لولا يقيل قائد الجيش: أزمة ثقة بين الرئاسة البرازيلية والعسكر

لولا يقيل قائد الجيش: أزمة ثقة بين الرئاسة البرازيلية والمؤسسة العسكرية

23 يناير 2023
أثيرت شكوك حول دور الجيش بتسهيل اقتحام 8 يناير (أماندا بيروبيلي/رويترز)
+ الخط -

قبل يوم واحد من توجهه إلى الأرجنتين، في أول زيارة خارجية له منذ تبوّئه السلطة رسمياً في الأول من شهر يناير/كانون الثاني الحالي، أقال الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، أمس الأول السبت، قائد جيش البرّ خوليو سيزار دي أرودا، المعيّن من قبل الرئيس البرازيلي السابق جايير بولسونارو، في 30 ديسمبر/كانون الأول الماضي، أي قبل يومين فقط من مغادرة الأخير السلطة.

وترتبط إقالة دي أرودا، وتعيين القائد العسكري لمنطقة الجنوب الشرقي منذ عام 2021 الجنرال توماس ريبيرو بايفا مكانه، خصوصاً، بأحداث العنف التي شهدتها العاصمة البرازيلية برازيليا، في 8 يناير الحالي، حين اقتحم الآلاف من أنصار بولسونارو مقرات الرئاسة والكونغرس والمحكمة العليا، مطالبين بتدخل الجيش، والإطاحة بلولا، على اعتبار أن نتائج الانتخابات الرئاسية (أجريت دورتها الثانية في 30 أكتوبر/تشرين الأول الماضي)، مزورة.

ولم يتوان مسؤولون في إدارة لولا، بعد الاقتحام، عن اعتباره "محاولة انقلاب"، وأثيرت شكوك حول دور الجيش في تسهيله، لكن وزير الدفاع المعيّن من قبل لولا، خوسيه موسيو، أكد يوم الجمعة الماضي، أنه لم يكن هناك "تورط مباشر" للجيش في أعمال الشغب في برازيليا، لكنه لفت إلى أن القادة العسكريين "يقبلون" فرض عقوبات على أفراد القوات المسلحة المتورطين في الاقتحام.

لم يقبل دي أرودا طرد مساعد لبولسونارو من منصب عسكري

وبعدما كان لولا قد ثبّت دي أرودا، عاد السبت وأقاله، وذلك في إطار دوامة من "قلّة الثقة"، يبدو أنها تفرض نفسها بين الإدارة البرازيلية الجديدة، ومؤسسة الجيش، التي كان لبولسونارو من دون شكّ تأثير عليها. وتسعى إدارة لولا إلى إبعاد الجيش عن السياسة، وهي مهمة قد تواجه متاعب، خصوصاً أن الإقالة السبت قد تزعج عدداً كبيراً من الجنرالات الموالين لبولسونارو.

إقالة قائد جيش البرّ البرازيلي

وأعلن وزير الدفاع البرازيلي، خوسيه موسيو، مساء السبت، رسمياً، إقالة قائد جيش البرّ خوليو سيزار دي أرودا الذي كانت إدارة لولا الجديدة قد ثبّتته في منصبه في بداية يناير. وقال موسيو من قصر بلانالتو الرئاسي إنه "بعد الأحداث الأخيرة في 8 يناير، هُدِمت الثقة". وسيحل محل دي أرودا، بحسب الوزير، الجنرال توماس ريبيرو بايفا الذي بدأ حياته العسكرية في عام 1975 وشارك خصوصاً في مهمة الجيش البرازيلي في هايتي وقاد كتيبة الحرس الرئاسي.

وكان بايفا، الذي شغل قبل تعيينه الجديد السبت، منصب القائد العسكري لمنطقة الجنوب الشرقي، قد شدّد في خطاب ألقاه الأربعاء الماضي، على أن الجيش البرازيلي سيواصل "ضمان الديمقراطية". وأضاف في شريط فيديو نشره موقع "جي 1"، أن "نظام الشعب، التناوب على السلطة، التصويت، وعندما نصوت، يجب أن نحترم نتائج صناديق الاقتراع".

وتمثل العلاقة مع القوات المسلحة واحدة من أكبر التحديات المباشرة التي يواجهها لولا، بعد الحضور العسكري الكبير في الإدارة البرازيلية السابقة. وكان الرئيس اليساري قد بدأ إثر تسلّمه السلطة بـ"مراجعة عميقة" للمؤسسة العسكرية بعدما أعرب عن عدم ثقته في بعض المسؤولين المكلفين بتأمين مقار الرئاسة.

