"العدالة والتنمية" المغربي يدرس سحب الثقة من حكومة زعيمه العثماني

"العدالة والتنمية" المغربي يدرس سحب الثقة من حكومة زعيمه العثماني لإطاحة "القاسم الانتخابي"

05 مارس 2021
"القاسم الانتخابي" يقلص حظوظ الحصول على أغلبية مريحة (جلال مرشدي/ الأناضول)
+ الخط -

تتصاعد الدعوات داخل حزب "العدالة والتنمية"، قائد الائتلاف الحكومي الحالي بالمغرب، لضرورة تفعيل خيار سحب الثقة من الحكومة لقطع الطريق على تعديل "القاسم الانتخابي" الذي نجح منافسو الحزب في المعارضة والأغلبية في تمريره.

ويأتي ذلك في وقت ينتظر أن يقر مجلس النواب (الغرفة الأولى للبرلمان)، مساء اليوم الجمعة، مشاريع القوانين التي ستؤطر الانتخابات المنتظر تنظيمها هذه السنة.

وقالت مصادر من "العدالة والتنمية" إن تصويت الأغلبية، خلال اجتماع الداخلية بمجلس النواب، إلى جانب فرق المعارضة التي كانت قد تقدمت بمقترح اعتماد القاسم الانتخابي على أساس المسجلين في اللوائح الانتخابية لا المصوتين، ضد إرادة الحكومة التي عبر عنها وزير الداخلية عبد الوافي لفتيت برفض تعديل لم تأت به، يؤشر على أن حكومة سعد الدين العثماني فقدت غالبيتها داخل مجلس النواب.

ولفتت المصادر، التي تحدثت لـ "العربي الجديد"، مفضلة عدم الكشف عن هويتها، إلى أنه "أمام هذه السابقة برزت داخل الحزب دعوات إلى تفعيل رئيس الحكومة للفصل 103 من الدستور المغربي كخيار دستوري للرد على ما تم من تعديلات تمس بجوهر الاختيار الديمقراطي وتسيء لصورة البلاد وتهدد التجربة المغربية وتهدر كل التراكمات المسجلة على هذا المستوى".

وبحسب المصادر ذاتها، فإن "تفعيل الفصل المذكور يبقى إلى جانب اللجوء إلى المحكمة الدستورية ومقاطعة الانتخابات المقررة هذه السنة، من الخيارات التي تطرح داخل الحزب لمواجهة ما وقع من التفاف على المسار الانتخابي، ومحاولة بعض المكونات السياسية المنزعجة من تموقع الحزب قطع الطريق على تصدره لنتائج الانتخابات التشريعية المقبلة"، لافتة إلى أنه لحد الآن لم يتم الحسم في تلك الخيارات، بشكل رسمي، داخل أجهزة الحزب خاصة الأمانة العامة (أعلى هيئة تنفيذية) والمجلس الوطني (ثاني هيئة تقريرية بعد المؤتمر الوطني).

إلى ذلك، علم "العربي الجديد" من مصادر مطلعة، أن الأمانة العامة للحزب الإسلامي تداولت خلال اجتماعها مساء أمس الخميس، في تفعيل خيار سحب الثقة لقطع الطريق على التعديلات التي تقدمت بها المعارضة والأغلبية، كاشفة أن الاجتماع أظهر أن الخيار يحظى بموافقة غالبية الأعضاء باستثناء الأمين العام للحزب (العثماني) الذي أبدى تحفظه.

وكان منافسو الحزب قد خطوا، مساء أول أمس، خطوة كبيرة، بعد أن تمكنوا من تحقيق انتصار أول في معركة إقرار تعديل احتساب "القاسم الانتخابي" على أساس المسجلين في اللوائح الانتخابية العامة بدل الأصوات الصحيحة المعمول بها حالياً.

ووحّدت أحزاب المعارضة (الأصالة والمعاصرة، والاستقلال، والتقدم والاشتراكية) والأغلبية (التجمع الوطني للأحرار والاتحاد الدستوري والحركة الشعبية) صفوفها، خلال اجتماع لجنة الداخلية بمجلس النواب من أجل تمرير التعديل الذي كان محط خلاف قوي خلال المشاورات السياسية التي قادتها وزارة الداخلية مع الأحزاب الممثلة في البرلمان، بعد أن حصلت على 29 صوتاً لصالح المقترح مقابل رفض 12 نائباً يمثلون حزب "العدالة والتنمية".

