بعد جلسة عاصفة.. البرلمان المغربي يُقرّ القوانين الانتخابية

بعد جلسة عاصفة.. البرلمان المغربي يُقرّ القوانين الانتخابية

06 مارس 2021
خصوم "العدالة والتنمية" حسموا معركة "القاسم الانتخابي" لمصلحتهم (Getty)
+ الخط -

أقرّ مجلس النواب (الغرفة الأولى للبرلمان المغربي)، في الساعات الأولى من صباح السبت، بالأغلبية، القوانين التي ستؤطر الانتخابات المنتظرة هذه السنة، وذلك بعد جلسة عاصفة بين نواب حزب "العدالة والتنمية"، قائد الائتلاف الحكومي الحالي، وباقي فرق المعارضة والأغلبية، بسبب الخلاف على تعديل "القاسم الانتخابي".

وتمكن خصوم حزب "العدالة والتنمية" من حسم معركة "القاسم الانتخابي" على أساس المسجلين في اللوائح الانتخابية العامة بدل الأصوات الصحيحة، بتمرير تعديل المادة الـ 84 من مشروع القانون التنظيمي المتعلق بمجلس النواب، بـ160 صوتاً تمثل أحزاب المعارضة (الأصالة والمعاصرة، الاستقلال، التقدم والاشتراكية) والأغلبية (التجمع الوطني للأحرار والاتحاد الدستوري والاتحاد الاشتراكي)، مقابل معارضة 104 أصوات تمثل الفريق النيابي لحزب "العدالة والتنمية"، فيما امتنع نائب واحد من "فيدرالية اليسار".

كذلك صدّق المجلس على مشروع القانون التنظيمي المتعلق بمجلس النواب، برمته، بموافقة 160 صوتاً ومعارضة 104 أصوات، وامتناع نائب واحد، فيما كان لافتاً رفض الحكومة، في شخص وزير الداخلية، عبد الوافي لفتيت، تعديلات الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية، التي تهمّ تخصيص مقاعد للشباب والمغتربين المغاربة.

كذلك حظي مشروع القانون التنظيمي المتعلق بمجلس المستشارين ومشروع القانون التنظيمي المتعلق بالأحزاب السياسية، بموافقة الأغلبية.

وينصّ المشروع الأول على الحفاظ للمنظمات المهنية للمشغلين الأكثر تمثيلية (الباطرونا) على فريق برلماني داخل هذا المجلس، مع ضمان استقلاليته لتمكينها من التعبير عن انشغالات الفاعلين الاقتصاديين وتطلعات المقاولات الوطنية وانتظاراتها، وكذا إسهامها على مستوى مراقبة السياسات العامة وتوجيهها. فيما يروم المشروع الثاني الرفع من مبلغ الدعم العمومي الممنوح للأحزاب، بقصد مواكبتها، وتحفيزها على تجديد أساليب عملها، بما يساهم في الرفع من مستوى الأداء الحزبي ومن جودة التشريعات والسياسات العمومية، مع تخصيص جزء من الدعم العمومي لفائدة الكفاءات التي توظفها في مجالات التفكير والتحليل والابتكار.
ولم تمرّ جلسة التصويت على القوانين الانتخابية بسلام، بعد أن تأخر انطلاقها، الذي كان مقرراً في الساعة الرابعة من بعد الزوال (بتوقيت المغرب) لأكثر من أربع ساعات، جراء رفض رئيس مجلس النواب، الحبيب المالكي، افتتاحها بسبب عدم احترام نواب "العدالة والتنمية" للإجراءات الاحترازية المتخذة منذ سنة جراء تفشي فيروس كورونا، بعد حضور أكثر من 100 نائب، في الوقت الذي حضر فيه باقي الفرق بأعداد مقلصة، التزاماً بتلك الإجراءات.

ولم تفلح المفاوضات الشاقة التي قادها المالكي مع رؤساء الفرق البرلمانية بالمجلس لإقناع فريق "العدالة والتنمية" بتقليص حضوره طبقاً للإجراءات الاحترازية، في ظل رفض الفريق وتمسكه بحقه القانون والدستوري في الحضور بكامل أعضائه.

