العراق: مبادرة الصدر تستميل "المستقلين" في البرلمان وشكوك بتحقيقها

العراق: مبادرة الصدر تستميل "المستقلين" في البرلمان وشكوك بإمكانية تحقيقها

05 مايو 2022
تنافس على كسب المستقلين (أحمد الربيعي/فرانس برس)
+ الخط -

أعلنت كتلة برلمانية عراقية مستقلة، أخيراً، قبولها المبادرة التي طرحها زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، والقاضية بمنح المستقلين فرصة تشكيل الحكومة الجديدة في مدة لا تزيد عن 15 يوماً، فيما التزمت غالبية الكتل السياسية، ومنها المستقلة، جانب الصمت إزاء مبادرة "الإطار التنسيقي"، ما يزيد المشهد السياسي تأزماًَ.

وأمس الأربعاء، كان تحالف "التنسيقي"، الذي يضم قوى سياسية حليفة لإيران، طرح مبادرة للخروج من الانسداد السياسي، ركز فيها على حق الأغلبية (المكوّن الشيعي) بمنصب رئيس الوزراء وتشكيل حكومة توافقية.

وتضمنت المبادرة فقرات تدعو إلى منح "النواب المستقلين" ممن يحظون بـ"دعم المكوّن" بـ"فرصة" تقديم مرشح لمنصب رئيس الوزراء، في محاولة لكسبهم، فيما رد الصدر بعد ساعات بمبادرة عرض فيها على النواب المستقلين تشكيل الحكومة "عبر تحالفه"، ووعد بدعمهم، على أن يكونوا بعيدين عن "الإطار التنسيقي".

ووسط هذا الجدل السياسي المحتدم والتنافس على كسب المستقلين، بدت مبادرة الصدر الأكثر إغراء لهم، لا سيما مع منحهم فرصة تشكيل الحكومة.

كتلة "العراق المستقل" تدعم مبادرة الصدر

كتلة "العراق المستقل" البرلمانية كانت أول من علق على ذلك معلنة قبولها مبادرة الصدر، وقالت في بيان "إيماناً بالمسؤولية الوطنية، وتغليباً للمصلحة العامة، وللخروج من أزمة الانسداد السياسي واحترام المدد الدستورية، تعلن كتلتنا برئاسة النائب المستقل عبد الهادي الحسناوي قبول مبادرة الصدر بدعوة النواب المستقلين لتشكيل حكومة وطنية مستقلة،تعبر عن تطلعات المواطن وتسعى للارتقاء بالخدمات وإعمار البلد".

ودعت "المستقلين، سواء من تحالف العراق المستقل أو الأفراد، إلى توحيد الجهود والكلمة للخروج بتشكيل سياسي مستقل هادف قادر على وضع حل للأزمة الحالية التي يمر بها البلد".

وأضافت كتلة "العراق المستقل": "ندعو أيضاً كافة القوى السياسية إلى دعم المبادرة الوطنية ونبذ الخلافات، وعدم التأثير على الأخوة النواب المستقلين، سواء بالتهديد أو الوعيد، واحترام إرادة الناخبين بعيداً عن المصالح الحزبية والفئوية، كون المواطن قد عانى الكثير نتيجة الانسداد السياسي وتأخر تشكيل الحكومة ما انعكس سلباً وبشكل واضح على حقوق المواطن والخدمات وبناء البلد".

"حركة امتداد" تعكف على دراسة مبادة الصدر

أما "حركة امتداد"، وهي حركة مستقلة، فلم تعلن بعد أي موقف رسمي إزاء ذلك، فيما أكد عضو المكتب السياسي للحركة رائد الصالح أن "حركته ستعكف على دراسة مبادرة الصدر".

وقال الصالح في تصريح متلفز إن "المبادرة الأولى (مبادرة التنسيقي) ذكرت المستقلين بخجل واستحياء، وقالت إن لهم الحق باختيار رئيس الوزراء"، معتبراً أن "وجود رئيس وزراء من المستقلين من دون غطاء برلماني سيكون صعباً جداً، وستفرض الأحزاب سطوتها عليه ويكون مرهوناً بها، وهذا ما لا تقبل به امتداد".

