الحل الأممي في ليبيا عود على بدء

الحل الأممي في ليبيا عود على بدء

09 مارس 2023
القيادة الأميركية للملف الليبي باتت أوضح بعهد نورلاند (حازم تركية/الأناضول)
+ الخط -

بات واضحاً أن مجلسي النواب والدولة في ليبيا يسعيان لوضع عصا في دولاب الحراك الأممي والدولي الأخير، المتمثل بخطة المبعوث الأممي عبدالله باتيلي البديلة لإيجاد مسار دستوري للانتخابات، وذلك بهدف عرقلته، كونه يدفع في اتجاه إجراء انتخابات تقصيهما من المشهد.

ولطالما تمسك المجلسان بالبقاء في المشهد الليبي، وفقاً لاستراتيجية باتت مكشوفة، قائمة على التقارب للتوافق حيناً والاختلاف لدرجة الانسداد التام حيناً آخر. وهما يدركان أن باتيلي يسعى اليوم إلى تجاوزهما بتشكيل لجنة حوار سياسي لن يكون في مقدورهما التحكم في قرارها وتوجيهها لمصلحة بقائهما.

ورغم ذلك، يبدو أن المجتمع الدولي نجح في نقل حالة الخلاف الواسعة بين المجلسين ليحصرها في الأساس الدستوري، فقد كانت طيلة السنوات الماضية أزمة بأبعاد عديدة، منها السياسية والأمنية والاقتصادية، والعسكرية أيضاً، وهو ما تنبه له المجلسان. فهما اليوم يثيران قضايا أخرى، كقضية توحيد الحكومة، بالتوازي مع سعيهما لاستمرار امتلاكهما للقرار الحاسم بشأن الأزمة الدستورية، وكل ذلك لتجاوز المختنق الذي يمرّان به وحالة الحصار التي يعيشانها. 

وحتى الآن، تبدو خطوات باتيلي في الطريق الصحيح باتجاه إنهاء سيطرة المجلسين على المشهد السياسي وتمكين ليبيا من إجراء انتخابات سلطة جديدة، فحتى خطوة موافقة مجلس الدولة على التعديل الدستوري الذي أقره مجلس النواب ليكون أساساً دستورياً للانتخابات، رغم الشكوك التي تحوم حولها، لوّح باتيلي بإمكانية البناء عليها لتشكيل لجنة الحوار السياسي المرتقبة. ويريد المبعوث الأممي هو الآخر قطع الطريق أمام المجلسين، خصوصاً وأنه لم يعلن عن محتوى وتفاصيل خطته ومهام اللجنة الجديدة وآليات اختيارها وصلاحياتها وما إليها من تفاصيل أخرى، ما سيسهل عليه مهمة احتواء المجلسين وقطع الطريق أمام مساعيهما للعرقلة. 

لكن السؤال يتعلق بقدرة الأمم المتحدة على إنتاج حلّ للأزمة الليبية، فكل جهودها منذ تأسيس بعثتها في ليبيا لا تزال تدور في إطار فترات الانتقال السياسي والقدرة على تجاوزها للمرحلة الدائمة. هذا أولاً، وثانياً يتمحور السؤال حول خضوع البعثة لمصالح الدول الكبرى، فأغلب مبعوثيها كانوا مقربين من سياسات عواصم كبرى تتصارع في المنطقة حول مصالحها.

وأخيراً بات الوجود الأميركي المؤثر في مسار عمل البعثة واضحاً، فمن أنتج آلية لجنة الحوار السياسية لكسر احتكار الأطراف المسيطرة في ليبيا للقرار السياسي كانت الدبلوماسية الأميركية، ستيفاني وليامز. والآن ورغم تبني باتيلي لذات الآلية إلا أن المبعوث الأميركي، ريتشارد نورلاند، حاضر بقوة في مسار إقناع الأطراف الليبية بها لفرضها، ولا أدل على ذلك من تدوينته التي نشرتها السفارة الأميركية في ليبيا على حسابها، عقب موافقة مجلس الدولة على التعديل الدستوري، متحدثاً فيها بالنيابة عن باتيلي، قائلاً إن الأخير "سوف يبني على التقدم الذي أحرزه كل من مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة في التوصل إلى قاعدة قانونية للانتخابات". 

والسؤال بشكل أوضح: ما الجديد الذي يمكن أن تقدمه السياسة الأميركية للأزمة الليبية؟ وأكثر وضوحاً، ما الذي يمكن أن يقدمه نورلاند بعد وليامز إلا الحفاظ على مصالح دولته وحلفائها في المنطقة؟ فالآلية والمسار اللذان يسلكهما نورلاند هما نفسهما اللذان سلكتهما وليامز في السابق، والفارق الوحيد أن القيادة الأميركية للملف الليبي باتت أوضح في عهده. 

 

المساهمون