استفتاء دنماركي على التعاون الدفاعي والأمني الأوروبي

استفتاء دنماركي على المشاركة في التعاون الدفاعي والأمني الأوروبي

01 يونيو 2022
يحق لأكثر من 4 ملايين و200 ألف مواطن المشاركة في الاقتراع (ناصر السهلي)
+ الخط -

بدأ الدنماركيون، صباح اليوم الأربعاء، الاستفتاء إما بالموافقة أو الرفض على شطب تحفظات بلدهم على التعاون الدفاعي ـ الأمني على مستوى الاتحاد الأوروبي. ويحق لأكثر من 4 ملايين و200 ألف مواطن المشاركة في الاقتراع.

ورفض الدنماركيون في مناسبات سابقة التراجع عن وضع بلدهم الخاص، المتواصل منذ تحول "السوق الأوروبية المشتركة" رسمياً إلى "الاتحاد الأوروبي" باستفتاء عام 1993. ويشمل ذلك، إلى جانب الدفاع والأمن، البقاء خارج منطقة اليورو والتعاون القضائي. واستفتاء اليوم سيحسم فقط المشاركة في السياسات الدفاعية والأمنية الأوروبية.

وساهم الغزو الروسي لأوكرانيا في منح معسكر الموافقين دفعة قوية، باستثناء بقاء معسكر أقصى اليمين واليسار رافضاً لانخراط بلادهم في عمليات أوروبية مشتركة. ويتفق كبير باحثي المركز الدنماركي للدراسات الدولية، فليمنغ سبيديبول هانسن، في حديثه لـ"العربي الجديد"، مع فكرة أن الحرب والتهديدات الروسية "ساهمت في تعزيز رغبة الشارع في رؤية مزيد من التعاون الأوروبي على مستويي الدفاع والأمن".

ونقلت النقاشات السياسية المتواصلة منذ مارس/ آذار الماضي نسبة لا بأس بها من المترددين نحو حسم مواقفهم، على خلفية التهديدات الروسية للبلاد ودول الجوار، كفنلندا والسويد في مسعاهما الانضمام إلى الأطلسي. ويبدو أن توتر العلاقة بين القارة وروسيا زاد في تعبئة غير مسبوقة للمترددين، الذين وصلوا إلى التعادل مع نسبة المؤيدين في مارس/ آذار الماضي، وبلغت نسبتهم حوالي 34 في المائة، ليصلوا في استطلاعات أمس إلى 19 في المائة فقط، لمصلحة نحو 48 في المائة لتأمين أغلبية "نعم".

ويعتقد الباحث سبيديبول أن الغزو الروسي لأوكرانيا ساهم في الرغبة الشعبية والسياسية بتعاون أوسع مع بقية دول القارة، على مستوى الدفاع والأمن. وفي حال موافقة الشعب على الانخراط التام في سياسات أوروبا الدفاعية، فذلك يعني أن السياسيين لن يحتاجوا إلى تأمين أغلبية ثلثي البرلمان (من 179 عضواً) للمشاركة في عمليات وبعثات.

ومن المثير في النقاشات التي سبقت تصويت اليوم أن ساسة يسار الوسط يضعون في الحسبان عوامل أخرى لتزكيتهم التصويت بـ"نعم"، وبينها احتمالية عودة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب إلى البيت الأبيض. فرغم أن ضفتي الأطلس تتعاونان اليوم في مواجهة روسيا، إلا أن علاقتهما مرت بمطبات منذ 2017.

وتزايدت الأصوات الداعية إلى اعتماد أوروبا على نفسها أكثر، كما ذهبت المستشارة الألمانية السابقة أنجيلا ميركل، بعد تصريحات ترامب عن ضرورة عدم اعتماد الأوروبيين على الحماية العسكرية الأميركية. وينطلق مؤيدو التعاون الأوروبي العسكري والأمني من القول إنه "على القارة ألا تضع بيضها كله في سلة الأطلسي فقط".

وحتى وإن كان الاستفتاء اليوم لا يعني المباشرة في بناء "جيش أوروبي"، إلا أن حالة غياب اليقين بالشريك الأميركي، واعتباره أكثر انشغالاً بالصين، بغض النظر عن نتائج حرب أوكرانيا، كلها تؤسس مستقبلاً لتعاون أوثق بين دول القارة، من خلال تعزيز التعاون تحت سقف المشروع الأوروبي "تعاون منظم بشكل دائم" (بيسكو)، الذي انطلق في 2017، وركز على السياسات الدفاعية المشتركة للأوروبيين، ومن بينها الأمن السيبراني.

في كل الأحوال، فإنّ موافقة الدنماركيين في استفتاء اليوم ستضعهم أمام مهام كثيرة، ومن بينها إنفاق المزيد من الأموال على ذلك التعاون، وهو ما كان أيضاً مثار جدال، وإن أبدى الناس رغبة في صرف أموال للحفاظ على أمن ومستقبل بلادهم. ويُعتبر إلغاء التحفظات فاتحة تعاون ومساهمة في عدد من المهام الأوروبية، تحت مسمّى ضمان السلام والاستقرار في المناطق المجاورة لأوروبا، وبمعنى أدق، التدخل عسكرياً وأمنياً لجعل سلاسل التوريد غير مهددة عبر البحار من قراصنة وفاعلين آخرين. ويمكن للدنمارك المشاركة، بعد رفع التحفظات، في عمليات أوروبا في المتوسط، والمساهمة المباشرة في التعاون مع دول جنوبه والقارة الأفريقية الأكثر تحرراً من السابق، وذلك بالمشاركة بفعالية في بعثات أوروبية في أفريقيا، وغيرها.

المساهمون