إلهام شاهين وداعش ... وأنا

إلهام شاهين وداعش ... وأنا

21 نوفمبر 2014

إلهام شاهين: لو لم يعزل الإخوان المسلمون لفكرت بالانتحار

+ الخط -

لو كنتُ في مطرح أبو بكر البغدادي، لأصابني جزعٌ، وربما ارتعدت فرائصي (الصحيح فريصتاي، وهما عضلتان بين الكتفيْن والصدر)، إذا سمعتُ إلهام شاهين (54 عاماً) تهدّد بحمل السلاح ومحاربة داعش لو جاءت إلى مصر. لم يصل تلويح الممثلة المعروفة بوعيدها هذا إلى مسامع البغدادي وجماعته، ليس فقط لأنهم لا يُلقون بالاً إلى مثله، وهم في غضون "جهادهم"، وتستهدفهم صواريخ أميركا وحلفائها في بطاح سورية والعراق، بل، أَيضاً، لأنهم يعدّون مشاهدة المنكر في التلفزيون فعلاً حراماً، وقد قالت فيه السيدة شاهين ما قالت من منكرٍ. وبعيداً عن هؤلاء وشناعة ما يقترفون، لا يملك المرء إلا أنْ يُثني على الروح الجسورة لدى نجمة فيلم (سوق المتعة)، وهي تُنافح عن بلدها، وتُنذر أعداءَه من شاكلة داعش، ليرعووا إنْ توهموا أنَّ في وسعهم أن يُصيبوه بشرٍّ، لا سمح الله. فها هم الشرفاء، من طراز إلهام شاهين، يُقيمون على محبّة بلدهم، ومستعدون لحمل السلاح إِنْ جدَّ الجد، في ساحات الوغى.
أَظنني لا أَفتئت على إلهام شاهين، لو جهرتُ بأنها ممثلةٌ عادية، وقناعتي هذه شأنٌ شخصيٌّ، غير أنَّ شغفاً صار يغشاني، منذ شهور، بمتابعة تصريحات شاهين، على غزارتها، وذلك للروح الكفاحية فيها. وما أن أقع على قولٍ لها حتى أتذكر أول مرة أراها، في قاعة الوزير في الجيزة، قبل 29 عاماً، وكانت في ميعة شبابها، وعلى خجلٍ بيّن، إلى حد أنها كانت تمتنع عن تصويرها مع معجبين. من جديدها، قولها في تهنئتها الرئيس عبد الفتاح السيسي، في عيد ميلاده، قبل يومين، إنها، كما المصريين عموماً، تحس بأنه لا ينام الليل ولا النهار. ومعلومٌ أنها كانت قد أعلنت أن يوم تنصيب الرجل رئيساً أهم من نصر أكتوبر 1973، وأنها في كلامها هذا "تمثّل الشعب المصري وتعبّر عنه".
مؤكدٌ أن في الأمة من النوائب والرزايا ما يجعل الانشغال بتتبع مأثورات إلهام شاهين أمراً نافلاً، غير أنَّ من حقّنا، في أتون "التحديات الراهنة"، أن نسرّي عن أنفسنا، فنحاول العثور على ما قد يُضحك. وأَحسبُه يُضحك قول نجمة فيلم (لحم رخيص) إنها تمثّل المصريين. كما قولها، مرّة، إنها شيخةٌ ومكشوفٌ عنها الحجاب، لأنها تنبأت بأن "الإخوان المسلمين" لن يُكملوا في الحكم سنة. أما قولها إن "25 يناير" ليست ثورة شعبية فقد صار معهوداً، ولا يجد رجالٌ قوّامون على السلطة في مصر حرجاً في نطقه. ومدهشٌ في السيدة شاهين أن ألمعيتها تصل إلى الإفتاء في الشريعة الإسلامية، وهي تعرف أن لكل مقامٍ مقال، ففي مقامٍ سئلت فيه عن النقاب والحجاب، أجابت إن "النقاب ليس من صحيح الدين". وظنَّ هواةٌ في صحف مصرية أن نجمة فيلم (عليه العوض) على درايةٍ مكينةٍ بصحيح الدين، فأذاعوا أنها ستؤسس فضائيةً لمحاربة الفكر المتطرف، لكنها نفت، لا فضَّ فوها.
ولكنْ، الانتحار حرامٌ في صحيح الدين، وقد قالت إلهام شاهين، مرّة، إنها لو لم يُعزل "الإخوان المسلمون" لفكّرت بالانتحار. والكذب حرامٌ أيضاً، في الصحيح نفسه، وهي التي قالت إن الرئيس محمد مرسي طلب لقاءَها، فرفضت لأنها لم تكن تعترف به رئيساً. وصحيح الحدوتة أن الرئاسة، في ترتيبها لقاء فنانين مع مرسي، في سبتمبر/أيلول 2012، (كان منهم عادل إمام)، لم تدعُ شاهين للمشاركة فيه، وسأل الرئيس في أثنائه عنها، وقال إنه يرفض ما تعرّضت له، ولا يقبل إهانةَ كرامتها. ثم اتصل بها المتحدث باسم الرئاسة، وأَبلغها تقدير الرئيس شخصَها وفنها. كان ذلك كله في أثناء زوبعة ما تفوّه به شيخ سلفي ضدّها. وشخصياً، نشرتُ مناصرتي شاهين في حينه. لا أَلحس كلامي هنا، وإنما لكل مقامٍ مقال.

 

معن البياري
معن البياري
رئيس تحرير "العربي الجديد"، كاتب وصحفي من الأردن، مواليد 1965.