السجن 9 سنوات للباحث الإيراني البريطاني كاميل أحمدي

السجن 9 سنوات للباحث الإيراني البريطاني كاميل أحمدي... ماذا عن السجناء مزدوجي الجنسية بإيران؟

13 ديسمبر 2020
اتهم أحمدي بـ"السعي لإيجاد تغييرات ثقافية واجتماعية في إيران" (تويتر)
+ الخط -

أفادت وكالة "تسنيم" الإيرانية، اليوم الأحد، بأن محكمة "الثورة" في طهران أصدرت ضد الباحث الإيراني كاميل أحمدي، الذي يحمل الجنسية البريطانية أيضا، حكما بالسجن 9 سنوات وغرامة مالية 600 ألف يورو، معتبرة أنه "عنصر عميل نشيط في مجال القضايا الاجتماعية"، حسب تعبيرها.

وذكرت الوكالة الإيرانية أن أحمدي يواجه تهما بالعمل "تحت غطاء باحث القضايا الاجتماعية في إيران" و"تلقي المال غير المشروع من خلال التعاون مع مؤسسات داعية إلى إسقاط نظام الجمهورية الإسلامية وتنفيذ مشاريع هذه المؤسسات".

وأشارت في السياق إلى "التعاون في مجالات النساء والأطفال مع مؤسسة هيووس (Hivos)" وهي منظمة مساعدات التنمية، ومقرها في هولندا.

ومن التهم التي بنت المحكمة عليها حكمها ضد الباحث أحمدي "السعي لإيجاد تغييرات ثقافية واجتماعية في إيران" عبر التعاون مع هذه المؤسسات، حيث أشارت وكالة "تسنيم" إلى أن أحمدي لعب دورا في إعداد وإقرار مشروع "رفع سن الزواج" البرلماني في إيران عبر برلمانيتين سابقتين، وهو مشروع عالق في البرلمان الإيراني منذ سنوات، يهدف إلى الحد من زواج القاصرات.

وفي إطار هذا الاتهام، وجهت اتهامات أخرى لأحمدي بـ"التواصل مع سفارات أوروبية (في طهران) لغرض تنفيذ مشروع رفع سن الزواج وإشاعة المثلية الجنسية، والتعاون والعلاقة مع وسائل الإعلام المعارضة والأجنبية وإرسال تقارير كاذبة لمقرر حقوق الإنسان في الأمم المتحدة ضد جمهورية إيران الإسلامية، وزيارة الأراضي المحتلة (إسرائيل) تحت عنوان مراسل قناة بي بي سي".

والباحث أحمدي من المواطنين الأكراد في إيران من مدينة مهاباد الكردية في محافظة أذربيجان الغربية، قد اعتقلته الأجهزة الأمنية الإيرانية عام 2019. وحصل الباحث الإيراني على شهادة الماجستير في علم الإنسان الاجتماعي من جامعة UOK البريطانية، وله عدة كتب وأبحاث في قضايا اجتماعية حساسة، كزواج القاصرات، والأمراض المجتمعية وختان البنات والزواج الأبيض والمثليين الجنسيين في إيران، حسب موقع "مشرق نيوز" الإيراني.

إعلام وحريات
التحديثات الحية

ملف ساخن

ويشكّل السجناء مزدوجو الجنسية أحد أهم عناوين التوتر بين إيران والدول الغربية خلال العقود الماضية، خصوصاً العقدين الأخيرين. ويواجه معظم السجناء هؤلاء تهما أمنية، لكن السلطات الإيرانية لا تعتبرهم "أجانب"، لأنها لا تعترف بالجنسية الثانية لمواطنيها. وهنا يبرز لغط بشأن إشكالية قانونية تترتب عليها آثار قانونية، في مقدمتها منع هؤلاء من الحصول على الخدمات القنصلية التي تُمنح للمواطنين الأجانب المعتقلين لدى الدول الأخرى، بحسب القانون الدولي. فضلاً عن أن تلك القضية اتخذت أبعاداً سياسية، إذ تُتهم الدول الغربية التي يحمل هؤلاء السجناء مزدوجو الجنسية جنسياتها بالتدخل في شؤونها. إلا أن هذه الدول تتعامل مع ملف هؤلاء السجناء باعتبارهم مواطنين لها يحملون جنسياتها، مطالبة طهران بالإفراج عنهم.

تنظر إيران بريبة تجاه مواطنيها ذوي الجنسية المزدوجة، وتمنعهم القوانين الإيرانية من تولي المناصب، وانطلاقاً من ذلك تعتبر هذه الشريحة مشاريع أو فرصاً للدول الغربية للتجسس عليها. واتهم السفير الإيراني في بريطانيا حميد بعيدي نجاد، في 17 سبتمبر/ أيلول 2018، هذه الدول بـ"ممارسة الضغوط" على الإيرانيين مزدوجي الجنسية للتجسس لصالحها. إلا أن هذه الدول، من جهتها، تتهم طهران باستخدام هؤلاء كـ"أدوات لممارسة الضغط الدبلوماسي" عليها، بحسب تصريح لوزير الخارجية البريطاني السابق جيريمي هانت، خلال الشهر نفسه.

