أفكار لقوى كردية لتجنيب شمال سورية عملية عسكرية تركية

أفكار لقوى كردية لتجنيب شمال سورية عملية عسكرية تركية

09 يونيو 2022
تعتبر أنقرة "قسد" نسخة سورية من "العمال" (دليل سليمان/فرانس برس)
+ الخط -

لم تنقطع المحاولات الهادفة إلى تجنيب الشمال السوري تدخلاً عسكرياً تركياً جديداً، بعدما تحولت المنطقة إلى ميدان تنافس بين مختلف الفرقاء الفاعلين في المشهد السوري.

وتطرح عدة تيارات ومجالس كردية سورية، وغير كردية، رؤى للحيلولة دون عملية عسكرية تركية واسعة النطاق، من المرجح أن يكون أكراد سورية أكبر المتضررين منها.

وفي هذا الصدد، دعا المجلس الوطني الكردي، الذي يضم عديد الأحزاب السورية الكردية وينضوي في الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، حزب العمال الكردستاني إلى ترك "الساحة السورية". 

فيصل يوسف: الحل يكمن في تطبيق القرارات الدولية الخاصة بسورية

وتعتبر أنقرة "قوات سورية الديمقراطية" (قسد)، التي تسيطر على منطقة شرق الفرات، ومناطق أخرى في غربه، نسخة سورية من حزب العمال الكردستاني. ودعا المجلس، على لسان القيادي فيه، فؤاد عليكو، أنصار هذا الحزب إلى "حوار هادف" للتفاهم على إدارة منطقة شرقي نهر الفرات.

أميركا لم تعط ضوءاً أخضر لتركيا

وأعرب عليكو، في تصريح لموقع "باسنيوز" الكردي أمس الأول الثلاثاء، عن اعتقاده أن الولايات المتحدة لم تعط تركيا ضوءاً أخضر لبدء عملية عسكرية في شمال سورية، و"لن تفعل ذلك لأسباب عدة، أبرزها خشية واشنطن من ترك قوات سورية الديمقراطية المناطق التي تسيطر عليها في الرقة ودير الزور، الأمر الذي يوفر مناخاً مناسباً لعودة تنظيم "داعش" إلى تلك المنطقة مجدداً، وهذا ما لا ترغب فيه أميركا".

ويُعَدّ وجود حزب العمال الكردستاني في سورية السبب الرئيسي للجانب التركي للتدخل في الشمال السوري، حيث يتخوف الأتراك من تشكيل إقليم ذي صبغة كردية في شمال شرق سورية، يتحول إلى تهديد مباشر لأمنهم القومي.

ونشط الطيران التركي المسيّر في الآونة الأخيرة باستهداف قياديين في "العمال" غير سوريين، موجودين داخل الأراضي السورية، آخرهم كان القيادية مزكين بوتان، التي تحمل الجنسية الإيرانية، والتي قُتلت قبل أيام جراء استهداف سيارتها في قرية بيت حنون بريف مدينة القامشلي.

وبيّن المنسق العام لـ"حركة الإصلاح الكردي"، عضو "الهيئة الرئاسية للمجلس الوطني الكردي"، فيصل يوسف، في حديث مع "العربي الجديد"، أن المجلس يرى أن "التدخلات العسكرية تعقد الأوضاع المتأزمة في البلاد وتسهم في استفحالها".

الحل بتطبيق القرارات الدولية الخاصة بسورية

وأضاف: نعتقد أن الحل يكمن في تطبيق القرارات الدولية الخاصة بسورية. بات معلوماً للمجتمع الدولي موجات النزوح واللجوء والمآسي التي حدثت للمواطنين في أعقاب أي تدخل عسكري.

وأوضح يوسف أن المجلس "أسمع موقفه للرأي العام ولقوى المعارضة السورية والولايات المتحدة وبعض الدول"، مشيراً إلى أن "المجلس فصيل سياسي معارض يسعى للحل وفق القرارات الدولية، التي يجب أن تنهي معاناة الشعب السوري، بكل مكوناته الدينية والقومية، وبناء دولته بعيداً عن التجاذبات الإقليمية والدولية".

ولطالما سعى المجلس الوطني الكردي لإدخال قوات البشمركة السورية المتمركزة في شمال العراق إلى شرق الفرات وتولي حماية الحدود السورية التركية، إلا أن "قسد"، التي تهيمن عليها "الوحدات" الكردية، ترفض أي مشاركة في القرارين الأمني والعسكري من قبل أي طرف آخر.

وكانت هذه المسألة سبباً رئيسياً في إفشال الحوار بين أحزاب الإدارة الذاتية، بقيادة "الاتحاد الديمقراطي"، والمجلس الوطني الكردي، رغم الرعاية الأميركية لهذا الحوار، الذي توقف منذ أكثر من عام.

بشير إسحق سعدي: على قيادة "الإدارة الذاتية" إقناع أميركا بالضغط على تركيا

ويرفض حزب الاتحاد الديمقراطي مبدأ فك الارتباط بحزب العمال الكردستاني لتهيئة الأرضية لحوار محتمل مع المعارضة السورية، التي ترفض الجلوس إلى أي طاولة تفاوض مع "الإدارة الذاتية" أو "مجلس سورية الديمقراطية" (الواجهة السياسية لـ"قسد") قبل خروج كوادر حزب العمال الكردستاني من سورية.

