الشرطة الفرنسية تتظاهر في الشارع... والأحزاب تتسابق لكسب ودّها

الشرطة الفرنسية تتظاهر في الشارع... والأحزاب تتسابق لكسب ودّها

19 مايو 2021
انتقادات لمشاركة المسؤولين السياسيين في المظاهرة (توماس كويكس/فرانس برس)
+ الخط -

بمشاركة كل الأحزاب السياسية، باستثناء "فرنسا غير الخاضعة"، شهدت العاصمة الفرنسية باريس، اليوم الأربعاء، تظاهرة حاشدة نظمها عناصر الشرطة، تحت عنوان "محاسبة المعتدين على قوات إنفاذ القانون"، وذلك بعد نحو أسبوعين على مقتل ضابط الشرطة إريك ماسون في منطقة أفينيون أثناء قيامه بمهمة لمكافحة المخدرات.
التظاهرة التي أقيمت قرب الجمعية الوطنية (مبنى البرلمان)، لم يكن الوصول إليها مسموحاً سوى لمن يحملون بطاقة الشرطة والبطاقة الصحافية، وذلك رغم أنه تمت دعوة المواطنين كذلك للمشاركة في هذا التحرك، حيث شهدت مداخل موقع التظاهرة اصطفاف طوابير طويلة من الأشخاص للتحقق من الهويات قبل السماح بالانضمام إلى التظاهرة.
وكانت لافتةً في تظاهرة الشرطة مشاركةُ وزير الداخلية جيرالد درمانان، وهي سابقة في التاريخ الفرنسي السياسي، إذ لم يشارك أي وزير فرنسي في مثل هذا النوع من التحركات الاحتجاجية، ما جعله موضع انتقاد من قبل وسائل إعلام ومحللين، اعتبروا أنه يقدم بالأصل دعماً مفتوحاً للشرطة، ولم تكن عليه زيادة الانقسام في المجتمع الفرنسي حول هذه المسألة بإعلانه الانحياز إلى أحد الطرفين بهذه الصورة.
وقالت نقابة الشرطة في بيان أذيع خلال التظاهرة، إن "هذا التجمع يجب أن يكون وعياً جماعياً لجميع سياساتنا اليوم"، ومطالبة بالحزم ضد "المعتدين على الشرطة". واعتبر الأمين العام لـ"تحالف الشرطة" فابيان فانيمولريك، أن "المشكلة هي غياب العدالة" داعياً وزير العدل، إريك دوبون موريتي، إلى اتخاذ "إجراءات سريعة لمعاقبة المعتدين على رجال الشرطة"، ما أثار صيحات استهجان لدى ترديد اسم الأخير.
في المقابل، وأمام هذا الاجتماع النادر لأحزاب اليمين المتطرف واليسار والجمهوريين والشيوعيين والخضر، اختار جان لوك ميلانشون، زعيم حزب "فرنسا غير الخاضعة"، والمرشح للانتخابات الرئاسية المقبلة عام 2022، عدم المشاركة في التجمع، مبرراً ذلك بأن هذه التظاهرة "ليست بأي شكل من الأشكال تكريماً لضباط الشرطة المقتولين، بل لعرض كتاب فيه مطالب كما هو موضَّح في منشورات أجهزة الشرطة". ودفع ذلك بعض عناصر الشرطة إلى ارتداء قناع عليه صورة ميلانشون ووضعوه على رؤوسهم من الخلف، كتعبير احتجاجي عن أنه أدار ظهره لهم.
وكانت صحيفة "لوفيغارو"، قد نقلت يوم الإثنين الماضي، عن مصادر مقربة من سكرتير الحزب الشيوعي، المرشح للانتخابات الرئاسية فابيان روسيل، قولها، إن الحزب رأى أنه سيكون من غير الحكمة عدم المشاركة في تظاهرة الشرطة وترك سؤال الأمن والشرطة لليمين واليمين المتطرف، وهو رأي يتقاسمه يانيك جادوت، مرشح حزب الخضر للانتخابات التمهيدية (للانتخابات الرئاسية)، الذي قرر المشاركة رغم عدم التوافق داخل الحزب.

وانتقد موقع "ميديا بارت"، الذي سمحت تحقيقات صحافية عديدة نشرها بمحاكمة ضباط شرطة لانتهاكات قاموا بها أثناء تأديتهم عملهم، هذه التظاهرة، معتبراً أنها تنهي بشكل كامل إحدى مواد الإعلان الأول لحقوق الإنسان والمواطنة في فرنسا الذي تم إقراره عام 1789.
وبرر ذلك بأنه "لا يمكن للشرطة أن تسن القانون؛ إنها في خدمة المواطنين وحقوقهم وحرياتهم؛ مهمتها الأساسية هي أن تكون حافظة سلام لصالح جميع السكان وألا يتم تحويلها إلى قوة لإنفاذ القانون لمنفعة من هم في السلطة فقط". وتحت عنوان "الجمهورية ليست في خدمة الشرطة" قال "ميديا بارت"، إن "على الشرطة أن تخضع للجمهورية بقوانينها الأساسية ونصوصها التأسيسية والمبادئ والقيم التي حددتها وليس العكس".