البرلمان الأوروبي يتبنى قراراً ضد المغرب بسبب الهجرة

البرلمان الأوروبي يتبنى قراراً يرفض "استخدام المغرب للهجرة" ضد إسبانيا

10 يونيو 2021
حظي مشروع القرار بموافقة 397 نائباً ومعارضة 85 (Getty)
+ الخط -

تبنى البرلمان الأوروبي، اليوم الخميس، مشروع قرار يرفض استخدام المغرب مراقبة الحدود والهجرة، والقصر غير المصحوبين على وجه الخصوص، كضغط سياسي ضد دولة عضو في الاتحاد الأوروبي، وذلك على خلفية الهجرة غير المسبوقة لآلاف الأشخاص نحو مدينة سبتة المحتلة في 17 مايو/ أيار الماضي، من بينهم مئات القاصرين.

وحظي مشروع القرار، الذي تقدمت به في البداية الأحزاب الإسبانية بالبرلمان الأوروبي بدعوى انتهاك السلطات المغربية لاتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الطفل واستخدامها للقاصرين في أزمة الهجرة إلى سبتة، بموافقة 397 نائبا ومعارضة 85، في حين امتنع 196 نائبا عن التصويت.

وينص المشروع، الذي قدمته مجموعة من فرق اليسار والخضر والوسط داخل البرلمان الأوروبي بإيعاز من الأحزاب الإسبانية، على أن الاتحاد الأوروبي يرفض استخدام المغرب مراقبة الحدود والهجرة، والقصر غير المصحوبين على وجه الخصوص، كضغط سياسي ضد دولة عضو في الاتحاد الأوروبي، ويأسف لمشاركة الأطفال والقصر غير المصحوبين وأسرهم في العبور الجماعي للحدود من المغرب إلى مدينة سبتة الإسبانية، ما يعرض حياتهم وسلامتهم لخطر واضح، مؤكدا أنه لا يمكن التسامح مع تقويض السيادة الإقليمية للدول الأعضاء.

محك حقيقي

وفيما لم يصدر، إلى حدود مساء الخميس، أي تعليق من الرباط على قرار البرلمان الأوروبي، اعتبر أستاذ العلوم السياسية رشيد لزرق أن التصويت على المشروع هو فرصة لمعرفة وزن المغرب في الأجهزة الأوروبية، معتبرا، في تصريح لـ"العربي الجديد "، أن القرار وإن كان لا يعدو أن يكون مجرد توصية لن تكون لها قوة إلزامية، إلا أنه محك حقيقي لأصدقاء المغرب بأوروبا وللمنظومة الحزبية المغربية وللدبلوماسية الموازية لمحاصرة ما يمكن أن تسفر عنه التوصية من آثار قانونية.

وأوضح لزرق أن على الأوروبيين أن يدركوا أن هناك أسسا للعمل الشمولي لتعزيز السلام والاستقرار الإقليميين والمصالح المشتركة، لافتا إلى أن ذلك يتطلب تفعيل آليات حوار رفيعة المستوى ومراعاة مصالح المغرب، واعتماد مقاربة لا تقتصر فقط على الهجرة، لافتا إلى أن "الرباط مستعدة لمناقشة كل الملفات في بعدها الشمولي، وليس كمن يحاول دفع الاتحاد الأوروبي إلى التصرف وفق مقاربة انتقائية تتجاهل بشكل تام المحتوى الشامل للشراكة".

وكان المغرب قد استبق انعقاد البرلمان الأوروبي بستراسبورغ باتهام إسبانيا بمحاولة "إقحام" الاتحاد الأوروبي في الأزمة السياسية بين البلدين. وقال وزير الشؤون الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج ناصر بوريطة، خلال مؤتمر صحافي عقده أمس الأربعاء مع نظيره الهنغاري بيتر سيجارتو، إن المغرب كان واضحا منذ البداية، وأكد أن الأزمة مع إسبانيا أزمة سياسية ثنائية وليست مع الاتحاد الأوروبي.

واعتبر بوريطة، خلال المؤتمر الصحافي، أن علاقات بلاده مع الاتحاد الأوربي ممتازة، وهو ما عكسته التصريحات الأخيرة للمسؤولين الأوربيين، الذين يرون في المغرب شريكا استراتيجيا، لافتا إلى أن الرباط طورت في السنوات الأخيرة شراكات متعددة مع الاتحاد الأوروبي، الذي يقر ويعترف بدور المغرب الرئيسي في ملف الهجرة.

ويأتي قرار البرلمان الأوروبي في وقت أشاد فيه البرلمان العربي، الخميس، بالجهود الكبيرة التي تبذلها المملكة المغربية، تحت قيادة الملك محمد السادس، في مجال مكافحة الهجرة غير الشرعية، خاصة تجاه أوروبا، مؤكدا تضامنه التام مع المملكة المغربية ضد كل ما يسيء إليها أو يمثل تدخلا في شؤونها الداخلية، ومعلناً تأييده لها في كل ما تتخذه من إجراءات في هذا الشأن.

وبينما دعا البرلمان العربي نظيره الأوروبي إلى "عدم إقحام نفسه في الأزمة الثنائية بين المملكة المغربية وإسبانيا، التي قد تجد طريقها للتسوية بالطرق الدبلوماسية والتفاوض المباشر بينهما، دون وجود أي داع إلى تحويلها إلى أزمة مع أوروبا"، أشادت "منظمة التعاون الإسلامي" بقرار العاهل المغربي محمد السادس، القاضي بعودة جميع القاصرين المغاربة غير المصحوبين بذويهم الموجودين بوضعية غير نظامية في دول أوروبية.

واعتبرت المنظمة، في بيان لها، أن القرار المغربي "يعبر عن التزام الرباط وانخراطها الفعلي في تعزيز آليات التشاور والحوار والشراكة مع دول الاتحاد الأوروبي لإيجاد تسوية إنسانية نهائية لوضعية هؤلاء القاصرين"، داعية إلى "مواصلة الحوار البناء من أجل التعاون في جميع القضايا ذات الاهتمام المشترك بين المملكة المغربية ودول الاتحاد الأوروبي المعنية".

والثلاثاء الماضي، وجه العاهل المغربي الملك محمد السادس بالتسوية النهائية لقضية القاصرين المغاربة غير المرفوقين بذويهم الموجودين في وضعية غير نظامية في بعض الدول الأوروبية، مع التأكيد على التزام المملكة المغربية الواضح والحازم بقبول عودة القصر غير المصحوبين بأحد الذين تم تحديدهم على النحو الواجب.

وتعيش العلاقات المغربية الإسبانية على وقع أزمة مكتومة مستمرة منذ أشهر بين المغرب وإسبانيا، أشعلها استقبال مدريد لزعيم "البوليساريو"، في 18 إبريل/ نيسان الماضي، بهوية جزائرية مزيفة، للعلاج بعد إصابته بفيروس كورونا. وزاد تدفق المهاجرين من الأراضي المغربية إلى مدينة سبتة المحتلة، الأسبوع الماضي، من حدة الأزمة.