الانتخابات الإسرائيلية الرابعة (5): أسبوع المخاض لتقديم القوائم

الانتخابات الإسرائيلية الرابعة (5): أسبوع المخاض لتقديم القوائم الانتخابية

30 يناير 2021
تراجعت قوة "كاحول لفان" بقيادة غانتس إلى 4 مقاعد (Getty)
+ الخط -

يوم الخميس المقبل، في الساعة الثانية عشرة عند منتصف الليل، يحل الموعد الأخير لتقديم القوائم الحزبية المتنافسة في الانتخابات الإسرائيلية، المقرر أن تجرى في 23 مارس/ آذار المقبل. 
ومع أنه تبقت عملياً خمسة أيام لإنهاء إعداد هذه القوائم وبناء التحالفات الانتخابية، إلا أن الخريطة الحزبية في إسرائيل، لا تزال غير واضحة، وذلك بفعل وجود عدد كبير من شظايا الأحزاب، في اليسار واليمين، التي، في حال ظلت بدون تحالفات مع بعضها البعض، فقد لا تنجح في اجتياز نسبة الحسم (3.25 في المائة، أي ما يوازي نحو 140 ألف صوت) من مجمل الأصوات الصحيحة، ما يهدد بهدر عشرات آلاف الأصوات، قد يكون ضياعها حاسماً في تشكيل الخريطة الحزبية بعد الانتخابات، وبالتالي فُرض تشكيل الحكومة المقبلة، هل تكون بقيادة رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو أم المعسكر المناهض له.

تبدو ثلاثة أحزاب في اليمين المتطرف مرشحة للفشل

ووفقاً للخريطة الحالية، تبدو ثلاثة أحزاب في اليمين المتطرف مرشحة للفشل وإضاعة أكثر من 120 ألف صوت على الأقل في حال لم تتوصل إلى تحالف فيما بينها، وهي: أحزاب "إيحود ليئومي" بقيادة بتسليئيل سموطريتش، الذي انسحب من تحالفه مع حزب "يمينا" بقيادة نفتالي بينت، تحت ضغط من نتنياهو، و"عوتصماه يهوديت"، الذي يقوده إيتمار بن غفير، تلميذ الحاخام المأفون، مئير كهانا، و"البيت اليهودي" وما تبقى منه بقيادة حجيت موشيه، الذي يمثل ما تبقى من حزب "المفدال" التاريخي. وتسود بين هذه الأحزاب الثلاثة خصومات عقائدية، حول من أكثر تطرفاً في موقفه من العرب والفلسطينيين، وسبل تطبيق شعائر التوراة وحكم الشريعة اليهودية، إلى جانب حسابات شخصية خاصة بين بتسليئيل سموطريتش وبين إيتمار بن غفير قد تكون عائقاً أمام تحالف هذه الأحزاب الثلاثة.
ويخشى نتنياهو من أن عدم تحالف هذه الأحزاب سيؤدي إلى حرق عشرات آلاف الأصوات من جهة، واتجاه ما تبقى منها لحزب "يمينا" بقيادة نفتالي بينت، الذي تمنحه الاستطلاعات بين 10 و12 مقعداً، ما يؤهله لأن يكون "بيضة القبان" لجهة تمكن نتنياهو من تشكيل ائتلاف حكومي من عدمه. علماً بأن المؤشرات الصادرة عن هذا الحزب تبدي ميله للبقاء خارج معسكر نتنياهو، لكن القول الفصل سيكون للنتائج الفعلية للانتخابات.

على الطرف الآخر من الخريطة الحزبية الإسرائيلية، دون أن يعني ذلك اليسار بالضرورة، فإن حالة الشرذمة والخلافات والانقسامات أشد مما هي في المعسكر التقليدي المؤيد لنتنياهو. فقد تراجعت قوة حزب "كاحول لفان" بقيادة الجنرال بني غانتس، وزير الأمن ورئيس الحكومة البديل، من 15 مقعداً عند دخول الحكومة إلى 4 مقاعد حالياً، مع احتمالات بعدم اجتياز نسبة الحسم. وهو ما ينطبق أيضاً على حزب "الإسرائيليين" بقيادة رئيس بلدية تل أبيب رون حولدئي، الذي تراجع من 8 مقاعد، عند تأسيسه قبل أكثر من شهر، إلى ما دون نسبة الحسم. كما يطاول خطر الاندثار والفشل أيضاً، حزب "تيلم" بقيادة موشيه يعالون، الذي انسحب هو الآخر من قائمة "ييش عتيد" أخيراً، لكنه قد لا ينجح بحسب الاستطلاعات في اجتياز نسبة الحسم.

