انقلاب السودان: توسع حركة العصيان المدني رغم الاعتقالات السياسية

انقلاب السودان: توسع حركة العصيان المدني رغم الاعتقالات السياسية

27 أكتوبر 2021
تستمرّ الاحتجاجات الرافضة للانقلاب في السودان (محمود حجاج/ الأناضول)
+ الخط -

تستمرّ الاحتجاجات المناهضة للانقلاب في السودان، في العاصمة الخرطوم ومدن عدة، على الرغم من الضغوطات التي يمارسها الجيش السوداني، واستمرار الاعتقالات السياسية، في وقت أعلن الاتحاد الأفريقي، اليوم الأربعاء، تعليق مشاركة السودان في جميع أنشطته، حتى عودة السلطة التي يقودها المدنيون.

واعتقلت قوات الأمن السودانية 3 شخصيات سياسية بارزة مطالبة بالديمقراطية، اليوم الأربعاء، في وقت تتصاعد الضغوط الدولية على الجيش السوداني للتراجع عن الانقلاب الذي نفذه في وقت سابق من هذا الأسبوع.

وجاءت الاعتقالات بعد ساعات قليلة من سماح الجيش لرئيس الوزراء عبد الله حمدوك وزوجته بالعودة إلى منزلهما. والنشطاء الذين اعتُقِلوا خلال الليل هم إسماعيل التاج، القيادي في تجمع المهنيين السودانيين، الجماعة التي كانت في طليعة الاحتجاجات التي أطاحت عمر البشير، وصديق الصادق المهدي، القيادي في حزب "الأمة"، أكبر حزب سياسي في السودان وشقيق وزيرة الخارجية مريم المهدي، وخالد السْليك، المستشار الطبي السابق لرئيس الوزراء، وهذا وفقاً لزوجة السْليك، مروة كامل، إضافة إلى الناشطين ناظم سراج ونازك عوض.

والإثنين، أعلن قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان حلّ مجلس السيادة والحكومة وفرض حالة الطوارئ. وتضمنت قراراته حلّ جميع الكيانات النقابية والاتحادات المهنية.

توسع حركة العصيان المدني

وعلى خط التحركات المناهضة للانقلاب، قال تجمّع "المهنيين السودانيين"، في بيان صدر اليوم الأربعاء، إنّ عمال شركة "سودابت" النفطية الحكومية سينضمون إلى حركة العصيان المدني على مستوى البلاد التي أعلنتها النقابات الأخرى، رداً على إطاحة الحكومة من قبل الجيش.

ونشر تجمع المهنيين بياناً من اللجنة التسييرية لنقابة العاملين في سودابت، جاء فيه: "تعلن لجنتكم التسييرية الدخول في العصيان المدني الشامل وقوفاً مع قرار الشعب الداعم للتحول المدني الديمقراطي حتى تحقيق هذا المطلب".

كذلك نشر تجمع المهنيين السودانيين صوراً لمعتصمين ذكر أنهم عاملون في شركة "تو بي أوبكو" للبترول، في مدينة هجليج بولاية جنوب كردفان جنوبي البلاد.

وكانت جماعة من لجان الأحياء في الخرطوم قد أعلنت خطة لإقامة مزيد من المتاريس، وتنظيم الاحتجاجات تصل إلى ذروتها يوم السبت في "مسيرة مليونية".

وقال المكتب الموحد للأطباء، المؤلف من نقابات مختلفة، إنّ الأطباء سيبدأون إضراباً عاماً في مختلف أنحاء السودان، عملاً بوعد سابق بالإضراب في حالة وقوع انقلاب.

تزايد الانتشار الأمني

وفي جولة صباحية لـ"العربي الجديد"، اليوم الأربعاء، في عدد من مناطق الخرطوم، لوحظ تزايد الانتشار الأمني الكثيف والمتحرك لقوات الجيش والدعم السريع، كما بدأت الحياة تعود تدريجاً إلى بعض الأسواق، وفُتح شارع المطار بالخرطوم بالكامل، مع استمرار انعدام الخبز، فضلاً عن إغلاق المؤسسات الحكومية والخاصة بعد رفض الكثير من الموظفين العمل استجابة لدعوة العصيان المدني.

وفي مدينة ود مدني، مركز ولاية الجزيرة، وسط السودان، أكد شهود عيان استمرار التصعيد، وخصوصاً في أحياء القسم الأول والدباغة واركويت ومايو واشلاق الشرطة، وأغلق المحتجون كبري حنتوب، وهو واحد من الكباري الاستراتيجية، إذ يربط مدينة مدني بالخرطوم، ويربط المدينة أيضاً بالميناء الرئيسي على ساحل البحر الأحمر، واستمرّ أيضاً إقفال الكثير من المؤسسات الاستراتيجية.

وفي الوقت نفسه، تواصل سلطات الانقلاب في المدينة اعتقال قيادات الأحزاب والناشطين، مع التركيز على أعضاء لجنة تفكيك إزالة نظام الثلاثين من يونيو/ حزيران.

وفي مدينة بورتسودان، الميناء الرئيس، تواصلت أمس الثلاثاء التظاهرات الليلية في بعض الأحياء، واستمرّ إغلاق الميناء، وهي العملية التي جرت قبل الانقلاب بشهر، بواسطة زعامات قبلية تطالب بإلغاء اتفاق خاص بالإقليم وُقّع العام الماضي بين الحكومة وفصائل سياسية، وبحسب متابعات "العربي الجديد"، فإن منظمي الإغلاق رفضوا الاستجابة لقادة الانقلاب بفتح الميناء، واشترطوا إلغاء اتفاق الشرق أولاً.

