكبر جيش في الأميركتين بعد جيش الولايات المتحدة. وهو الجيش الـ12 في العالم، بحسب تصنيف "غلوبال فاير باور"، المتخصص في الشؤون العسكرية.

تحقيقات طاولت بولسونارو

وبالإضافة إلى محاولات لولا الإمساك بالجيش ومنعه من مساندة بولسونارو، واجه الرئيس السابق في سنوات ولايته (2018 ـ 2022) عدة تحقيقات، تحديداً فيما يتعلق بالمعلومات المضللة، وأكثر من 150 طلباً بحجب الثقة يتعلق معظمها بإدارته أزمة وباء كورونا، الذي أودى بحياة أكثر من 600 ألف شخص على الأقل في البرازيل.

وآنذاك، امتنع المدعي العام أوغوستو أراس عن توجيه أي اتهام رسمي إلى الرئيس، كذلك تجاهل رئيس مجلس النواب عقد جلسة تصويت للبدء في إجراءات العزل. وخلال فترة ولايته، فرض بولسونارو السرية لمدة 100 عام على عدد من الوثائق، الرسمية أو الشخصية، التي يمكن أن تدينه.

(العربي الجديد، رويترز، فرانس برس)

المساهمون