الأردن .. جامعات وطلاب في زمن كورونا

الأردن .. جامعات وطلاب في زمن كورونا

22 مايو 2020
+ الخط -
الهيكلة التي سمع بها الأردنيون من الحكومات مراراً دواءً للإصلاح الإداري، لم تحل المشكلات العالقة في الجهاز العريض للقطاع العام، وبقي التوسع في الإصلاح الإداري مؤجلاً، أو لنقل لم يحقق نقلة نوعية، أو أنه لم يحدث بجدّية كافية، وهو مطلبٌ أكده التقرير الثاني للمجلس الاقتصادي الاجتماعي، والذي صدر بعنوان "حالة البلاد" قبل أشهر، كما أن الاستراتيجية الوطنية لتطوير الموارد البشرية يبدو أنها جمّدت في زمن كورونا. 
وثمّة ضعف في بنية بعض المؤسسات، ومن المؤسسات التي يمكن أن تكون رائدة في الإصلاح الجامعات الحكومية التي يُمكن أن تستغني عن عدد كبير من موظفيها وكوادرها، أو وقف التعيينات الإدارية فيها، والاستعانة بالتطبيقات الذكية، مثلاً إدارة ملفات الموظفين والموارد البشرية يمكن الاستغناء فيها عن نصف موظفيها مستقبلا، أو التوقف عن التعيين فيها؛ لأن أغلب الأمور تدار إلكترونيا اليوم بالحوسبة الشاملة. والمكتبات أيضا إذا طبقت نظم الإعارة الذكية الذاتية المتطوّرة، فإنها ستقلص أعداد العاملين فيها إلى النصف. والقبول والتسجيل بات الطالب يتعامل مع تطبيق ذكي عبر الهاتف، حتى المباني الخاصة في دوائر القبول والتسجيل يمكن استثمارها في أمور أخرى.
على الجامعات، اليوم، أن تتعلم كيفية التقدّم إلى الأمام عبر التكنولوجيا الرقمية، والفرصة مواتية لإيجاد ظروف تعليمية مرنة ومباشرة وحيوية، والوظائف التقليدية يجب أن تنتهي. مثلا توجد أعداد من مسميات وظيفية انتهت، مثل حرفي النسخ والسكرتاريا ومشرفي المباني والطابعات وغيرها، هذه وظائف سوف تنقرض، فالمعاملات والخدمات باتت إلكترونية، والنشر العلمي بات إلكترونيا، ومن غير المعقول أن تبقى عمادات البحث العلمي تعجّ بالموظفين.
يجب أن تجلس الجامعات مع عباقرة طلاب تخصصات الأتمتة وتكنولوجيات الحواسيب وأساتذة الكليات التكنولوجية، وأن تتجه إلى إنشاء منصات تعليمية خاصة بها، وبرامج تقنية فاعلة مع خوادم عملاقة، كي لا تواجه أزمات الوصول التقني إلى طلابها في المستقبل.
لقد بات الحديث عن الزمن التعليمي الجديد أمراً واقعاً، وبات من الضروري التفكير في الحلول
المنطقية، وأن يكون لكل جامعة منصتها الذاتية الفاعلة القادرة على الوصول إلى الطلاب بيسر، والأهم النهوض بقدرات الطلاب التقنية والمدرّسين أيضاً. لقد أثبتت التجربة الراهنة أن هناك صعوبة، وهناك كلام غير صادق يصدر عن جامعاتٍ تدّعي اكتمالها، وعدم وجود أخطاء عندها. علما أن الأخطاء هي السبيل لإنضاج التجربة، وليست عيباً. ونحن نعلم أن بعض الأساتذة لا يملكون حواسيب في جامعات طرفية، ولا يتعاملون مع التقنية، ونعلم أن البنية التقنية متردّية، وأن الموازنات ضعيفة، وأن الطلاب هم ضحية البنية التقنية الضعيفة. ولكنّ جزءا كبيرا من الطلبة أيضا مقصّر، ولا يتابع بشكل جيد، ويحب أن يستخدم رصيده من الإنترنت في متابعات غير علمية، كالأفلام والأغاني والألعاب، هذا مع وجود طلاب مثابرين ويعملون ويدرسون، ولديهم مسؤولية وانضباط كبيران، ويشقون طريقهم في الصخر، لتدبّر مصاريف دراستهم، وعلى الجميع دعمهم.
يشكو الطلاب في الأردن من انقطاع الإنترنت، ومن عدم وجود رصيد كافٍ، أو حتى عدم امتلاكهم حواسيب أو هواتف ذكية، وهم محقّون في كثير مما يقولونه. ولكن هناك منهم من تنمّروا على أساتذتهم وعلى جامعاتهم، وهذا غير مقبول. وفي المقابل، هناك أساتذة فاعلون ومتابعون بذلوا كل ما في وسعهم للتواصل مع طلابهم، وثمّة من ناموا ولم يفعلوا ما يُحلل رزقهم.
في الأردن اليوم أكثر من ثلاثمائة ألف طالب جامعي، ولكل جامعة قراراتها المستقلة ومجالسها المشرّعة لها، وهي التي بجب أن تبدع حلولها. وفي المقابل، يجب أن تلغى وزارة التعليم العالي، أو دمجها مع وزارة التربية والتعليم وصولاً إلى الإلغاء، مع إبقاء وجود مجلس تعليم وطني يدمج فيه مجلس التربية والتعليم ومجلس التعليم العالي، لتوحيد المرجعية العامة للتعليم العام والعالي معاً.
F1CF6AAE-3B90-4202-AE66-F0BE80B60867
مهند مبيضين
استاذ التاريخ العربي الحديث في الجامعة الأردنية، ويكتب في الصحافة الاردنية والعربية، له مؤلفات وبحوث عديدة في الخطاب التاريخي والتاريخ الثقافي.