غزة: تكرار سيناريوهات بطء إعادة الإعمار

غزة: تكرار سيناريوهات بطء إعادة الإعمار

28 مايو 2021
تضرر 16800 وحدة سكنية في العدوان الأخير (Getty)
+ الخط -

يتخوف الفلسطينيون في قطاع غزة الفلسطيني المحاصر، من تكرار سيناريوهات البطء في إعادة إعمار القطاع، الذي تعرض لعدوان إسرائيلي، خَلّف على مدار 11 يوماً من القصف العنيف، آلاف الوحدات السكنية والأبراج السكنية والمرافق العامة المدمرة.

وتسبب العدوان الإسرائيلي، وفق الإحصائية الأخيرة لوزارة الأشغال العامة والإسكان في غزة بتدمير كلّي لنحو 1800 وحدة سكنية، فيما تضرر نحو 16.8 ألف وحدة سكنية بشكل جزئي، مع تدمير خمسة أبراج مدنية، وتدمير 74 مقراً ومنشأة عامة ومرفقاً حكومياً، وقصف 66 مدرسة، وتدمير 3 مساجد، وتضرر 40 مسجداً، وتضرر كنيسة.

ونزح خلال فترة العدوان على قطاع غزة نحو 50 ألف فلسطيني إلى المدارس التي تديرها وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، وعددها نحو 40 مدرسة، منتشرة في قطاع غزة، واتجه النازحون أصحاب المنازل المُدمرة كليّاً إلى الاستئجار لحين إعمار منازلهم، وما زال نحو 1200 شخص داخل مدارس الإيواء.

الخبير الاقتصادي عمر شعبان، أوضح أنّ عملية إعادة الإعمار، يجب ألا تكون ملفاً للتنافس السياسي، وحالة التربّح، أو سلب الأموال، إذ إنّ "عدداً من المؤسسات الدولية والأممية في تنافس شديد للحصول على أكبر قدر ممكن من الأموال".

ولفت شعبان في حديث مع "العربي الجديد" إلى أنّ من المهم أن تكون هناك حالة من احترام الضحايا، وأن يُمثل ملف إعادة الإعمار "ورشة وطنية فلسطينية، يساهم الكل فيها، للتطوع وإعادة الإعمار، وأن تكون فرصة حقيقية لالتئام الجرح الفلسطيني، ونبذ الانقسام والفُرقة، عبر التنسيق وتضافر الجهود".

وشدد الخبير الاقتصادي، على ضرورة إعادة الإعمار وفق آلية مختلفة عن آلية الأمم المتحدة Gaza Reconstruction Mechanism، "المرفوضة بشكل قاطع، إذ تعتبر أحد أسباب البطء في عملية الإعمار، والتي تسببت في بقاء نحو 1500 عائلة فلسطينية من دون مأوى حتى الآن".

الاتحاد الأوروبي يعلن رسمياً عن نيته عدم المشاركة في إعادة الإعمار من دون وضوح الأفق السياسي، الذي يضمن عدم تدمير ما يمكن إعماره

وتَمرّ عملية إعادة الإعمار في تحديين، من وجهة نظر شعبان، يتمثل الأول في أنّ الدول المانحة لن تجد تشجيعاً على إعمار ما يمكن أن يتم تدميره في المستقبل، إذ إنّ ما تم إعماره عام 2014، تم تدميره في العدوان الأخير.

وقد أعلن الاتحاد الأوروبي رسمياً عن نيته عدم المشاركة في إعادة الإعمار من دون وضوح الأفق السياسي، الذي يضمن عدم تدمير ما يمكن إعماره، فيما يتمثل التحدي الآخر بالأزمات الداخلية والمتراكمة، التي أفرزها الانقسام الفلسطيني الداخلي.

وتسببت الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة عام 2014، في تدمير 12 ألف وحدة سكنية بشكل كلي، ونحو 160 ألف وحدة بشكل جزئي، وفق إحصاءات وزارة الأشغال، ووكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، وقد تعهدت الدول العربية حينها بتقديم 5.4 مليارات دولار أميركي، تم تخصيص نصفها لتلبية بعض الاحتياجات، فيما تم تخصيص النصف الآخر لإعمار غزة.

وشهدت عملية إعمار البيوت المُهدمة، وترميم ما خلفته الحرب، منذ عام 2014، بطئاً بسبب منع الجانب الإسرائيلي المتكرر لدخول مواد البناء إلى قطاع غزة، فيما أعلنت وزارة الأشغال، وبعد ثلاثة أعوام من نهاية الحرب، عن الانتهاء من إعادة إعمار حوالي 6280 وحدة سكنية مدمرة كُليّاً، وإعادة إعمار نحو 18 ألف وحدة، من الوحدات المتضررة بشكل جزئي، الأمر الذي أفرز تخوفات من تكرار سيناريوهات بطء عملية إعادة الاعمار والإيواء.

اقتصاد عربي
التحديثات الحية

بدوره، أوضح الخبير الاقتصادي، ماهر الطباع، أنّ الاحتلال الإسرائيلي استهدف خلال العدوان الأخير كلّ شيء، وطاول الأخضر واليابس، مُخلّفاً عشرات الكيلومترات المربعة من البُنية التحتية المُدمرة، بما فيها من شبكات صرف صحي، وكهرباء، ومياه، واتصالات، علاوة على تدمير مناطق كاملة وعزلها عن العالم، واستهداف المنازل والأبراج والشقق السكنية والمنشآت الاقتصادية.

التحدي الأساسي في عملية إعادة إعمار كُلّ ما دمره الاحتلال الإسرائيلي، هو استمرار الحصار على قطاع غزة، ومواصلة إغلاق معبر كرم أبو سالم

ورَكّز الطباع في حديثه مع "العربي الجديد" على أنّ التحدي الأساسي في عملية إعادة إعمار كُلّ ما دمره الاحتلال الإسرائيلي، هو استمرار الحصار على قطاع غزة، ومواصلة إغلاق معبر كرم أبو سالم، الذي يعد المعبر التجاري الوحيد في قطاع غزة، بعد إغلاق كافة المعابر التجارية، ويتم من خلاله إدخال كافة الاحتياجات من البضائع والمساعدات الإنسانية والمحروقات ومواد البناء.

وشدد على أنّ استمرار إغلاق معبر كرم أبو سالم سوف يتسبب بكارثة اقتصادية، اجتماعية، وإنسانية، داعياً المجتمع الدولي للتحرك بشكل سريع للضغط على إسرائيل لفتحه، وإنهاء الحصار على قطاع غزة، والبدء بشكل فوري بإعادة إعمار سريعة لكلّ ما خلّفته الطائرات الحربية من دمار، سواء في العدوان الأخير، أو في الحروب السابقة.