العراق: جدل يسبق الإعلان عن أول كتلة برلمانية معارضة

العراق: جدل يسبق الإعلان عن أول كتلة برلمانية معارضة

15 ديسمبر 2021
الكتلة تقول إنها تريد ممارسة "معارضة حقيقية" (Getty)
+ الخط -

ينتظر أن يعلن في العراق، خلال الساعات المقبلة اليوم الأربعاء، عن تشكيل أول كتلة برلمانية معارضة بعد أكثر من شهرين من انتهاء الانتخابات التشريعية العراقية التي جرت في 10 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

وتستعد حركة "امتداد"، المدنية بزعامة الطبيب علاء الركابي، والتي انبثقت من رحم ساحات الاحتجاجات الشعبية التي تفجرت في مدن جنوب ووسط العراق مطلع أكتوبر/تشرين الأول 2019، وحركة "الجيل الجديد" الكردية للإعلان عن الكتلة الجديدة الموحدة، وذلك بعد سلسلة من الاجتماعات في بغداد والسليمانية والناصرية، بينما نأت "الكتلة الشعبية المستقلة" في اللحظات الأخيرة عن المشاركة في التشكيل السياسي الجديد.

وقال المرشح الفائز بعضوية البرلمان الجديد داود العيدان، إنّ "الكتلة البرلمانية المعارضة ستضم حركة امتداد (9 مقاعد من أصل 329)، والجيل الجديد (9 مقاعد)، والكتلة الشعبية المستقلة (6 مقاعد)"، مبيّناً، في تصريح صحافي، أنّ هدف الكتلة "سيتمثّل في الوقوف بوجه القرارات التي تضر الشعب، وكذلك مواجهة المحاصصة التي تعمل الكتل السياسية على انتهاجها في الحكومة المقبلة".

كما أكد المتحدث باسم "امتداد" منار العبيدي، أنّ تحالف المعارضة سيضم حركته إلى جانب "الجيل الجديد" و"الكتلة الشعبية المستقلة"، موضحاً أنّ التحالف لن يشارك في أي منصب تنفيذي "بأي شكل من الأشكال".

وتابع أنّ "التحالف سيتحرك لممارسة دوره الرقابي بالدرجة الأساس، وسيسعى إلى دخول اللجان البرلمانية، أو نيل رئاساتها، لكن دون توافقات سياسية، أو مساومات على المبادئ أو الاضطرار للتصويت لأي حكومة مقبلة"، مشيراً إلى أنّ عدد أعضاء التحالف المعارض يبلغ 25 نائباً وقابل للزيادة.

في المقابل، نفت "الكتلة الشعبية المستقلة" دخولها في الكتلة البرلمانية المعارضة التي ينتظر الإعلان عنها في بغداد، مساء اليوم الأربعاء، وذلك على لسان المتحدث باسمها سجاد سالم، الذي قال، في حديث لوسائل إعلام محلية، إنّ كتلته لن تحضر الاجتماع، ولن تكون داعمة للتحالف المعارض.

وأضاف: "في البداية تمت دعوتنا لهذا الاجتماع، وأجرينا سلسلة لقاءات، مع حركة امتداد وحراك الجيل الجديد، لتشكيل تحالف معارض قائم على 3 أركان، هي الكتلة الشعبية المستقلة والجيل الجديد وامتداد، وساهمنا في إعداد الوثائق والنظام الداخلي، ومساهمة الكتلة الشعبية كانت فعالة، وتحمّلت الجزء الأكبر من كتابة الرؤية والوثيقة الخاصة بالتحالف ومبادئه وأهدافه وهيكليته".

وتابع: "تم إبلاغنا لاحقاً أنّ إحدى الجهات ترفض مشاركتنا في مؤتمر إعلان التحالف المعارض، وهذا التطور منحنا إشارة واضحة حول الجدوى من التحالف الذي يبدو أقرب إلى محاولة استعراض عددي أكثر من تحقيق نجاح عملي، بدلالة عدم مناقشة أوراق التحالف بجدية رغم إصرارنا على أن يكون التحالف راسخاً ومتماسكاً"، مشيراً إلى وجود آراء متباينة داخل التحالف المعارض.

