الاحتجاجات تتواصل في السودان رغم محاولات سلطات الانقلاب لفتح الطرق

الاحتجاجات تتواصل في السودان رغم محاولات سلطات الانقلاب لفتح الطرق

28 أكتوبر 2021
يصرّ الثوار على إغلاق الطرق والعصيان المدني (فرانس برس)
+ الخط -

غموض يلف مصير المعتقلين السياسيين في السودان

مكتب حمدوك: بيان جراهام عبد القادر يعبر عن سلطة الانقلاب

ضغط أجنبي لإعادة وضع السودان إلى ما كان عليه قبل الانقلاب

تحذير من السفارة الأميركية في الخرطوم

7 قتلى على الأقل منذ بدء الانقلاب في السودان

يواصل السودانيون لليوم الرابع على التوالي، عصيانهم المدني المناهض للانقلاب الذي نفذه قائد الجيش الفريق أول عبد الفتاح البرهان وقائد قوات الدعم السريع الفريق أول محمد حمدان دقلو.

ويصرّ الثوار على امتداد الطرق في العاصمة السودانية الخرطوم، على إغلاقها، في ظل محاولات متكررة من قبل سلطات الانقلاب لفتحها حتى ولو باستخدام الرصاص الحي، خصوصاً في ساعات الصباح، لإعطاء صورة للمواطنين والعالم بأنّ الحياة عادت لطبيعتها، وهذا ما فعلته اليوم الخميس، بإزالتها عدداً من الحواجز والمتاريس، خصوصاً في شارع المطار وشارع عبيد ختم وشارع الستين بالخرطوم، وأم درمان، والخرطوم بحري، لكن عدداً كبيراً من الأحياء كان عصيا عليها، مثل الكلاكلة والشجرة وشمبات والعباسية وبري.

وكانت التظاهرات الليلية قد تواصلت، مساء أمس الأربعاء، في غالبية أحياء العاصمة، بينما يتواصل الحشد لموكب 30 أكتوبر السبت المقبل، وهو من المواكب المركزية التي تعوّل عليها الأجسام النقابية ولجان المقاومة لحسم المعركة مع العسكر.

الصورة
استمرار إغلاق المحلات في الخرطوم التزاماً بالعصيان المدني رفضاً للانقلاب العسكري (فرانس برس)
استمرار إغلاق المحلات في الخرطوم التزاماً بالعصيان المدني رفضاً للانقلاب العسكري (فرانس برس)

وأصدرت عدة  لجان للمقاومة في الأحياء، بيانات، اليوم الخميس، أعلنت فيها عزمها على مواصلة التصعيد حتى يوم 17 نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، وهو الموعد المحدد طبقاً للوثيقة الدستورية لتسلم المدنيين رئاسة مجلس السيادة، مشيرة إلى أنّ البرهان "اختار بمحض إرادته أن يكون العسكري الخائن حتى بعد أن أتاحت له هذه الثورة فرصة لإثبات شرف البدلة العسكرية التي، حتماً ولا بد، ستؤول يومآ لمن يستحقها". 

وأكدت أنها لن تسمح لأي جهة عسكرية أو سياسية داخلية أو خارجية بأن تسرق "الأرواح التي فارقتنا والدماء التي نزفناها، والنهارات التي خضناها حروباً، والليالي التي سهرناها قلقاً، والهتافات التي صدحنا بها جهراً، والمتاريس التي بنيناها دفاعاً، وكل المواقف التي سطرناها تاريخاً".

وبيّنت أن جداول التصعيد الثوري ستشمل مواكب ليلية، ومخاطبات، ومتاريس مستمرة، بالإضافة إلى العصيان المدني الشامل حتى إسقاط الحكم الانقلابي.

نقابات تندد بـ"الترهيب" في السودان

في سياق متّصل، وقّعت 20 نقابة على بيان مشترك نشر اليوم الخميس، اطلع عليه "العربي الجديد"، ويندّد بالترهيب الذي يتم في الشارع، و"الذي يعتقد العسكر أنه سيبقيهم في الحكم وسرقة أحلام الشعب". وأضاف البيان أنّ "خروج الشعب المهيب والعظيم بعد الإعلان الذي أقدم عليه الانقلابيون كان ملهماً وبات أثره واضحاً، وأنّ العصيان والإضراب العام المعلن اليوم كان ناجحاً بنسب تفوق توقع الجلاد وحاشيته".