تكشف هذه الاتهامات المتبادلة أهمية ملف المعتقلين مزدوجي الجنسية، وموقعه في التوترات القائمة بين إيران والغرب، إذ إنه يشكّل أحد أهم عناوينها الرئيسية، وساهم في المزيد من توتير العلاقات الثنائية خلال العقود الماضية، خصوصاً العقدين الأخيرين.

أشهر الصفقات

ورغم عدم اعتراف إيران بالجنسية الثانية لمواطنيها، إلا أن السنوات الخمس الأخيرة شهدت صفقات تبادل السجناء بين إيران ودول غربية، في مقدمتها الولايات المتحدة الأميركية، تضمنت الإفراج عن عدد من السجناء مزدوجي الجنسية في إيران مقابل الإفراج عن إيرانيين في الخارج.

 وأهم هذه الصفقات تمت يوم 16 يناير/ كانون الثاني 2016 بين طهران وواشنطن، في عهد إدارة باراك أوباما، وهي أكبر صفقة تبادل بين البلدين. بموجب هذه الصفقة، أفرجت إيران عن 5 مواطنين أميركيين كانوا معتقلين بتهمة التجسس، أربعة منهم من أصول إيرانية يحملون الجنسية الأميركية أيضاً. هؤلاء الخمسة هم: مدير مكتب صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية في طهران جيسون رضائيان الذي كان أبرز المفرج عنهم، وقضى 18 شهرا في السجن بتهمة التجسس، والقس الإيراني الأميركي سعيد عابديني، والعسكري السابق في الجيش الأميركي أمير حكمتي، والتاجر الإيراني الأميركي نصرت الله خسروي رودسري، والطالب الأميركي مات تريفيثيك.

رغم عدم اعتراف إيران بالجنسية الثانية لمواطنيها إلا أن السنوات الخمس الأخيرة شهدت صفقات تبادل السجناء بين إيران ودول غربية

 

في المقابل، أفرجت الولايات المتحدة عن 7 مواطنين إيرانيين، كانت قد اعتقلتهم بتهمة الالتفاف على العقوبات. إلا أن ما حصلت عليه طهران تجاوز الإفراج عن هؤلاء السبعة إلى استلام مبلغ مليار و700 مليون دولار نقداً، كان جزءاً من المدفوعات الإيرانية وأرباحها إبان الحكم الملكي لقاء صفقات شراء أسلحة أميركية ألغيت بعد الثورة.

أشهر السجناء

ولا توجد أرقام رسمية دقيقة حول السجناء مزدوجي الجنسية، لكن وكالة "رويترز" قدّرت في تقرير لها، نشرته في 9 نوفمبر/ تشرين الثاني 2017، أن عددهم أكثر من 30 شخصاً، إلا أنه تقلص بعد صفقات تبادل سجناء خلال السنوات الأخيرة وإفراج طهران عن آخرين.

وأشهر السجناء مزدوجي الجنسية هذه الأيام في إيران الصحافية نازنين زاغري، نالت قضيتها اهتماماً أكبر من الحكومة البريطانية التي منحتها الحماية الدبلوماسية في مارس/آذار 2019، للضغط على طهران للإفراج عنها، إلا أن الأخيرة رفضت الخطوة، معتبرة أنها "غير بناءة". زاغري كانت تعمل لمؤسسة "تومسون رويترز" البريطانية، قبل اعتقالها في إيران بتهمة "بث دعايات مغرضة ضد النظام والتعاون مع مؤسسات إعلامية للقيام بمشاريع تثير الشكوك".

وتخضع زاغري حاليا للإقامة الجبرية في طهران منذ مارس/آذار الماضي، بعد منحها إجازة خارج السجن في ظروف تفشي كورونا في إيران، إذ أثارت الخطوة توقعات باحتمال الإفراج عنها نهائيا وعودتها إلى بريطانيا للالتحاق بزوجها البريطاني وبنتهما. وحتى الآن، أجلت السلطة القضائية الإيرانية عدة مرات محاكمة زاغري.

تخضع زاغري حاليا للإقامة الجبرية في طهران منذ مارس/آذار الماضي بعد منحها إجازة خارج السجن في ظروف تفشي كورونا في إيران

 

وكان وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف قد كشف في سبتمبر/ أيلول الماضي، على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة وفقاً لما أوردته صحيفة "غارديان" البريطانية، أنه كان مستعداً لبذل جهود للإفراج عن زاغري مقابل تسديد لندن دينها لطهران، البالغ 400 مليون جنيه إسترليني دفعها النظام الإيراني السابق لبريطانيا في سبعينييات القرن الماضي، في إطار صفقة لشراء دبابات بريطانية، لكن الصفقة ألغيت بعد قيام الثورة في إيران عام 1979.

وأشار ظريف، بحسب "غارديان"، إلى أن وزير الخارجية البريطاني الأسبق فيليب هاموند، هو الذي اقترح عليه الإفراج عن زاغري مقابل تسديد هذا الدين، إلا أن الوزير الإيراني أكد في الوقت ذاته، أنه بعد مغادرة هاموند الوزارة عارض وزير الخارجية البريطاني الأسبق جيريمي هانت هذه الصفقة.