مصادر سياسية تحدثت عن جهود حثيثة تبذلها قوى أخرى لاستقطاب المعارضين والمستقلين والحيلولة دون انضمامهم إلى تكتل برلماني معارض قوي يمكن أن يكون نداً للحكومة المقبلة، موضحة لـ "العربي الجديد" أنّ بعض التحالفات تعوّل على ضم المستقلين إليها لتحقيق زيادة في عدد مقاعدها، وبالتالي تقوية أوراقها التفاوضية عند بدء حوارات تشكيل الحكومة العراقية الجديدة.

وعلى الرغم من تبني العراق النظام البرلماني القائم على أساس وجود حكومة ومعارضة، إلا أنّ المعارضة البرلمانية غابت عن المشهد السياسي منذ أول انتخابات جرت عام 2005، بسبب المحاصصة التي أشركت أغلب القوى الفائزة بالانتخابات في الحكومات المتعاقبة.

الكاظمي يحذر من العنف ويدعو للحوار

إلى ذلك، دعا رئيس الوزراء العراقي المنتهية ولايته مصطفى الكاظمي، اليوم الأربعاء، إلى القبول بالتعددية والاختلاف في وجهات النظر، مؤكداً أن الحوار هو الحلّ لمشاكل العراق الحالية.

تصريحات الكاظمي التي تأتي مع استمرار الأزمة السياسية التي خلفتها نتيجة الانتخابات البرلمانية في العاشر من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، وأظهرت تراجعاً حاداً للقوى السياسية المدعومة من طهران، جاءت خلال كلمة له في مؤتمر يبحث "مواجهة التطرف"، عقد في العاصمة بغداد اليوم الأربعاء.

وأضاف الكاظمي أنه "لا خيار أمامنا إلا التمسك بالهوية العراقية والانتماء لهذا الوطن الكبير بإنجازاته وحضارته ومواطنيه"، مشدداً على ضرورة "البحث في أسباب تورط بعض الشباب في العنف، وكشف الأسباب ومنها التخلف والجهل وإهمال الصحة والتعليم وعدم الاهتمام بكرامة الإنسان".

ولفت إلى أن "التطرف والعنف أصبحا ظاهرتين عالميتين بسبب انعكاسات التكنولوجيا والتغييرات في العالم، وفي العراق نشهد ظاهرة خاصة، فالعنف في مجتمعنا له أسباب، ومنها تقصير الدولة والحكومات"، مؤكداً أهمية البحث عن أسباب التطرف الشديد، والبحث في ظروف نشأته في العراق.

وتابع أن "الحوار هو الحلّ، وعلينا أن نستنبط الدروس مما حصل"، لافتاً إلى أن "العراقيين يتطلعون لبناء دولة المؤسسات وترسيخ أسس الديمقراطية، ويجب أن ننتصر على ثقافة العنف، وأن تنتصر ثقافة الحوار، وأن نتطلع لمستقبل أفضل"، لافتاً إلى أن "العراق متميز بتنوعه، وعلينا أن نحوّل هذا التنوع إلى مصدر للقوة، بدلاً من الضعف. تنفق بعض الدول أموالاً طائلة، من أجل خلق التنوّع في مجتمعاتها، وعلينا أن نقبل بالتعددية والاختلاف في وجهات النظر".

ومضى الكاظمي بالقول: "علينا العمل معاً لمواجهة آفة الفساد، وقد بذلت الحكومة جهوداً كبيرة لمواجهته، وما زالت تواجه تحديات كبيرة بسبب إجراءاتها في هذه المواجهة، وما زالت التهديدات مستمرة وعلنية للجنة مكافحة الفساد".

يذكر أن العراق شهد منذ احتلاله من قبل الأميركيين عام 2003 موجات عنف متكررة ابتداءً من ظهور تنظيم "القاعدة" والمليشيات المسلحة بعد عام 2006، ثم سيطرة تنظيم "داعش" الإرهابي على مساحات شاسعة من الأراضي العراقية عام 2014، وتنامي نشاط الفصائل المسلحة الحليفة لطهران، وأخيراً تلويح بعض المليشيات باستخدام السلاح ضد القوات الأجنبية العاملة في العراق.