وفي مدينة سنجة، جنوب شرقي البلاد، تتواصل حسب مصادر "العربي الجديد" عمليات اعتقال قيادات من حزب "الأمة" القومي وأعضاء لجنة التفكيك، هذا غير إذلال الشباب بحلاقة شعرهم بالكامل.

وفي مدينة القضارف، يتواصل التصعيد وشلل الحياة، وسط إصرار من شباب الثورة على هزيمة الانقلاب العسكري.

في غضون ذلك، أكد قائد احتجاج البجا لـ"رويترز" أن الحصار الشرقي لا يزال مستمراً، ولا علاقة له بما يحدث في الخرطوم.

استئناف العمل بمطار الخرطوم اليوم

إلى ذلك، تستأنف السلطات السودانية العمل بمطار الخرطوم، عند الساعة الرابعة بالتوقيت المحلي (14:00 بتوقيت غرينتش) اليوم الأربعاء، كما أكد مدير الطيران المدني إبراهيم عدلان، غداة قرار بتعليق جميع الرحلات من البلاد وإليها حتى نهاية الشهر الجاري، بسبب ما تشهده من اضطرابات بعد سيطرة العسكريين على الحكم.

وقال عدلان لوكالة "فرانس برس" إن المطار "سيعاود العمل اليوم، الساعة 16:00 بالتوقيت المحلي".

ويأتي قرار استئناف العمل بالمطار، بينما يواصل السودانيون احتجاجهم في شوارع العاصمة السودانية ضد قرارات قائد الجيش عبد الفتاح البرهان التي أطاحت الشركاء المدنيين من الحكم خلال المرحلة الانتقالية التي تمر بها البلاد.

بوريل يعلن إجراء اتصال بحمدوك

أعلن مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، على حسابه بموقع "تويتر" أنه أجرى اتصالا برئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك، موضحا أنه عبر عن دعمه للعودة إلى انتقال بقيادة المدنيين.
وأضاف في تغريدته أن "أي شيء آخر غير ذلك هو خيانة لتطلعات الشعب الذي قاد الثورة عامين قبل ذلك"، مشدداً "لا نريد أن السودان يعود إلى الساعات السوداء في تاريخه".

في سياق متصل، وصل عدد الدبلوماسيين السودانيين بالخارج وداخل وزارة الخارجية، الرافضين للانقلاب إلى 40 دبلوماسياً، أبرزهم سفراء الخرطوم في كل من واشنطن، ونيويورك، وفرنسا، وجنوب أفريقيا والصين وقطر والإمارات والكويت.
وأعلن الرافضون، في بيان نشروه عبر وسائط التواصل الاجتماعي، إدانتهم بالكامل للانقلاب العسكري على ثورة ديسمبر المجيدة، كما رحبوا بالمواقف الدولية القوية المساندة للحكم المدني ودعوا الشعوب المحبة للسلام، إلى رفض الانقلاب.
 

بلينكن يبحث انقلاب السودان مع وزير الخارجية السعودي

سياسياً، أجرى وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن اتصالاً هاتفياً بنظيره السعودي فيصل بن فرحان. وقال بلينكن في تغريدة عبر "تويتر"، إنه بحث مع بن فرحان الرد على الانقلاب العسكري في السودان، بالإضافة إلى قضايا ثنائية مهمة أخرى، من بينها حقوق الإنسان.

وكان بلينكن قد تحدث، في وقت متأخر من مساء أمس الثلاثاء، إلى رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك، ورحب بإطلاق سراحه من الاحتجاز. وقالت الوزارة في بيان إن بلينكن عاود تأكيد مطالبته القوات المسلحة السودانية بالإفراج عن جميع القادة المدنيين المعتقلين.

وكان مستشار البيت الأبيض للأمن القومي جيك سوليفان قد قال أمس الثلاثاء، إنّ إدارة الرئيس جو بايدن تنظر في جميع الأدوات الاقتصادية المتاحة للتعامل مع الانقلاب العسكري في السودان، وإنها على اتصال وثيق بدول الخليج بشأن الوضع.

وقال في إفادة بالبيت الأبيض إنّ أفعال الجيش السوداني "غير مقبولة بالمرة" و"انتكاسة كبيرة ومقلقة" للسودان. وأضاف، وفق ما أوردته "رويترز"، أنّ واشنطن على اتصال وثيق بزعماء المنطقة، بما في ذلك منطقة الخليج، "لضمان أن ننسق من كثب ونبعث برسالة واضحة إلى الجيش في السودان بأن عليه الكفّ عن أي عنف ضد المدنيين الأبرياء والعودة إلى مسار ديمقراطي".

وتابع: "سننظر في جميع الأدوات الاقتصادية المتاحة لدينا، بالتنسيق والتشاور مع الأطراف الإقليمية والدول الرئيسية الأخرى، من أجل محاولة دفع العملية السياسية السودانية بأكملها للعودة للسير في اتجاه إيجابي".

وقال مصدر دبلوماسي، لوكالة "رويترز"، إنّ سفراء السودان في 12 دولة، منها الولايات المتحدة والإمارات والصين وفرنسا، رفضوا في بيان الانقلاب العسكري. ووقّع على البيان أيضاً سفراء السودان لدى بلجيكا والاتحاد الأوروبي وجنيف ووكالات تابعة للأمم المتحدة وجنوب أفريقيا وقطر والكويت وتركيا والسويد وكندا.

وذكر البيان أنّ السفراء "ينحازون إلى جانب المقاومة الشعبية للانقلاب".