تمنح استطلاعات الرأي "يمينا" بقيادة بينت بين 10 و12 مقعداً
 

وفي اليسار فإن حزب "العمل"، بقيادة ميراف ميخائيلي، يملك حظوظاً بالتفوق على مصاعب نسبة الحسم. أما حزب "ميرتس" فيبدو ثابتاً في قوته في الاستطلاعات بخمسة مقاعد. إلى ذلك، فإن حزبي يروزن زليخا وعوفر شيلح، المحسوبين على معسكر الوسط واليسار، قد لا يتمكنان من اجتياز نسبة الحسم. هذا الواقع المبني على الاستطلاعات دفع إلى إطلاق دعوات في الوسط واليسار إلى توحيد الصفوف وتشكيل تحالفات انتخابية، حتى يوم الخميس، لتفادي حرق عشرات آلاف الأصوات، إن لم يكن أكثر من ذلك، من شأن ضياعها أن يمنح "الليكود"، بقيادة نتنياهو، مقاعد إضافية، أكثر من غيره وفق قانون فائض الأصوات، لكونه الحزب الأكبر.
الصوت العربي بين الوحدة الانقسام
بموازاة هذا التشرذم في ساحة الأحزاب الصهيونية، فإن الوضع في المجتمع الفلسطيني في الداخل، وتحديداً في القائمة المشتركة للأحزاب العربية، ليس بأحسن حال، إذ يخيم خطر الانشقاق على القائمة المشتركة وانسحاب الحركة الإسلامية الجنوبية منها، وخوضها الانتخابات في قائمة تحالفية مع شخصيات مستقلة. ويُطرح في الإعلام اسم رئيس بلدية سخنين مازن غنايم كمَنْ سيتحالف مع الحركة، إلى جانب مرشح تقدمه كتلة رئيس بلدية الناصرة علي سلام. ويأتي خطر الانشقاق على الرغم من أن الاستطلاعات المتواترة تتنبأ بتراجع القائمة المشتركة من 15 مقعداً حالياً إلى 10-11 مقعداً، حتى لو حافظت على تركيبتها الحالية ولم تنشق.
وبدأت بذور الخلافات داخل القائمة قبل عدة أشهر، بعد أن ألغى رئيس الحركة الإسلامية الجنوبية، النائب منصور عباس، تصويتاً في الكنيست أيّد تشكيل لجنة تحقيق رسمية ضد نتنياهو، وأتبعه بتصريحات أعلن فيها أن حركته لا تستبعد التعاون مع حكومة برئاسة نتنياهو مقابل تحقيق إنجازات مطلبية للفلسطينيين في الداخل. ثم ألحق عباس وحركته هذه التصريحات، خلال جلستي المفاوضات الأخيرة مع باقي الشركاء في القائمة المشتركة، بشروط تتصل بما وصفه باحترام الثوابت والعقائد الدينية، مطالباً شركاءه بالتعهد بعدم التصويت مع قوانين "لصالح الشواذ".
وترى باقي مركبات القائمة المشتركة (الجبهة الديمقراطية، التجمع الوطني والحركة العربية للتغيير) أن الشرط الأهم الذي ينبغي التوافق عليه هو التعهد بعدم التعاون بأي شكل من الأشكال مع اليمين الإسرائيلي، ممثلاً بنتنياهو. ورغم حملة تراشق للاتهامات بين مختلف مركبات القائمة مع الحركة الإسلامية في الأيام الأخيرة، لكن الترجيحات بأن تتواصل المفاوضات بين الطرفين، حتى يوم الخميس المقبل، فيما تُعزز الأحزاب الصهيونية، وحتى نتنياهو، من حملاتها الدعائية في المجتمع العربي لمحاولة كسب عشرات آلاف الأصوات لصالحها، مع تحريض منهجي ضد الأحزاب العربية.