أسبوع على وقف عدوان غزة: انتظار الإعمار وتثبيت التهدئة

أسبوع على وقف عدوان غزة: انتظار الإعمار وتثبيت التهدئة

29 مايو 2021
يتجول السنوار بحريّة في قطاع غزة (الأناضول)
+ الخط -

مضى أسبوع على وقف إطلاق النار في قطاع غزة، الذي لا يزال صامداً في انتظار استكمال تثبيته وبحث تفاصيله وضماناته وشروطه عبر الوساطة المصرية، التي سترتب لحوارات ونقاشات غير مباشرة بين حركة "حماس" والاحتلال الإسرائيلي في القاهرة في وقت قريب. وبعد أسبوع لا تزال مشاهد الموت في كل شارع في غزة حاضرة، الركام والدمار الذي حل بالقطاع لا يزال شاهداً على 11 يوماً من عدوان، لم يترك مكاناً واحداً في القطاع المحاصر آمناً، لكن الفلسطينيين في غزة يرون أنهم صمدوا وانتصروا على آلة الحرب الإسرائيلية.

لم تهدأ خلال هذا الأسبوع التهديدات بالعودة للحرب من جديد والتلويح بالاغتيالات من قبل الاحتلال الإسرائيلي، ولم تتأخر حركة "حماس" بالرد على لسان مسؤوليها، وعلى رأسهم قائدها في غزة يحيى السنوار، الذي بدا متحدياً تهديد الإسرائيليين باغتياله بالتجول في شوارع القطاع مشياً على الأقدام. ويُفهم من التهديد الإسرائيلي أنها مرحلة حرب نفسية وضغط على الفلسطينيين وفصائل المقاومة، إذ يعي الفلسطينيون جيداً أنّ إسرائيل لا تحتمل حرباً طويلة ولا تريد العودة إلى تلقي الرشقات الصاروخية وإرهاق جبهتها الداخلية التي لا تحتمل البقاء في الملاجئ، لكن ذلك لا يعني الركون للنوايا بل البقاء في حالة تأهب وحذر.

لم تهدأ خلال هذا الأسبوع التهديدات بالعودة للحرب من جديد

غير أن اتفاق وقف اطلاق النار سيبقى هشاً أو على الأقل مؤقتاً، إنّ لم تعالج المشكلة التي أنتجت الحرب الإسرائيلية الرابعة وتصدي المقاومة لها، إذ دفعت الأوضاع في القدس المحتلة وحيّ الشيخ جراح تحديداً الذي يتهدد سكانه الفلسطينيين بالطرد والتهويد، إلى إشعال المنطقة. ولا تزال الاستفزازات الإسرائيلية في القدس مستمرة، وإنّ كانت بزخم أقل مما مضى، أضف إلى ذلك القيود الإسرائيلية المستمرة ضد القطاع وهي ما قد تعيد أدوات أخرى من المقاومة للعمل الميداني حتى تتفكك.

الشارع الفلسطيني، خصوصاً أصحاب البيوت المدمرة والمباني التي تضررت جزئياً وكلياً من الحرب الرابعة، ينتظرون إعمارها، ولا يبدو أنّ شيئاً قد بدأ فعلياً إلا من مساعدات مالية محدودة ومعونات إنسانية توزع على المواطنين لتعينهم على ترتيب أمورهم وإنّ كانت لا تزال في مرحلة البداية. وينتظر الفلسطينيون آلية الإعمار المرتقبة، مع خشيتهم من تكرار تجربة الحرب الثالثة في 2014، والتي فرضت إسرائيل شروطها على آلية الإعمار التي رعتها الأمم المتحدة وكانت الأسوأ على الإطلاق، وساهمت في تأخير الإعمار وإطالة أمد البناء، حتى أنّ بعض المنازل والمنشآت منذ ذلك الوقت لم تُبن حتى الآن.

هذه القضايا وتثبيت وقف إطلاق النار وما يحطيها من ملفات، ستناقش في القاهرة خلال الأيام المقبلة، وسيزور رئيس المكتب السياسي لـ"حماس" إسماعيل هنية ووفد من قيادات الحركة مصر، للقاء المسؤولين عن الملف الذي تديره المخابرات العامة، وفق ما أعلن مكتب هنية. ويُتوقع أن تضع إسرائيل عراقيل جديدة في طريق الإعمار، بادعاء أنها لا تريد استفادة "حماس" المباشرة ولا غير المباشرة من الأموال التي تصل. وردّت الحركة أنّ لديها طرقاً أخرى لتمويل أنشطتها وموارد مختلفة، وهي لا تريد استلام أموال الإعمار منفردة، لكنها تطمح وتريد سرعة في الإعمار وإعادة الفلسطينيين إلى بيوتهم المدمرة.

سيجري نقاش فلسطيني ـ فلسطيني حول طروحات عباس الأخيرة

في القاهرة أيضاً، سيجري نقاش فلسطيني ـ فلسطيني حول طروحات الرئيس محمود عباس الأخيرة، عقب فشل إجراء الانتخابات العامة، والتي دعا فيها لتشكيل حكومة وحدة وطنية أو حكومة توافق "تلتزم بقرارات الشرعية الدولية". لا يُنتظر أن توافق "حماس" على هذا الطرح، وهي التي رفضت منذ فوزها بالانتخابات التشريعية في عام 2006 كل ذلك وبقيت متمسكة بمواقفها، وبعد الحرب وخروجها "منتصرة"، تبدو الحركة أكثر إصراراً على رفض المشاركة في هذه الحكومة بالشروط التي يضعها عباس.
لم تعلّق "حماس" على دعوات عباس الأخيرة وتجاهلت ما قاله على غير عادتها، غير أنّ الملاحظ أنه لم يجرِ منذ بدء الحرب على القطاع أي اتصال بين مسؤولي الحركة والرئاسة الفلسطينية، اتصل هنية بالجميع إلا عباس، الذي لم يتصل بدوره بقادة "حماس".

ويرى مراقبون أن السلطة الفلسطينية وقيادتها تحديداً خسرت الكثير في هذه الحرب من شعبيتها، بعد أن تجاهلت ما يجري في قطاع غزة لأيام ولم تجرب حتى ركوب موجة الصمود في القطاع، واستثماره سياسياً لصالحها. ظلت السلطة الفلسطينية صامتة، وابتعد عباس عن المشهد كما بدا واضحاً، وعندما تحدث مرتين خلال العدوان لم يكن التعريج على قضية غزة كبيراً.

يبدو الملف الفلسطيني الداخلي أكثر تعقيداً من ذي قبل، "حماس" التي خرجت بما تسميه "انتصاراً" ويسميه الفلسطينيون "صموداً"، لا يمكن أن ترجع خطوة للوراء، ولديها تشكيك كبير في نوايا عباس الذي كان ينتظر موافقتها على إجراء الانتخابات العامة، ولما وافقت وسارت فيما يريد، ألغى الانتخابات. تتهم "حماس" في السر السلطة الفلسطينية بمحاولة الاستئثار بأموال إعمار غزة التي لم يصل منها شيء بعد، لكنها كسلطة معترف بها دولياً سيتعامل معها كل من يريد أن يساهم في إعمار ما دمرته آلة الحرب الإسرائيلية.

المساهمون