مرتضى منصور .. ومعجون الضحك

مرتضى منصور .. ومعجون الضحك

13 فبراير 2020
+ الخط -
أعرف، بشكل جادّ، أن وجود مرتضى منصور و"جوقته الهزليّة" عبر القنوات الفضائية و"يوتيوب" على صاجات شوبير، والغندور، وأحمد موسى، أقوى لدى السلطة من فائض عملتها الأجنبية في البنك المركزي، وأكثر شدّا للانتباه من صعود البورصة أو هبوطها، وأكثر تألقا من الجنيه المصري، حينما ينكسر جناحه في جيب المواطن المسكين، وأكثر حيويةً وحركةً و"حركات" لدى السلطة من ديونها الداخلية والخارجية معا. 
مرتضى منصور حالة تنافس "جوابات حراجي القط" لعبد الرحمن الأبنودي وحمالات إبراهيم عيسى ومقالات مكرم محمد أحمد التي ترصد قفزات الاقتصاد المصري خلال سبع سنوات، حتى وصلت قفزاته إلى برج خليفة في دبي، وما زال مكرم يتأمل القفزات من وضع الرقود على الظهر، حتى لا تخونه قفزة واحدة.
مرتضى منصور هامش للضحك أعدته السلطة بنفسها، وتحت أمر إشارتها في أي وقت، كي يكون بمثابة "السيرة الهلالية" المحلية للنظام، بعد قتل السياسة وذبحها وسلخها وتوزيع لحومها على أصحاب الأحزاب المغلقة من سنوات، ولا تفتح أبوابها إلا للشاي والقهوة مساء.
مرتضى منصور هو حادي كرة القدم من غير جمل ولا سيف ولا غناء، على الرغم من أنه يغادر البطولات من التصفيات دائما، والآن يريد أن يدخل البطولة المنتظرة في قطر، بملابس عليها صور عبد الفتاح السيسي، وفندق عليه صور السيسي، وجواكت عليها صورة السيسي، وطائرة عليها صورة السيسي، وناقص أن تكون الكرة نفسها عليها صور السيسي، وهذا إجراء أظنه سيكلفه ضياع "مستقبله الغنائي"، وخصوصا في حالة الهزيمة لا قدّر الله. مرتضى منصور هو ضابط إيقاع سياسة تصنيع المرح السياسي في "برطمانات المخلل" مساء على القنوات الفضائية، منافسا سعد الصغير والممثلة انتصار والسيدة سما المصري التي تنافسه الآن في مملكته، بعدما انتقلت نقله نوعية في كيفية تسويق بضاعتها "الثقافية"، فانتقلت، بالشبشب وبيجامة النوم، إلى معرض الكتاب، تاركة المهرجانات السينمائية واللجان الانتخابية والموتوسكل، فهل فكر السيد مرتضى في هذه النقلة النوعية التكتيكية إلى معرض الكتاب؟ وكيف سيواجه طموحاتها فيما بعد؟ وما بال محاضر المحامي سمير صبري، وقد نامت في أعنابها عما فعلته السيدة سما المصري بالكتاب والكتّاب والحرف؟
يؤدّي مرتضى خدمة للنظام، كالأولاد الذين يبتلعون النار في الموالد أو يرقّصون الخيل ويتعصبون بالثعابين وابتلاع الزجاج، واللصوص (من ورائهم) يسرقون جيوب البسطاء والفلاحين أو السلاسل الذهبية من رقاب النساء.
مرتضى يؤدي خدمة تعادل تعافي الجنيه المصري، وفائض العملة الذي زاد، وقفزات الاقتصاد المصري التي رصدها بحنكة مكرم محمد أحمد من وضع الرقود. مرتضى منصور ينافس مسارح روض الفرج، و"ساعة لقلبك" و"الخواجة بيجو" وشيكات المطربة بوسي (تسلم الأيادي) التي بدون رصيد، والتي حكمت عليها المحاكم خمس مرات بالسجن من دون أن تدخله، ومن دون أن تكفّ أيضا عن توقيع الشيكات.
مرتضى رجل ضاحك، يبيع أوراق اليانصيب في مسابقات الخيل في أيام ما بين الحربين، ويؤلف منولوجات ضاحكة لفرقة عزيزة القطة التي تنافس فيها ضرّتها، نازلي العايقة، والتي حرضت عليها صبي قهوة، جرى خلفها ليلا بماء النار، لولا لطف الله. وفي الليلة نفسها، يؤلف أيضا الموشحات للشيخ الهريّس، خلف مسجد السيد البدوي. وقد يذهب شاهدا لصالح نازلي العايقة، مقابل كردانين من الذهب، زنة أحدهما كليو ونصف غير سمكة من العقيق في وسط الكردان، كانت تحفظها من الحسد، وتبقى العهدة دائما على الراوي.
720CD981-79E7-4B4F-BF12-57B05DEFBBB6
عبد الحكيم حيدر

كاتب وروائي مصري