وتعهدت الأجسام النقابية بمواصلة الالتحام مع الشارع في التتريس والتظاهرات الليلية داخل الأحياء، ومواصلة العصيان المدني والإضراب العام، والتجهيز لموكب "الردة مستحيلة" في الثلاثين من أكتوبر/تشرين الأول.

7 قتلى على الأقل منذ بدء الانقلاب في السودان

إلى ذلك، أعلنت مديرية الطب الشرعي في السودان، أنّ سبعة متظاهرين على الأقل قتلوا منذ حصول الانقلاب العسكري. وقال مدير الطب الشرعي السوداني هشام فقيري، لوكالة "فرانس برس"، اليوم الخميس: "يوم الاثنين في الخرطوم، دخلت إلى المشارح سبع جثث لمتظاهرين وجثة جندي من قوات الدعم السريع.. في الأيام التالية، وصل عدد من الجثث بسبب أحداث العنف، وظهرت عليها آثار ضرب بأدوات حادة".

وكانت لجنة أطباء السودان المركزية التي قادت الاحتجاجات ضد الرئيس المخلوع عمر البشير، أعلنت سابقاً مقتل أربعة "ثائرين بإطلاق نار من قوات المجلس العسكري الانقلابي" الاثنين خلال احتجاجات.

تحذير من السفارة الأميركية في الخرطوم

وكانت السفارة الأميركية لدى السودان، قد قالت، الأربعاء، في "إنذار أمني" عبر صفحتها في "فيسبوك"، إنها تلقت تقارير عن احتجاجات متفرقة في الخرطوم ومحيطها، ولا تقارير جديدة عن اندلاع أعمال عنف. وأضافت أن المحتجين أقاموا حواجز على طرق، فيما نصب الجيش نقاط تفتيش، ما أدى إلى تقييد شديد للحركة في بعض المناطق.

وتابعت أنه تم اعتقال متظاهرين، ولم تتلقَ تقارير جديدة عن إصابات ولا مواجهات عنيفة، بعد أن تلقت تقريراً بسقوط 12 قتيلاً و100 جريح ليلة الإثنين - الثلاثاء، في مواجهة بين المتظاهرين وقوات عسكرية.

وبشأن الرعايا الأميركيين، قالت السفارة إنها لم تتلقَ حتى الآن أي تقارير عن اعتقالات أو إصابات أو وفيات لمواطنين أميركيين. ونصحت رعاياها بتوخي الحيطة والحذر وعدم مغادرة أماكنهم قدر الإمكان، وعدم التوجه إلى مطار الخرطوم الدولي، إلا في حال وجود تأكيد لرحلة محجوزة. وأفادت بأنه لم يتم استئناف العمل في المطار، حتى وقت نشر "الإنذار الأمني"، رغم إعلان السلطات إعادة فتح المطار، مساء الأربعاء.

وحثت السفارة الرعايا الأميركيين على عدم الذهاب إلى مقرها، في ظل تعليق كل الخدمات التي يتم تقديمها بصورة حضورية، محذرة من اضطراب محتمل في الاتصالات الهاتفية، مؤكدة استئناف خدمات الإنترنت في الخرطوم.

ضغط أجنبي لإعادة وضع السودان إلى ما كان عليه قبل الانقلاب

سياسياً، أفادت مصادر خاصة "العربي الجديد"، بأنّ عدداً من السفراء الأجانب أبلغوا رئيس الوزراء عبد الله حمدوك الذي التقوه في منزله، مساء أمس الأربعاء، أنهم يضغطون بقوة لإعادة المشهد السياسي والدستوري في السودان إلى ما كان عليه قبل يوم 25 أكتوبر/تشرين الأول الحالي. وذكرت أن حمدوك بالمقابل أبلغهم عدم اشتراطه إبعاد قائد الانقلاب عبد الفتاح البرهان من المشهد كلياً بعد خيانته للثورة وخرقه للوثيقة الدستورية، فيما توقعت مصادر أخرى، وصول وفد من مفوضية الاتحاد الأفريقي للخرطوم خلال الساعات المقبلة للاجتماع مع أطراف الأزمة السياسية.

وكان الاتحاد الأفريقي قد اتخذ قراراً، أمس الأربعاء، بتجميد عضوية السودان بعد الانقلاب، وذلك طبقاً لمواثيق ولوائح الاتحاد التي لا تعترف بأي انقلاب عسكري.

