بعبع اللجوء السوري في لبنان

بعبع اللجوء السوري في لبنان

06 أكتوبر 2023
مخيم للاجئين السوريين، البقاع يونيو الماضي (أنور عمرو/فرانس برس)
+ الخط -

الاستغلال الرديء لمسألة اللاجئين السوريين في لبنان يذكّر بخطابات أقصى اليمين الأوروبي. البعض في بيروت يتحدث عنهم بصفة "نازحين"، لتخفيف أسباب الكارثة، ويتوافق مع المعسكر الأوروبي في الحديث عن "لجوء اقتصادي"، وحلول عجيبة.

ففي الغرب يقترحون حلولاً بتشديد القوانين، وجعل دولهم أقل جذباً للهجرة. لكن، في بيروت انطلقت برعاية "حزب الله" فكرة مقايضة جهنمية، تعتبر السوريين عبئاً، يجب شحنهم في مراكب مطاطية نحو أوروبا. يُذكر ذلك، وبكل أسف، بملاحقة ومطاردة فلسطينيي العراق بعد غزو 2003، وبخطاب أحدهم ذات يوم عن "النفايات البشرية" لوصف "الإخوة الفلسطينيين".

والأخيرون بالمناسبة وجدوا أنفسهم في لبنان (رغم تواجدهم منذ 1948) أمام تشدد يحرمهم، حتى أكاديميين، من مهن كثيرة لعيش كريم، وكذا خلق مآس لأبناء زيجات لبنانية- فلسطينية، بحجة "الحفاظ على حق العودة".

والحجة تلك تكاذب طائفي، تكذّبه الوقائع. ففلسطينيو الشتات الأوروبي والأميركي الشمالي واللاتيني، لم يمنعهم العيش الكريم من أن يكونوا فلسطينيين، بمن فيهم أجيال غير ناطقة بالعربية، ينخرطون انتماءً وعملاً لقضيتهم.

فما تنتجه حالة التهميش، والإصرار على النظرة الاستعلائية تجاه اللاجئين عموماً، من الوقائع المأساوية، يعرفها المشرعون والساسة في لبنان، من طرابلس شمالاً، مروراً بصبرا في بيروت، وصولاً إلى الجنوب.

الآن، فالتعامي عن أسباب وجود السوريين في دول الجوار، ولبنان من بينها، لا يساهم في عودتهم إلى ديارهم، بل يحيلها إلى استخدامات نتائجها كارثية. فاللجوء السوري لم يبدأ مع الأزمة الاقتصادية، بل منذ أن قُصفت ودُمرت بلداته، ولاحقته القبضة الأمنية.

وعليه، يقول السوريون القادرون على التعبير، إنه إذا كان متقاذفو "النزوح" يريدون حقاً عودتنا فليطلبوا من "حزب الله"، وجماعات إيران الأخرى المسيطرة، الخروج من قرانا وبلداتنا. وبالمناسبة، كم من سوري عاد إلى القصير، منذ أن دخلها "حزب الله" في 2012؟ والسؤال نفسه عن استمرار مأساة أهل وادي بردى، وبقية المناطق الخاضعة للمليشيات، رغم أن ما يُشاع عن أن النظام انتصر.

الحل ليس بافتعال أدوات ابتزاز لرفع العقوبات عن أركان نظام دمشق، وباقتراح غير أخلاقي بإلقاء السوريين في قوارب موت نحو أوروبا. فحتى يمين أوروبا المتطرف، الذي زار دمشق، لا يستطيع طرح هذا التطرف الأعمى، المحمّل دوماً "الغرباء" مسؤولية الفشل والأزمات.

الأمر إذاً أبسط بكثير من تصوير لاجئين معدمين بمستوى ناقلي متفجرات وزير سابق (ميشال سماحة) من دمشق إلى لبنان لتفجير حرب أهلية. فلبنان يحتاج إلى الخروج من حيرته وسط قيادة دويلة مسلحة لدولته.

المساهمون