"مجلس النواب" المغربي الجديد... امتداد للعائلات البرلمانية

"مجلس النواب" المغربي الجديد... امتداد للعائلات البرلمانية

17 سبتمبر 2021
البرلمان المغربي (Getty)
+ الخط -

كشفت اللائحة النهائية لأعضاء مجلس النواب (الغرفة الأولى للبرلمان المغربي)، المنتخبين في اقتراع 8 سبتمبر/أيلول الجاري، عن تمكن سياسيين مغاربة من ضمان مقعد برلماني لأفراد من عائلاتهم وأقاربهم من بوابة اللائحة الجهوية، التي تم إقرارها من أجل تعزيز تمثيلية النساء في المؤسسات التمثيلية.

وفي حين طفت على سطح المشهد الانتخابي في المغرب ظاهرة "العائلات الانتخابية"، بعدما تشكّلت اللوائح الانتخابية في عدد من الدوائر من أفراد العائلة الواحدة، عوضاً عن إتاحة الفرصة لأعضاء آخرين، أثار ترشيح بعض السياسيين في البلاد زوجاتهم وبناتهم وقريباتهم في اللوائح الجهوية انتقادات واسعة، كما طرح أكثر من علامة استفهام حول مدى احترام معايير النزاهة والكفاءة والمنافسة الشريفة عوض معايير النسب والجاه والارتباط العائلي والولاءات الشخصية.

وتظهر مقاعد اللوائح الجهوية، التي تضم 90 مقعداً من أصل 395، أنّ بعض الأحزاب ما زالت تكرس "الريع" في اختيار المرشحات ضمن هذه اللوائح، من خلال اعتماد معيار القرابة العائلية، بعد أن استغل بعض القياديين تلك اللوائح لوضع زوجاتهم وبناتهم وقريباتهم على رأسها للحصول على مقاعد برلمانية، كما كان الحال مع البرلماني عن حزب "التجمع الوطني للأحرار" محمد السيمو، الذي ضمن لابنته زينب السيمو مقعداً نيابياً إلى جانبه من بوابة اللائحة الجهوية.

كما يبدو لافتاً للانتباه تمكن قياديين حزبيين آخرين من ضمان مقعد نيابي لأفراد من عائلاتهم تحت قبة البرلمان المقبل، ومنهم البرلماني وعضو المكتب السياسي لحزب "الحركة الشعبية" حميد كوسكوس، الذي تمكّن من ضمان مقعد لزوجته فدوى محسن الحياني، عن دائرة جهة فاس مكناس، بصفتها وكيلة لائحة الحزب. وتكرر الأمر مع ابنة البرلماني وعمدة فاس السابق حميد شباط، وابنة البرلماني وعضو اللجنة التنفيذية لحزب "الاستقلال" عبد اللطيف أبدوح، ومع ابنة القيادي في حزب "الاتحاد الدستوري" عبد العزيز البنين بصفتها وكيلة الحزب بجهة مراكش.

وسيكون في مجلس النواب القادم كذلك البرلماني وعضو اللجنة التنفيذية لحزب "الاستقلال" عبد الواحد الأنصاري، بمعية ابنته بصفتها وكيلة لائحة حزب "الاستقلال". وعلى غرار عائلة الأنصاري، ضمن البرلماني وعضو المكتب السياسي لحزب "الحركة الشعبية" محمد لحموش مقعداً لابنته سكينة لحموش، بصفتها وكيلة لائحة الحزب عن جهة الرباط سلا القنيطرة.

وبحسب أستاذ القانون الدستوري والعلوم السياسية رشيد لزرق، فإنه حينما تصبح المؤسسات المنتخبة وعلى رأسها البرلمان تجمعاً للعائلات، فإنّ ذلك "يوضح، بالملموس، حجم الانحدار القيمي لبعض القيادات التي جعلت العمل السياسي وسيلة للريع والتوريث الذي يتنافى مع الاختيار الديمقراطي الذي كرسه دستور 2011".

ويرى لزرق، في حديث مع "العربي الجديد"، أنّ "الأحزاب تحوّلت إلى تجمّعات عائلية من أجل ضمان الاستفادة من الريع الحزبي والامتيازات"، لافتاً إلى أنّ "هذه الممارسات الشاذة تعمّق نزعة العزوف عن النضال من داخل المؤسسات لدى الأجيال الصاعدة".

لزرق: الأحزاب تحوّلت إلى تجمّعات عائلية من أجل ضمان الاستفادة من الريع الحزبي والامتيازات

ويشير أستاذ العلوم السياسية إلى أنّ تحويل البرلمان من مؤسسة للتعبير عن الإرادة الشعبية إلى مؤسسة ترعى المصالح العائلية "لم يبق حكراً عن الأحزاب المحافظة، بل صار ظاهرة تعرفها حتى الأحزاب التي تدعي الاشتراكية".

وينص القانون التنظيمي لمجلس النواب على أنه "يجب أن تشمل كل لائحة ترشيح مقدمة برسم الدوائر الانتخابية الجهوية أسماء مترشحات لا يقل عددهن عن ثلثي عدد المقاعد الواجب ملؤها في كل دائرة انتخابية جهوية" و"تخصص المرتبتان الأولى والثانية في كل لائحة ترشيح حصريا للنساء".

وفي الوقت الذي أعلن فيه القانون أنّ اللائحة الجهوية لا تحول دون حق النساء في الترشح برسم المقاعد المحددة للدوائر الانتخابية المحلية، اشترط أن تكون مرشحتا اللوائح الجهوية الأوليان من النساء.

وبلغ عدد الترشيحات المقدمة برسم الدوائر الانتخابية الجهوية في اقتراع الثامن من سبتمبر/ أيلول الجاري 1769 مترشحة ومترشحاً؛ أي بمعدل يقارب 20 ترشيحاً عن كل مقعد. في حين بلغت الترشيحات النسوية المسجلة برسم انتخاب أعضاء مجلس النواب 2329 ترشيحاً؛ أي بنسية 34,17% من العدد الإجمالي للترشيحات، منها 1567 مترشحة برسم الدوائر الانتخابية الجهوية، و762 مترشحة برسم الدوائر الانتخابية المحلية.

المساهمون