اعتذار كامل الطيب إدريس عن تولي منصب رئيس الوزراء في السودان

من جهة أخرى، أفادت مصادر أخرى باعتذار كامل الطيب إدريس، الأمين العام الأسبق للمنظمة العالمية للملكية الفكرية، عن تولي منصب رئيس الوزراء في السودان، وذلك بعد الرفض الذي ووجه به من الشارع، وفتح ملفات إبعاده من المنظمة قبل سنوات بسبب شبهة التزوير في تاريخ ميلاده، ويبحث العسكر حالياً عن شخصية ذات بعد عالمي تتمكن من فك العزلة التي وقعوا فيها بعد تنفيذ انقلابهم.

وعين قائد الانقلاب الفريق أول عبد الفتاح البرهان، اليوم الخميس، السفير علي الصادق وكيلاً لوزارة الخارجية، خلفاً للسفير محمد شريف، كما عين المهندس فخري الدين عثمان مديرا لسلطة الطيران المدني خلفاً لإبراهيم عدلان.

مكتب حمدوك: البيان الصادر باسم جراهام عبد القادر يعبر عن سلطة الانقلاب

أعلن مكتب الناطق الرسمي باسم رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك، أن البيان الصادر باسم جراهام عبد القادر، يعبر عن سلطة الانقلاب، ولا يمثل وزارة الثقافة والإعلام، ولا رؤية مجلس وزراء الفترة الانتقالية.
جاء ذلك في بيان نشره مكتب الناطق الرسمي باسم رئيس الوزراء على صفحة وزارة الثقافة والإعلام في "فيسبوك"، وهي صفحة لا تزال تحت سيطرة موظفين بالوزارة يرفضون الاعتراف بالانقلاب.

وأكدت صفحة الوزارة أنها ظلت ومنذ فجر الانقلاب في 25 أكتوبر/تشرين الأول، على تواصل مستمر بمكتب دولة رئيس الوزراء والوزارات والبعثات الدبلوماسية في مختلف بلدان العالم.
وكان قائد الانقلاب العسكري الفريق أول عبد الفتاح البرهان، قد أصدر أمس الأربعاء، قراراً بتعيين جراهام عبد القادر وكيلاً لوزارة الثقافة والإعلام، والذي أصدر بياناً هو الآخر، ينفي فيه صلة الوزارة بالبيانات والأخبار التي تنشر على صفحة الوزارة.
ولفت مكتب الناطق الرسمي، إلى أن موظفي الانقلابيين ليس لديهم أي صلاحية أو اتصال بأي من المؤسسات الواقعة تحت سلطات دولة رئيس الوزراء عبد الله حمدوك.
والإثنين الماضي، وفي الساعات الأولى لانقلاب البرهان، اعتقلت قوة من الجيش السوداني، وزير الثقافة والاعلام الناطق الرسمي باسم الحكومة حمزة بلول واقتادته لمكان مجهول، ضمن مجموعة من الوزراء.

غموض يلف مصير المعتقلين السياسيين في السودان

إلى ذلك، لا يزال مصير المعتقلين السياسيين غامضاً حتى الآن، ومنعت سلطات الانقلاب أسرهم من زيارتهم. وقالت أسرة المستشار السياسي لرئيس الوزراء ياسر عرمان، في بيان لها، إنها تشعر بقلق بالغ على مصيره هو وشقيقه الذي اعتقل معه دون أن يكون له أي علاقة بأي تنظيم سياسي، مشيرة إلى أنها عندما استفسرت الجهات الرسمية في الأمن والجيش نفت قيامها بالاعتقال. وحمّلت الأسرة قيادة الجيش كامل المسؤولية، ودعت المنظمات الحقوقية المحلية والدولية للتدخل العاجل بغرض الإفراج عن عرمان وشقيقه فوراً دون قيد أو شرط.

والإثنين، نفذ الجيش السوداني انقلاباً عسكرياً، بعد قيامه باعتقال عدد من المسؤولين، ووضع رئيس الحكومة عبد الله حمدوك قيد الإقامة الجبرية، ثم اعتقاله أيضاً بعد ذلك، قبل السماح له ولزوجته بالعودة إلى المنزل.

وأعلن قائد الجيش عبد الفتاح البرهان بعد ساعات من الانقلاب، حلّ مجلس السيادة والحكومة وفرض حالة الطوارئ. كما تضمنت قراراته حل جميع الكيانات النقابية والاتحادات المهنية. وندّد المجتمع الدولي بسيطرة الجيش على السلطة.