آلاف التونسيين يتظاهرون في شارع بورقيبة ضد قرارات سعيّد: "يسقط الانقلاب"
شهد شارع الحبيب بورقيبة بالعاصمة التونسية، اليوم الأحد، مسيرة حاشدة ضمت الآلاف من الرافضين لقرارات الرئيس التونسي قيس سعيّد التي استفرد بموجبها بالحكم، وسط مشاركة أحزاب، ومنظمات، وجمعيات مدنية، ومحامين.
وعرفت شوارع العاصمة القريبة من الحبيب بورقيبة تطويقا أمنيا غير مسبوق حيث منع عديد المتظاهرين من الوصول إلى ما يعرف بـ"شارع الثورة"، فيما تم منع القادمين من عدة محافظات من العبور.
ورفع المشاركون شعارات: "الشعب يريد عزل الرئيس"، و"يسقط الانقلاب"، و"القضاء مستقل والعدالة هي الكل"، و"لا بد من برلمان"، و"لا خوف لا رعب الشارع ملك الشعب".
وأكد القيادي المستقيل في حركة "النهضة"، عبد اللطيف المكي، في تصريح لـ"العربي الجديد" أن "غالبية الشعب ضد الانقلاب، ورسالته واضحة أنه لا مجال للتراجع عن المسار الديمقراطي"، موضحاً أن "الحاضرين في شارع بورقيبة اليوم يهتفون بصوت واحد من أجل الحرية والكرامة ورفض الانقلاب".
رفع المشاركون شعارات: "الشعب يريد عزل الرئيس"، و"يسقط الانقلاب"، و"القضاء مستقل والعدالة هي الكل"، و"لا بد من برلمان"، و"لا خوف لا رعب الشارع ملك الشعب"
وقال أستاذ القانون الدستوري، جوهر بن مبارك، في كلمة ألقاها أمام المحتجين إن "الشعب لن يتخلى عن الحريات والمسار الديمقراطي"، مضيفا: "سنقاوم بكل الوسائل السلمية، بالكلمة والحرية وهنا يجتمع رجال ونساء يحمون الوطن والدستور الذي حرقه أنصار الرئيس".
وفيما لفت إلى أن "ما يجمع التونسيين اليوم هو قيم الحرية والديمقراطية والوفاء لدماء الشهداء، فاليوم تونسيون ضد الانقلاب لأن الجميع يرفض خطاب التفرقة والتقسيم"، أضاف أن تونس بلد التنوع.
وحمل الأمن المسؤولية عن سلامة الآلاف من المتظاهرين "لأن بعضهم يتعرض للضرب لمنعه من دخول العاصمة" على حد تعبيره، مبينا أن هؤلاء ضد الانقلاب.
وأكد السياسي رضا بالحاج في كلمة ألقاها أمام المحتجين أن "مسيرة اليوم تجمع كل الديمقراطيين والأحرار، من مختلف الأحزاب والانتماءات، من أجل إنجاح الانتقال الديمقراطي"، متوجها إلى عناصر الشرطة بالقول: "إنهم حققوا مكاسب بفضل الثورة وتحولوا إلى أمن جمهوري، وبالتالي لا مجال للتراجع ومناصرة المنقلب".
بدوره قال المواطن بلقاسم محمودي، إنهم قدموا "كمواطنين ضد الانقلاب، ومن أجل الدفاع عن الدستور والديمقراطية وليس من أجل أحزاب"، مؤكدا لـ"العربي الجديد" أن "هذه هي المسيرة الثانية التي يشارك فيها في شارع الحبيب بورقيبة وسيواصلون النضال والتنديد بما حصل".
وقال سالم بن سعيد الذي قدم للمشاركة بالمسيرة من محافظة المهدية وسط تونس، إن "المسيرة سلمية فلماذا المضايقات على التونسيين الراغبين في الالتحاق بها؟ ولماذا يسعى الأمن لمحاصرتهم؟"، موضحا لـ"العربي الجديد أنه تعرض لعديد الصعوبات بسبب كثرة الحواجز الأمنية التي جعلت وصوله صعبا.
وبين سالم أن لديه أقرباء لم يتمكنوا من الوصول إلى تونس العاصمة، مضيفا أن "ما يحصل غير مقبول".
