أزمة كركوك العراقية: بدء وساطة سياسية للتهدئة

أزمة كركوك العراقية: بدء وساطة سياسية للتهدئة

07 سبتمبر 2023
هل تنجح وساطة الخنجر بحل الأزمة في كركوك؟ (إكس)
+ الخط -

بدأ رئيس تحالف "السيادة"، خميس الخنجر، أمس الأربعاء، وساطة لحل الأزمة في مدينة كركوك العراقية، أجرى فيها لقاءات مع ممثلي المكونات القومية الثلاث في المحافظة، العرب والتركمان والأكراد، إثر الاحتجاجات التي شهدتها المدينة، السبت الماضي، وراح ضحيتها 4 متظاهرين وأُصيب نحو 15 آخرين.

وتفجرت أزمة مدينة كركوك، في 28 أغسطس/ آب الماضي، حين قطع عشرات الأشخاص من المكونين العربي والتركماني، الطريق الرابط بين كركوك وأربيل بالكامل، رافضين قرار حكومة محمد شياع السوداني، تسليم مبنى يتخذه الجيش العراقي حالياً مقراً له، إلى الحزب الديمقراطي الكردستاني.

وجاء الاحتجاج ضمن رفض القوى السياسية العربية والتركمانية، عودة الحزب الديمقراطي بزعامة مسعود البارزاني للمحافظة، وسرعان ما تمددت الاحتجاجات، لتشترك فيها أطراف من "الحشد الشعبي"، بهدف التصعيد ضد الحزب الحاكم في أربيل. 

وعلى أثر ذلك، دفعت قوى سياسية كردية أنصارها للشارع للاحتجاج كإجراء مناوئ لتظاهرات القوى العربية والتركمانية، ما أدّى إلى احتكاك وتراشق حجارة بين الجانبين سرعان ما تطور نهار السبت إلى إطلاق نار راح ضحيته 4 متظاهرين أكراد، وأصيب نحو 15 آخرين.  

وكان "الديمقراطي الكردستاني" قد خرج من كركوك، إثر حملة عسكرية للقوات العراقية، عام 2017، رداً على تنظيم حكومة إقليم كردستان، استفتاءً شعبياً للانفصال عن العراق، وقيامها بإشراك مدينة كركوك في الاستفتاء. ومنذ استعادة بغداد السيطرة على كركوك، نهاية 2017، يتولى إدارة المحافظة محافظ عربي هو راكان الجبوري، إلى جانب قيادة أمنية مشتركة من مختلف القوميات بالمحافظة، وتحت إشراف الجيش العراقي. 

وشهد اليومان الماضيان تخفيف الجيش إجراءاته الأمنية التي فرضها على كركوك لمنع تجدد العنف، في حين أمرت الحكومة بإطلاق سراح الذين تم اعتقالهم يوم السبت الماضي، وأغلبهم من الناشطين الأكراد، كما أوقفت إجراءات تفتيش منازل المشتبه بهم، ضمن مساعي تهدئة الأوضاع في المدينة، المتنازع على إدارتها بين بغداد وأربيل.  

وأمس الأربعاء، بدأ رئيس تحالف "السيادة"، أكبر القوى السياسية السنية في العراق خميس الخنجر، زيارة إلى مدينة كركوك، التقى فيها ممثلين عن العرب والأكراد والتركمان في المحافظة، قبل أن ينتقل إلى مدينة أربيل لعقد اجتماع مغلق ضم رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني، مسعود البارزاني، وكلاً من وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين، ووزير داخلية الإقليم، ريبوار أحمد. 

واليوم الخميس، قال مسؤول بارز في ديوان محافظة كركوك لـ"العربي الجديد"، فضّل عدم الكشف عن هويته، إنّ "وساطة سياسية، لزعيم تحالف السيادة خميس الخنجر، تقضي بمنع استخدام الشارع مجدداً في التعبير عن المواقف السياسية في كركوك وأهمية الحفاظ على استقرار المدينة والهدوء فيها، إلى جانب طرح مبادرة لحل الخلاف الحالي".