وسيمكّن إقرار التعديل الخاص بالقاسم الانتخابي من منع الحزب الذي سيحصل على أكبر عدد من الأصوات من الحصول على أكثر من مقعد واحد في الدائرة الانتخابية، وهو ما قد يحرم حزب "العدالة والتنمية" في حال فوزه من نحو 40 مقعداً، من تكرار سيناريو اكتساحه لصناديق الاقتراع في 2016 بحصوله آنذاك على 125 مقعدا.

وبحسب القيادي في الحزب، عبد العالي حامي الدين، فإن تصويت الأغلبية على تعديل في مشروع القانون التنظيمي لمجلس النواب بشكل يعاكس إرادة الحكومة والمجلس الوزاري الذي يترأسه الملك، يستوجب تفعيل الفصل 103 من الدستور، معتبرا، في حديث مع "العربي الجديد"، أن "عدم إقدام رئيس الحكومة على تفعيل ذلك المقتضى الدستوري سيكون تقريرا واضحا منه في ممارسة اختصاصاته الدستورية".

وأوضح حامي الدين أن "ما جرى العمل به منذ الحكومات السابقة أن القوانين الانتخابية يتم التوافق حولها بين الأحزاب السياسية قبل إحالتها على البرلمان، على اعتبار أننا بصدد رسم قواعد العملية الانتخابية في وسط يتميز بالهشاشة الديمقراطية"، لافتا إلى أن "إثارة بعض القضايا الجوهرية خارج منطق التوافق يعني أن هناك خللاً في منهجية الحوار وأن التوافق حول قواعد اللعبة انتهى".

وينص الفصل 103 من دستور المملكة المغربية على أنه "يمكن لرئيس الحكومة أن يربط لدى مجلس النواب، مواصلة الحكومة تحمل مسؤوليتها لتصويت بمنح الثقة بشأن تصريح يدلي به في موضوع السياسة العامة، أو بشأن نص يطلب الموافقة عليه. فيما لا يمكن سحب الثقة من الحكومة أو رفض النص، إلا بالأغلبية المطلقة للأعضاء الذين يتألف منهم المجلس".

واستنادا إلى هذا الفصل، يمكن للعثماني أن يلجأ إلى عرض نصوص القوانين الانتخابية كما أحالها على مجلس النواب دون تعديلات، ويطلب تصويتا لمنح الثقة لحكومته بناء على موافقة البرلمان على النصوص المعروضة عليه.

وتعليقا على الدعوات إلى تفعيل خيار سحب الثقة من الحكومة، رأى أستاذ القانون الدستوري والعلوم السياسية بجامعة ابن طفيل بالقنيطرة، رشيد لزرق، أن تلك الدعوات تدخل في "سياق الضغوط الذي يمارسها جناح الأمين العام السابق (عبد الإله بنكيران) المزايد على جناح العثماني البراغماتي بغاية تسجيل أهداف سياسية"، معتبرا أنه "كان الأوْلى أن تتم دعوة رئيس الحكومة إلى تفعيل الفقرة الأخيرة من الفصل 47 من الدستور التي تنص على استقالة رئيس الحكومة التي يترتب عنها إعفاء الحكومة بكاملها". 

ووصف لزرق ربط استمرارية الحكومة بتصويت على مشروع القانون التنظيمي المتعلق بانتخاب مجلس النواب بإعمال الفصل 103 من الدستور بـ"الإجراء الخطير الذي يمكن أن يسقط الحكومة بالنظر لتوافق جميع الأحزاب الممثلة في البرلمان باستثناء العدالة والتنمية"، مبديا استغرابه للدعوة إلى تفعيله "رغم أن العثماني لم يلجأ إليه في واقعة مشابهة متعلقة بالقانون الإطار للتربية والتكوين".

واعتبر لزرق أن تشبث "العدالة والتنمية" بموقفه الرافض للتوافق الذي أظهرته الأحزاب الممثلة في البرلمان حول القاسم الانتخابي، ضرب للتوافق الذي طالما أظهر الحزب تمسكه به لإظهار اعتداله وعدم سعيه للهيمنة، لافتا إلى أن "رئيس الحكومة مدعو إلى الحرص على أغلبيته الحكومية بغية الانكباب على معالجة الوضع، وألا تشوش عليه أجندات صقور العدالة والتنمية من خلال مواجهة تحقيق التوافق لأن فقدان الحكومة أغلبيتها يستدعي استقالته طواعية".