وأكد لولا في وقت سابق أنه سيطرد الموالين لبولسونارو من الأجهزة الأمنية، بعد أحداث الاقتحام. وكان لولا التقى يوم الجمعة الماضي، للمرة الأولى، رؤساء الجيوش الثلاثة، البرّية والبحرية والجوية، أي دي أرودا، وقائد القوات البحرية ماركوس سامباو، والقوات الجوية كانيتز داماسينو، من دون أن يصدر أي بيان عن الاجتماع.

وبحسب موقع "أو تمبو" البرازيلي، فإن الامتعاض من دي أرودا ومن بعض ضباط الجيش، قد ارتفع خلال الأيام الماضية في قصر بلانالتو، خصوصاً لجهة تعاطي الجيش مع مطلب تفكيك الخيم التي كان يعتصم فيها أنصار بولسونارو، لاسيما أمام مقرات الجيش، منذ خسارته الرئاسة.

تمثل العلاقة مع القوات المسلحة واحدة من أكبر التحديات المباشرة التي يواجهها لولا

كما أن الإدارة الجديدة، بحسب الموقع، لم تكن راضية عن أداء الجيش خلال وبعد أحداث الاقتحام. بالإضافة إلى ذلك، قال "أو تمبو" إن أعضاء في الحكومة أبدوا قلقهم من عدم قبول دي أرودا سحب الكولونيل مورو سيد، من قيادة فرقة بالجيش في غويانيا، عاصمة ولاية غوياس، وسط البلاد. وسيد كان مساعداً سابقاً لبولسونارو، وذهب معه إلى الولايات المتحدة (غادر في ديسمبر الماضي)، وسلّط الضوء عليه مجدداً بعدما أثيرت شبهات حول قيام مكتب الرئاسة السابق باستخدام بطاقات ائتمان بطريقة غير طبيعية.

إدارة لولا ومكامن الضعف تجاه الجيش

من جهتها، ذكرت صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية، أمس، أن إقالة دي أرودا جاءت بعد أيام من نشر الصحيفة الأميركية تقريراً تحدثت فيه عن أنه سعى إلى حماية المتورطين في أعمال الاقتحام ومناصرين لبولسونارو كانوا يحتمون في مخيم مقابل لمقر الجيش في العاصمة، بعد حادثة الاقتحام.

وتحدث الوزير موسيو صراحة عن ذلك، حين أعلن الإقالة. وقال إنه "بعد هذا الفصل، ومسألة المخيمات، وأحداث 8 يناير، العلاقات مع قائد جيش البرّ واجهت شرخاً في مسألة الثقة، ونريد أن نوقف ذلك منذ بدايته". ونقلت الصحيفة عن مصدر قضائي برازيلي رفيع، تأكيده أنه حتى بعد أحداث الشغب، حاول لولا تجنب الدخول في صراع مباشر مع دي أرودا، مؤكداً أن الإقالة جاءت بعدما رفض دي أرودا إقالة الجنرال سيد.

ويعد دي أرودا أعلى شخصية في الجيش البرازيلي حتى الآن، تتم الإطاحة بها منذ وصول لولا إلى الرئاسة. وكانت إدارة الرئيس اليساري قد طردت أو أحالت على التقاعد 40 عنصراً على الأقل في الجيش، بمراتب عادية، وكانوا في الخدمة في مقر الرئاسة لدى حصول الاقتحام.

ويشمل التحقيق الذي يقوم به القضاء في أحداث الاقتحام، أي دور محتمل للجيش، في تسهيل وصول المقتحمين إلى مقر السلطات الثلاث، وأداء الجيش عشية الاقتحام، وتغييراً في خطط الجيش قبل تجمع الغوغاء أمام المقرات الفيدرالية، وعدم تحرك الشرطة، أو حتى ظهورها بمظهر المتعاطف مع المقتحمين.

ورأى غيلرمي كازاروس، وهو باحث سياسي في مؤسسة "غيتيليو فارغاس" البحثية في ساو باولو، لـ"واشنطن بوست"، أن "أحداث الاقتحام أظهرت مكامن ضعف إدارة لولا أمام الجيش". وبرأيه، فإن الجيش "كان متواطئاً مع تحركات أنصار بولسونارو التي كانت تكبر منذ خسارة الأخير الانتخابات، كما أنهم كانوا لاعبين أساسيين في نشر المعلومات الكاذبة ونظريات المؤامرة ضد حكومة لولا".

(العربي الجديد، فرانس برس، رويترز)

المساهمون