وفيما أدى الحضور اللافت للنواب الإسلاميين إلى إرباك واضح للجلسة، عمدت فرق أحزاب الأغلبية والمعارضة إلى إجراء اتصالات مكثفة مع النواب الموجودين بمحور فاس ومكناس والقنيطرة والرباط والدار البيضاء وسطات، للالتحاق بأشغال الجلسة، وذلك لترجيح الكفة وضمان تمرير تعديل "القاسم الانتخابي".

وبالرغم من تجاوز مأزق احترام الإجراءات الاحترازية، بإعطاء رئيس مجلس النواب إشارة انطلاق جلسة التصويت، إلا أن أجواء الخلاف عادت لتلقي بظلالها في ظل تبادل الاتهامات والانتقادات بين أعضاء الفريق النيابي لـ"العدالة والتنمية" وباقي مكونات مجلس النواب بشأن اعتماد تعديل "القاسم الانتخابي" المثير للجدل.

وفي السياق، اعتبر الفريق النيابي لـ"العدالة والتنمية" أن اعتماد القاسم الانتخابي على أساس المسجلين وحذف العتبة "يُعَدّ التفافاً على الاقتراع اللائحة، وهو اقتراع فردي مقنع، بل أسوأ منه، لا يمثل الإرادة الشعبية، بل يصادر حقها الدستوري، ويشكل جريمة في حق الديمقراطية".

وقال رئيس الفريق، مصطفى الإبراهيمي، إن اعتماد القاسم الانتخابي على أساس المسجلين وفق الصيغة التي تقدمت بها فرق الأغلبية والمعارضة، باستثناء فريق العدالة والتنمية، "سيحول العملية الانتخابية إلى توزيع للمقاعد بين الأحزاب المشاركة بالتساوي وبدون منافسة وبلقنة للمشهد السياسي والمؤسساتي، لافتاً إلى أن هذا التعديل "يضرب أساس العملية الديمقراطية وهي التنافس في عمقها، ويضرّ بنسب المشاركة التي ستكون بدون جدوى".

واعتبر الإبراهيمي أن احتساب القاسم الانتخابي على هذا الأساس يخالف المقتضيات الدستورية التي تؤكد أن التصويت هو الذي يعبّر عن إرادة الأمة، وأن الأمة تختار ممثليها في المؤسسات المنتخبة بالاقتراع الحر والنزيه والمنتظم، مشيراً إلى أن لفريقه "الثقة الكاملة في المحكمة الدستورية لتصحيح هذه المخالفات الجسيمة".

وأضاف: "يوم حزين اليوم للديموقراطية في بلادنا، إذا تمت مصادقة بعض الأغلبية والمعارضة على هذا العبث الذي يضرب في العمق أسس الاختيار الديمقراطي"، معلناً أن "هذه الحكومة لم تعد لها أغلبية  تدعمها، وبالتالي يجب تفعيل المقتضيات الدستورية لمعالجة هذا المستجد الخطير، ومن ذلك تفعيل الفصل الـ 103 (المتعلق بسحب الثقة من الحكومة)".

بالمقابل، ردّ فريق "الأصالة والمعاصرة" على اتهامات "العدالة والتنمية" بالقول إنه "لا أحد يملك وحده الحقيقة، ولا أحد مهما بلغ حجمه السياسي، يمكن أن يختصر في ذاته الشرعية الدستورية، والديمقراطية، أو حتى العذرية السياسية"، لافتاً، على لسان النائب محمد حجيرة، إلى أنه "لا يمكن أن نتعامل مع طموح الأحزاب، وفرض ذواتهم باتهامات عشوائية، تارة باغتيال الديمقراطية، وتارة أخرى بالنكوص، والانقلاب على الديمقراطية".

وأضاف حجيرة: "نتمنى أن يستعمل الآخرون الديمقراطية للوصول إلى السلطة، والتشكيك في الديمقراطية، وفي حرية الاختيار، ومساطر التشريع، وأحقية الأحزاب الصغرى في تقوية تمثيليتها، ضداً في الأحزاب الكبرى، منها حزب الأصالة والمعاصرة، هي طعنة ليس في المسار المطلبي لهذه الأحزاب، ولكنها طعنة في الديمقراطية نفسها، وفي حق البحث المشروع عن التمثيل في المؤسسات".