وأكد مواطن يدعى منير تعرضه للدفع ما أصاب يده بكدمات بسبب التدافع ومحاولات عناصر من الأمن التضييق على المتظاهرين، مشيرا في تصريح لـ"العربي الجديد" إلى أن عديد المتظاهرين عالقون في شوارع متاخمة لشارع بورقيبة، مبينا أنه متمسك بشعار "لا للانقلاب" وسيصرخون ضد سعيد بعبارة "ارحل".
الشارع التونسي صامد من أجل الحرية
"تحت الشمس، تحت المطر، الانقلاب لن يمر"، كان أحد الشعارات البارزة الذي رفعته آلاف الحناجر التونسية المتظاهرة في شارع بورقيبة دفاعا عن الشرعية الدستورية وضد قرارات الرئيس التونسي.
وبرغم التضييق الأمني المكثف ومنع وصول أعداد كبيرة من التونسيين للالتحاق بالمسيرة، فقد شهدت مظاهرة اليوم مشاركة قياسية مقارنة بمسيرتهم السابقة منذ أسبوعين أو بمظاهرة مؤيدي سعيّد الأسبوع الماضي. وشهدت الشوارع الفرعية مناوشات بين الأمن والمحتجين، في محاولة للتصدي للمتظاهرين.
ولم تمنع الأمطار الغزيرة مواصلة الاحتجاج والتظاهر، وشهدت المسيرة مشاركة أصوات سياسية من تيارات مختلفة أجمعت كلها على الانتصار للديمقراطية والحرية والشرعية الدستورية بقطع النظر عن الاختلافات السياسية.
قيس سعيد يهاجم المتظاهرين
وهاجم الرئيس التونسي أمس السبت منظمي مظاهرة اليوم، متهما إياهم بتوزيع الأموال على المشاركين للقدوم إلى العاصمة، وبرغم ذلك وبرغم التضييق الأمني تمكن الشارع التونسي من الصمود دفاعا عن الديمقراطية وعن الحرية، فيما أفاد مراسلو "العربي الجديد" بأن أعداد المحتجين تتزايد.
وتشير هذه التطورات إلى أن أعداد المعارضين لقرارات الرئيس التونسي تتزايد يوما بعد يوم وتتوسع قاعدة المدافعين عن التجربة التونسية، حتى من بين من دافعوا بداية عن إجراءات 25 يوليو/ تموز الماضي حين أعلن سعيّد حل الحكومة وتجميد عمل البرلمان من بين إجراءات أخرى، إلا أن الإجراءات التي اتخذها يوم 22 سبتمبر/ أيلول (تعليق الدستور) كشفت حجم التهديدات للديمقراطية التونسية، ما دفع أحزابا وشخصيات إلى الالتحاق بقائمة المعارضين، ورفع المتظاهرون اليوم شعارا جديدا هو "الشعب يريد ما لا تريد"، في إشارة لخطوات الرئيس التونسي ما يسقط سردية الإرادة الشعبية الموحدة المناصرة لسعيّد ويظهر اختلاف الشارع التونسي.
وفي محاولة لتجنب التصادم بعد المناوشات المتعددة التي شهدها شارع بورقيبة مع عناصر الأمن، دعا الناشط في حملة "مواطنون ضد الانقلاب"، جوهر مبارك، إلى الهدوء وعدم التصادم والدفاع عن سلمية الاحتجاج، مؤكدا أن الانقلاب سيسقط وهو أضعف من أن تذهب في سبيله أي ضحية.
وفي كلمة إلى المتظاهرين، توجه المكي، إلى الأمنيين، قائلا: "لقد صالحت بيننا وبينكم الثورة وأنتم تقاومون الإرهاب، ولكنكم اليوم تصدوننا في التقدم وتطبقون تعليمات السلطة السياسية". وأضاف موجها كلامه لسعيّد "أنت تقول إن الحريات محفوظة، ولكنها ليست كذلك، ولقد تنكرت للدستور واليمين الذي أقسمت عليه"، داعيا كل الشركاء السياسيين للالتحاق بالمعارضين لقرارات سعيّد وإسقاط الانقلاب.