وأكد أن "الكرة الآن في ملعبنا، وأن حركتنا تدرس مبادرة الصدر بعمق للوصول إلى رأي ناجع بشأنها"، مشدداً "نحن مع مبادرات حل الانسداد السياسي والخروج من الأزمة، لا سيما أن الشعب بحاجة إلى حكومة لتمرير الموازنة وغيرها من الأمور المعطلة".

وأضاف: "سنتعامل بإيجابية مع المبادرة بشروط وضمانات معينة، وهذه الضمانات ليست لمصلحتنا وإنما لمصلحة الشعب"، مؤكداً "نحن مبدئيا مع المبادرة، وسيكون لنا موقف واضح إزاءها قريباً". 

مبادرة الصدر غير متوقعة

منذ ليل أمس الأربعاء، يجري النواب المستقلون اتصالات مكثفة بشأن مبادرة الصدر. وقال نائب مستقل في البرلمان الحالي إن "مبادرة الصدر غير متوقعة، ولا شك أن النواب المستقلين بكتلهم بحاجة إلى عدة أيام لترتيب أوراقهم".

ولفت النائب الذي فضل عدم الكشف عن اسمه، لـ"العربي الجديد"، إلى أن "مبادرة الصدر واضحة، لكن المشكلة تكمن في إمكانية توافق النواب المستقلين وتشكيلهم كتلة واحدة من 40 نائباً، وهم ما زالوا متفرقين ومتباينين في مواقفهم من الأزمة الحالية".

وبيّن أن "هناك تقاطعات كبيرة بين النواب المستقلين تحتاج إلى تذليل"، مشيراً إلى أن "الاتصالات بدأت منذ ليل أمس، وستكون هناك مساع لعقد اجتماعات تداولية بين القوى المستقلة والنواب الأفراد لبحث صيغة توافقية".

وأكد أن "المستقلين يريدون أن يكونوا طرفاً في حل الأزمة والتوجه نحو تشكيل الحكومة، وألا يكونوا نقطة خلاف في المعادلة السياسية".

وتساءل بالوقت ذاته عن جدية قبول طرفي الأزمة (الصدري، والتنسيقي) بأن يمضي ترشيح الحكومة من شخصية مستقلة، كما اعتبر أن الانطباع العام من تلك المبادرات بأنها مجرد استعراض ومناكفة، ولا توجد جدية في تنازل أي منهم بملف تشكيل الحكومة وفقا للرؤيا التي يريدها الطرفان.

يجري ذلك وسط توقعات بتعقد المشهد السياسي في البلاد، وقال النائب عن الحزب الديمقراطي الكردستاني ماجد شنكالي، في تغريدة على "تويتر": "ملخص المشهد السياسي مبادرة ومبادرة مضادة، محورهما بين قوسين (المستقلون)، والأمور بهذا الشكل لا تسر ولا تدعو إلى السرور".


وأهمية النواب المستقلين، البالغ عددهم أكثر من 40 نائباً، تتمثل في كونهم طرفاً قد يرجح كفة أحد طرفي الأزمة السياسية في العراق، لكن مع ذلك هناك انقسام حاد بينهم بخصوص حضور جلسة البرلمان الخاصة بتسمية رئيس الجمهورية وإكمال نصابها القانوني أو مقاطعتها.

ولا يقبل بعض النواب المستقلين أن يتحوّلوا لأرقام تكميل عدد ويطرحون رؤية مختلفة للأزمة الحالية بتسمية رئيس وزراء مستقل، وسط استمرار مساعي محوري الصراع، تحالف "إنقاذ وطن" وتحالف "الإطار التنسيقي"، لكسب تأييدهم. وأصبح حضورهم إلى البرلمان أمراً حاسماً بعد قرار المحكمة الاتحادية العليا، الذي نص على أنّ اختيار رئيس الجمهورية لا يصح إلا عبر تصويت ثلثي عدد نواب البرلمان، أي 220 نائباً، وهو أمر لم يستطع تحقيقه أي من المحورين من دون أصوات المستقلين.