وأضاف أنّ "أطرافاً في بغداد، وأبرزها رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، يدعم وساطة الخنجر، في مهمته الحالية بكركوك، كما أنّ أربيل تقابل التحرك السياسي بتجاوب كبير".

واعتبر أنّ "احتمالات عودة التوتر تضاءلت كثيراً أمام فرص الحل السياسي من خلال إيجاد مخرج للأزمة بعودة الحزب الديمقراطي الكردستاني إلى كركوك قبل الانتخابات لممارسة حقه الدستوري في التنافس داخل المدينة"، وفقاً لقوله. 

والأحد الماضي، أصدرت المحكمة الاتحادية العليا في بغداد، "أمراً ولائياً"، بإيقاف تسليم الحكومة للمقر الرئيسي للحزب الديمقراطي الكردستاني، وذلك بعد ساعات من قرار حكومي مماثل بـ"التريث" في تسليم المقر، ضمن مساعي احتواء الأزمة المتصاعدة.

وعقب صدور القضائي، علّق رئيس حكومة إقليم كردستان مسرور البارزاني، على القرار بأنه "مهزلة"، وقال في تغريدة له على حسابه بمنصة "إكس" (تويتر سابقاً)، إن القرار بإيقاف إجراءات تسليم مقر الحزب الديمقراطي الكردستاني في كركوك "مهزلة".

تقارير عربية
التحديثات الحية

في السياق ذاته، وصف، النائب السابق في البرلمان العراقي، والسياسي عن محافظة صلاح الدين، مشعان الجبوري، مهمة الخنجر بأنها "شاقة ومعقدة".

وقال، في تعليق له على "إكس"، إن "المهمة التي يقوم بها الشيخ خميس الخنجر في كركوك شاقة ومعقدة، حيث يتصاعد فيها الصراع القومي بين العرب والكرد والتركمان ويغذيه التنافس الإقليمي المتصاعد بين تركيا وإيران إضافة إلى أن الخلاف بين الحزبين الكرديين الاتحاد الوطني والديمقراطي الكردستاني في أشده". وأضاف أنّ "كركوك بحاجة لحل واقعي ودائم يحفظ التعايش بين أهلها دون أن يكون فيه فريق منتصر وآخر مهزوم".  

عضو الجبهة العربية في كركوك، أحمد العبيدي، قال لـ"العربي الجديد"، إنّ "أطراف الأزمة اتفقت على وقف أي تصعيد يخل باستقرار المدينة وحياة أهلها".

وأضاف العبيدي، في اتصال عبر الهاتف، أنّ "مكونات كركوك قبِلت بزعيم تحالف السيادة وسيطاً لحل الأزمة لوجود مقبولية من كل الأطراف، ونأمل التوصل لحل، لكن بالمقابل يجب ألا يكون حلاً مؤقتاً أو زمنياً، فالمدينة بحاجة إلى التأكيد على هويتها العراقية وليست القومية المتعددة"، وفقاً لقوله. 

ويعد ملف المناطق المتنازع عليها من أعقد الملفات العالقة بين بغداد وأربيل، حيث لا تقبل المكونات العربية والكردية والتركمانية في تلك المناطق بأي تفاهمات تمس حقوقها، الأمر الذي يجعل من إمكانية إبرام تفاهمات جديدة تضع تلك المناطق، وخاصة كركوك، على حافة مشاكل وأزمات سياسية.

وأضيفت مادة في الدستور الجديد عُرفت باسم "المادة 140"، تنص على إجراء استفتاء شعبي لسكان تلك المناطق حول رغبتهم بالبقاء مع إدارة بغداد أو الالتحاق بمدن الإقليم، لكن منذ عام 2005 لم تنفذ تلك المادة لأسباب سياسية وأمنية، أبرزها عمليات التغيير الديمغرافي التي طرأت عليها، وخاصة كركوك.