كشفت مصادر مصرية خاصة، لـ"العربي الجديد"، أن مصر أبلغت رئيس الوزراء الليبي الجديد عبد الحميد الدبيبة تمسكها برفض ذهاب عدد من الوزارات للإسلاميين، في إطار المحاصصات الداخلية في ليبيا. ودعته إلى نقل صورة جديدة عن ليبيا من شأنها إعادة صياغة العلاقات الدولية في إطار من الثقة، بحد تعبير المصادر المقربة من اللجنة المعنية بالملف الليبي.
وأجرى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الخميس الماضي، مباحثات مع الدبيبة، الذي زار القاهرة للمرة الأولى منذ انتخابه رئيساً للحكومة قبل أسبوعين. وأوضحت المصادر أن القاهرة اشترطت على الدبيبة، عدم إعطاء وزارات الدفاع والداخلية والتعليم إلى أي من القوى الإسلامية، سواء كانوا "الإخوان المسلمين" أو تيارات أخرى.
أكد الدبيبة للقيادة المصرية تبنيه تصوراً لإنهاء أزمة توسع نفوذ الجماعات المسلحة في غرب ليبيا
وبحسب المصادر، فإن الدبيبة أكد للقيادة المصرية تبنيه تصوراً لإنهاء أزمة توسع نفوذ الجماعات المسلحة في غرب ليبيا، مشيرة إلى أنه يسعى لربط هذه المليشيات بمجموعة من المصالح والمكاسب الاقتصادية، بشكل يمكن معه السيطرة عليها حتى يكون لديها ما تخشاه، لحين إدماجها في مؤسسات الدولة الرسمية، وإخضاعها للقوانين، ومن ثم تفكيكها، حتى داخل المؤسسات الرسمية.
وأكدت المصادر أن مصر شددت على الخط الأحمر الذي سبق وحددته القاهرة، والمعروف بخط سرت- الجفرة، وعدم نقل أي من "مليشيات" الغرب إلى الشرق تحت أي مسمى.
وكشفت أن الاستثمار المصري في مجال الغاز على السواحل الليبية ربما يكون باكورة التنسيق بين مصر وتركيا عبر بوابة ليبيا، وقيادتها الجديدة. وقالت إن "الدبيبة أكد للمسؤولين في مصر أن القاهرة ستكون مدعوة، في إطار التعاون وبناء العلاقات الجديدة، للاستثمار في مجال التنقيب عن الغاز عند السواحل الليبية، وأن الأمر لن يقتصر على الشركات التركية، وهو ما سيفتح الباب لتنسيق بين الأطراف الثلاثة". وأضافت أن "الدبيبة شدد على أن مصر شريك أساسي في تنمية ليبيا الجديدة، وستحصل على حصص مناسبة من إعادة الإعمار"، مؤكداً استعداد حكومته للانخراط الفوري في اتفاقيات مع الجانب المصري بشأن زيادة العمالة المصرية في ليبيا. ودعا، بحسب المصادر، القيادة المصرية إلى سرعة تكليف سفير في ليبيا، وفتح السفارة المصرية في طرابلس للبدء الفوري في كافة التفاهمات.
وكان الدبيبة شدد، خلال لقائه برئيس مجلس النواب المنعقد في طبرق عقيلة صالح، عقب عودته من مصر مباشرة، على أن أي دولة لا تحترم ليبيا لن تحظى بالاحترام من جانبهم. وأكد أنه تلقى تعهدات بالمساعدة من المصريين خلال زيارته الأخيرة للقاهرة، لكنه اشترط لقبول مساعدتهم أن يحترموا السيادة الليبية وحكومة الوحدة الوطنية التي تمثل جميع أنحاء ليبيا، وأن الوقت قد حان لإعادة الكرامة لليبيين بعد عشر سنوات من الإهانة والتلاعب ببلادهم.
شدد رئيس الأركان الليبي على أنه إذا فرضت عليهم حرب أخرى فلن يتراجعوا
في مقابل ذلك، قال رئيس الأركان العامة لقوات حكومة الوفاق الفريق أول ركن محمد الحداد، إن هناك "فيتو" على قيام المؤسسة العسكرية في غرب ليبيا منذ 2014. وأضاف الحداد، على هامش الاحتفالية بالذكري العاشرة للثورة في نالوت، إنهم يريدون مؤسسة منضبطة وإطاراً صحيحاً وتراتبية تنضوي تحتها المناطق والكتائب ورئاسة الأركان ووزارتا الدفاع والداخلية وغيرها. وأكد أنهم ما زالوا يتحملون المسؤولية، مشيراً إلى وجود ما سماه لوبي فاسدا في بعض الإدارات وذلك يحتاج سنوات وتكاتفاً من الجميع لتطهيرها. ودعا الليبيين إلى التواصل مع بعضهم البعض وإيجاد حل ينهي جميع المشاكل. وأعرب عن أمله في أن تكون الحرب على طرابلس هي الأخيرة، لكنه شدد على أنه إذا فرضت عليهم حرب أخرى فلن يتراجعوا، وأن التواصل مع الخارج ضروري لكن مع المحافظة على سيادة ليبيا ووحدتها.
يأتي ذلك في وقت استمرت فيه الأزمة حول مكان انعقاد البرلمان لمنح الثقة للحكومة الليبية الانتقالية، في حين لوّح الدبيبة باللجوء إلى أعضاء ملتقى الحوار السياسي للحصول على الثقة، في حال عدم توافق البرلمان واستمراره في الانقسام حول جلسة منح الثقة للحكومة. وكان الدبيبة قد حذر النواب من اللجوء إلى "الخيار الثاني" إذا لم يتوافقوا حول عقد جلسة منح الثقة لحكومته، في إشارة إلى إمكانية ذهابه لملتقى الحوار السياسي للحصول على الثقة لحكومته، وفق خريطة الطريق التي أقرها ملتقى الحوار في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي. وقال الدبيبة، في تدوينة نشرها على حسابه بموقع "تويتر" مساء الثلاثاء الماضي: "لدينا خياران في عملية اختيار شكل الحكومة، وعدم توافق النواب يدفعنا لاعتماد الخيار الثاني".