التخبط والإرباك يكتنفان السياسة الخارجية الألمانية

التخبط والإرباك يكتنفان السياسة الخارجية الألمانية وسط خلافات بين شولتز وحزب الخضر

10 يناير 2022
تتركز خلافات شولتز وحزب الخضر حول التعاطي مع قضايا السياسة الخارجية (Getty)
+ الخط -

بعد انقضاء قرابة خمسة أسابيع على تشكيل ائتلاف "إشارات المرور" الحكومي الألماني، والذي يضم أحزاب الاشتراكي الديمقراطي والخضر والليبرالي، يبدو أن الإرباك بدأ يحيط بالتحالف الحاكم مع ظهور خلافات بين المستشار الاشتراكي أولاف شولتز وحزب الخضر.

وتتركز خلافات شولتز وحزب الخضر حول التعاطي مع قضايا السياسة الخارجية، وبالأخص مع روسيا والصراع في شرق أوكرانيا، علاوة على تشغيل خط أنابيب الغاز "نورد ستريم 2" الذي يتوجس منه العديد من الدول الأوروبية وينظر إليه الاشتراكي بإيجابية.

يأتي ذلك في وقت يدور الحديث عن وجود نية لعقد لقاء قريب بين شولتز والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وعدم استبعاد النكسات داخل الحكومة الفيدرالية الجديدة. ولم تنف وزيرة الخارجية المنتمية إلى الخضر أنالينا باربوك، أخيراً أن المواقف المختلفة بشأن قضايا معينة والتي تشكل جوهر السياسة يمكن أن تكون ميزة في الدبلوماسية".

وبحسب باربوك، فإن السمة الأساسية للسياسة الخارجية هي الحفاظ على حوار مستمر ينطبق على الصعيدين الداخلي والخارجي. ومن المعلوم أن المادة 65 من الدستور نصت على أن المستشار هو من يحدد السياسة العامة للحكومة ويتحمل مسؤولية سياستها، ويدير كل وزير اتحادي مهام وزارته ضمن إطار السياسة العامة للحكومة باستقلالية وبمسؤولية منه.

ويؤيد المستشار موقفا أكثر دبلوماسية وحذرا تجاه موسكو مع اتخاذ وزيرة الخارجية موقفا أكثر تشددا في ما يخص مشروع "نورد ستريم 2" الذي ينتظر تصاريح التشغيل، والتي تؤكد أن دوره جيوسياسي ويضعف أوكرانيا استراتيجيا، فيما يجد فيه شولتز مشروعا للقطاع الخاص ويجب أن يخضع فقط لعملية مراجعة قانونية. 

وأشارت صحيفة "بيلد" إلى أن المستشار يريد جعل العلاقة مع بوتين أولوية قصوى، كما كان الحال مع المستشارة السابقة أنجيلا ميركل، ويخطط لبداية جديدة في العلاقات مع روسيا، في وقت يسير الخضر والليبرالي الحر في ما يخص الصراع في أوكرانيا بوتيرة أكثر صرامة مع روسيا.

أمام ذلك، ذكرت "شبكة التحرير الألمانية"، أن بوتين لا يمكن أن يتعامل على محمل الجد مع شولتز، إذا لم يوافق حزبان من أصل ثلاثة من الائتلاف الحاكم في برلين على بداية جديدة مع موسكو.

وذكرت الشبكة أنه "قبل أن تتمكن أي دولة من تمثيل مصالحها خارجيا، يجب أن تحدد لنفسها ما الذي تريده بالفعل، وفي حالة ألمانيا، فإن المطلوب الإجابة على عدة تساؤلات من بينها: هل نحن مستعدون لتزويد أوكرانيا بأنظمة دفاع عسكرية في حال وقوع هجوم روسي على كييف؟ وهل سنرفض مشروع الغاز عبر بحر البلطيق؟".

وأمام المنافسة بين المستشارية ووزارة الخارجية بقيادة السياسية عن الخضر باربوك التي تفتقر إلى الخبرة وتريد اعتماد أسلوب ولهجات جديدة، اعتبر موقع "نويه تسوريشر تسايتونغ"، أنه "من غير المرجح أن يقرر صقور حزب الخضر السياسة الخارجية، لا سيما وأن المستشار يتمتع بصلاحية إصدار المبادئ التوجيهية وتنفيذها".

وتريد باربوك التدخل والمخاطرة في السياسة الخارجية لألمانيا، ومستعدة مع حزبها لقبول خسائر اقتصادية، سواء كان ذلك بالتخلي عن الغاز الروسي أو عن طريق حظر استيراد البضائع الصينية التي تنتج من خلال العمل القسري.

وفي خضم ذلك، يرى الاتحاد المسيحي، والذي يضم المسيحي الديمقراطي والاجتماعي المسيحي بعض "الشقوق" السياسية في برلين، حتى أن زعيم الأخير ماركوس زودر، عبّر عن خشيته من سياسة باربوك الخارجية الساذجة.

وانتقد زودر سياسة باربوك بخصوص خط الغاز الجديد وأنه قد لا يتم تشغيله، معرباً عن قلقه من أن يؤدي رحيل ميركل إلى خلق حالة من عدم اليقين في السياسة الخارجية الألمانية.

وكان اتفاق الائتلاف الحكومي، نص على أنه في ما يتعلق بالسياسة الخارجية، فإنه يجب أن تكون موحدة وأنه ينبغي تطوير استراتيجيات مشتركة بين مختلف الإدارات والوزارات، ما من شأنه أن يخدم زيادة فعالية وصلابة وعمل ألمانيا على المستوى الدولي، وشدد على أهمية العلاقة الجوهرية المستقرة مع روسيا، مع الاستمرار بالسعي لبناء حوار معها.