ضغط أميركي على تركيا لمنع العمل العسكري

وفي السياق، رأى القيادي في المنظمة الآثورية الديمقراطية بشير إسحق سعدي، في حديث مع "العربي الجديد"، أنه "يمكن تجنب العملية العسكرية التركية في الشمال السوري"، موضحاً أن على قيادة "الإدارة الذاتية" إقناع الجانب الأميركي بالضغط على تركيا لمنعها من الشروع بأي عمل عسكري.

وأشار إلى ضرورة أن يترافق هذا الأمر مع تقديم ضمانات للجانب التركي بإجراء هيكلة جديدة لـ"الإدارة الذاتية" في شمال شرق سورية، لتكون معبّرة عن حقيقة القوى السياسية والاجتماعية بالمنطقة دون هيمنة لحزب دون آخر.

وقال: "يجب أن تختفي شعارات وصور شخصيات غير سورية عابرة للحدود (في إشارة إلى عبد الله أوجلان زعيم حزب العمال الكردستاني المسجون في تركيا)، من الشمال الشرقي من سورية".

واعتبر أن "إجراء انتخابات حرة ونزيهة لاختيار إدارة جديدة تعكس حقيقة اللوحة السياسية والاجتماعية بالمنطقة، وسيلة لسحب الذريعة التركية التي تدعي أن عمليتها تهدف إلى محاربة التنظيم الإرهابي"، في إشارة إلى حزب الاتحاد الديمقراطي.

وفي المقابل، يبدو أن رابطة الأكراد السوريين المستقلين، المنضوية في الائتلاف الوطني السوري المعارض، ترحب بإنشاء منطقة آمنة في الشمال السوري من قبل الجانب التركي، وفصائل المعارضة السورية المرتبطة به.

وفي هذا الصدد، أعرب نائب رئيس الرابطة رديف مصطفى عن اعتقاده أن "عملية عسكرية تركية مشتركة مع فصائل الجيش الوطني ضد مليشيا العمال الكردستاني وشيكة".

إنشاء المنطقة الآمنة مصلحة مشتركة

كذلك أعرب عن اعتقاده، في حديث مع "العربي الجديد"، أن "إنشاء المنطقة الآمنة مصلحة سورية تركية مشتركة، فتركيا تحافظ على أمنها القومي، والسوريون يحررون مناطقهم من العمال الكردستاني، وهذا يفيد بعودة قسم من النازحين والمهجرين إلى ديارهم. ويفيد بالمعنى الاستراتيجي العملية السياسية، ويمنح المزيد من القوة لقوى المعارضة والثورة في العملية التفاوضية".

وأشار مصطفى إلى أن "محاولات قسد للتوسل لنظام الإبادة، أو الروس، أو الإيرانيين، أو الأميركيين، لن تجدي نفعاً"، موضحاً أن فكرة دخول قوات البشمركة السورية لحماية الحدود مع تركيا "مستبعدة في الوقت الراهن"، مشيراً إلى أن هذا الأمر "خاضع لاتفاقات إقليمية ودولية".


رديف مصطفى: إنشاء المنطقة الآمنة مصلحة سورية تركية مشتركة

وقال وزير الخارجية التركي مولود جاووش أوغلو، خلال مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الروسي سيرغي لافروف في أنقرة أمس الأربعاء، إنه "يجب تطهير سورية من التنظيمات الإرهابية التي تهدد وحدة أراضيها وأمن تركيا"، مشدداً على أن "تركيا لا يمكنها أن تتسامح مع الهجمات التي تشنها التنظيمات الإرهابية عليها".

وأكد جاووش أوغلو ضرورة التمييز بين أكراد سورية و"الوحدات" الكردية وحزب العمال الكردستاني، لافتاً إلى دعم بعض الدول للوحدات، وفي مقدمتها أميركا. وتابع: "روسيا والولايات المتحدة الأميركية تعهدتا بتطهير مناطق في شمال سورية من التنظيم الإرهابي، ومن حقنا أن نطالب بالوفاء بهذه التعهدات".

ورداً على سؤال عن اجتماعات لجنة صياغة الدستور السوري، قال جاووش أوغلو إن "الموقف السلبي للنظام السوري أدى إلى فشل الجولة الثامنة لتلك الاجتماعات". وشدد على أن "تركيا تؤيد استمرار مباحثات أستانة"، مبيناً أن "هذه المباحثات تحظى بدعم الأمم المتحدة أيضاً". واعتبر أن "الحل الوحيد للأزمة السورية هو الحل السياسي. يجب جلوس النظام مع المعارضة المعتدلة إلى طاولة المفاوضات لإقرار مستقبل البلاد".

من جهته، اتهم لافروف الولايات المتحدة بأنها ترعى عدة تنظيمات في سورية بشكل غير قانوني. وشدد على أن "روسيا تأخذ بالحسبان قلق أصدقائها الأتراك حيال التهديدات التي تشكلها القوى الأجنبية على حدودهم"، مشيراً إلى أن موسكو وأنقرة ستواصلان تعاونهما في مسألة سورية.