"التحريض" يهدد استقرار كركوك العراقية... وواشنطن على خط الأزمة

"التحريض" يهدد استقرار كركوك العراقية... وواشنطن على خط الأزمة

06 سبتمبر 2023
من تظاهرة لأنصار الحزب الديمقراطي الكردستاني في كركوك (Getty)
+ الخط -

حذر مراقبون عراقيون من تأثيرات خطاب "التحريض والكراهية" على ملف أزمة محافظة كركوك العراقية، والتي تشهد توتراً أمنياً منذ عدة أيام، على خلفية قرار حكومي بتسليم الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود البارزاني مقراته السابقة بالمدينة، فيما دعت الولايات المتحدة الأميركية الأطراف العراقية إلى التهدئة وحل الخلافات بشأن الأزمة عبر الحوار والتفاهم.

وفي 28 أغسطس/ آب الماضي، بدأت أزمة جديدة في كركوك، حين قطع عشرات الأشخاص الطريق الرابط بين كركوك وأربيل بالكامل، رافضين تسليم المقر الرئيس لقيادة العمليات العسكرية المشتركة في محافظة كركوك إلى الحزب الديمقراطي الكردستاني، حيث تتخذ القوات العراقية من هذا المبنى الضخم مقراً لها منذ عام 2017، وتوسعت الاحتجاجات لتشترك فيها أطراف من "الحشد الشعبي" وآخرون من الجبهة التركمانية والأحزاب العربية.

ودفعت الأحزاب الكردية في المقابل بمحتجين، السبت الماضي، كإجراء مناوئ لتظاهرات القوى العربية والتركمانية، واندلعت اشتباكات بين الطرفين عندما دخلت عناصر مجهولة منطقة الاحتجاجات وأطلقت النار في الهواء من أسلحة خفيفة، ما أدى إلى وقوع ضحايا وجرحى.

نائب المتحدث باسم الخارجية في الولايات المتحدة، فيدانت باتيل، أكد في مؤتمر صحافي، مساء أمس الثلاثاء، رداً على سؤال حول أحداث كركوك بالقول: "نتابع التوترات في كركوك عن كثب، ونقدم التعازي والمواساة لأسر القتلى"، داعياً جميع الأطراف إلى "حل خلافاتها عبر الحوار، وتفعيل المادة 140 من الدستور".

وأشار باتيل إلى أنّ "الولايات المتحدة على اتصال دائم مع شركائنا في بغداد وأربيل بشأن آخر المشاكل بين أربيل وبغداد حول الموازنة والرواتب وعدم استئناف تصدير نفط إقليم كردستان"، داعياً "جميع الأطراف إلى ضبط النفس، واتخاذ كل الإجراءات اللازمة لتهدئة التوترات".

استمرار الانتشار العسكري في كركوك

في الأثناء، تستمر القوات الأمنية العراقية بانتشارها المكثف في كركوك، وسط ارتباك في وضعها الأمني ومخاوف من تجدد الاحتجاجات.

وقال ضابط في قيادة شرطة كركوك، لـ"العربي الجديد"، مشترطاً عدم ذكر اسمه، اليوم الأربعاء، إنّ "الوضع ما زال مرتبكاً في المحافظة، وهناك حالة من عدم الاستقرار، لدى الأهالي، والحركة ضعيفة جداً في الليل بسبب الانتشار العسكري في شوارع المحافظة".

وأكد أنّ "التوجيهات العليا شددت على استمرار التشديد الأمني، ومنع أي محاولة لزعزعة الأمن".

من جهته، دعا قائد عمليات كركوك، الفريق الركن جبار الطائي، الشباب والمثقفين، والإعلام الوطني إلى تهدئة الوضع في كركوك، مؤكداً، في تصريح له، مساء أمس الثلاثاء، أنّ "الجيش العراقي يحمي الجميع بغض النظر عن الهويات".

وأشار الطائي إلى أنّ "العجلات والهمرات العسكرية هي للجيش العراقي الذي يحمي الجميع بغض النظر عن الهويات، وأن الجيش في خدمة كل الأطياف العراقية وكل الشعب العراقي".

"الإطار التنسيقي" يتهم الزعامات الكردية بالسعي للفتنة

القيادي في "الإطار التنسيقي"، النائب السابق جاسم محمد جعفر، اتهم رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود البارزاني، بـ"دفع مجاميع تابعة له لإثارة الفتنة داخل كركوك". وقال جعفر، في تصريح صحافي، إنّ "محافظة كركوك منذ 2003 – 2017 كانت تحت سطوة البارزاني وحزبه، حيث قمع المكونين العربي والتركماني وزجهم في السجون ودمر منازلهم".

وأضاف أنه "بعد تحرير المحافظة من داعش ومن هيمنة الديمقراطي الكردستاني، حاول البارزاني بكل الوسائل العودة من جديد للهيمنة على المحافظة إلا أنه فشل، لذا بدأ يتحرك نحو مشروع جديد لخلق الفوضى داخل المحافظة، وأن المجاميع التابعة له أحرقت العلم العراقي وأحدثت حالة من الشغب أمس الأول"، داعياً "قوى الإطار والحكومة إلى عدم تلبية أي مطالب للبارزاني، وأن يكون التعامل معه وفق الأحكام القضائية التي تتعلق بعلاقة المركز مع الإقليم".

تحذيرات من خطاب التحريض والكراهية

الباحث في الشأن السياسي العراقي، غيث التميمي، حذر من خطورة حملات التحريض والكراهية على كركوك.

وقال التميمي، في منشور له على منصة إكس (تويتر سابقاً)، أمس الثلاثاء، إنّ "أبواق الكراهية والتخلف التي أغرقت العراق بخطاب طائفي تسبب بسقوط محافظات عراقية بيد الإرهاب هي ذاتها اليوم تحرّض ضد أهلنا الكرد، والهدف إشعال حرب جديدة بين الكرد والتركمان والعرب في كركوك"، مضيفاً أنّ "الهدف من ذلك التغطية على فسادهم ونهب مزيد من الثروات وتمكين هيمنة الجارة (في إشارة إلى إيران) على مقدرات العراقيين".

ويتولى إدارة كركوك محافظ عربي هو راكان الجبوري، إلى جانب قيادة أمنية مشتركة من مختلف القوميات بالمحافظة، تحت إشراف الجيش العراقي، منذ استعادة بغداد السيطرة على كركوك، نهاية عام 2017، بعد حملة عسكرية واسعة إثر تنظيم أربيل استفتاء للانفصال عن العراق.

ويعد ملف المناطق المتنازع عليها من أعقد الملفات العالقة بين بغداد وأربيل، حيث لا تقبل المكونات العربية والكردية والتركمانية في تلك المناطق بأي تفاهمات تمس حقوقها، الأمر الذي يجعل من إمكانية إبرام تفاهمات جديدة تضع تلك المناطق، وخاصة كركوك، على حافة مشاكل وأزمات سياسية.

وأضيفت مادة بالدستور الجديد عُرفت باسم "المادة 140"، تنص على إجراء استفتاء شعبي لسكان تلك المناطق حول رغبتهم بالبقاء مع إدارة بغداد أو الالتحاق بمدن الإقليم، لكن منذ عام 2005 لم تنفذ تلك المادة لأسباب سياسية وأمنية، أبرزها عمليات التغيير الديمغرافي التي طرأت عليها، وخاصة كركوك.