إبْ وأربعينية صالح الصماد

إبْ وأربعينية صالح الصماد

03 مايو 2018
+ الخط -
لم تشهد اليمن أي فرح منذ انقلاب مليشيا الحوثي على الجمهورية اليمنية، إذ تتغير المعطيات ونشهد أحداثًا جديدة غيّرت مسار اليمن بالكامل، فيما تتابع الحرب سيرتها، ويبدأ اليمنيون معاناة جديدة.
مدينة إب تتوسّط الجمهورية اليمنية، لتكون إحدى المحافظات الشمالية بكثافة سكانية عالية، حيث ازداد عدد سكانها بعد موجة نزوح شهدتها المحافظات التي اشتدّت الحرب فيها بعد اجتياح صنعاء من الحوثيين وتمكّنهم منها. لذا كان من الطبيعي أن يحدث لإب ما حدث لصنعاء، ولكن بشكل أخفّ، بصفتها محافظة تابعة ومنقادة، إذْ تم استقبال الحوثيين، وإدخالهم المحافظة بسلام وأمان.
للعام الرابع، ما زالت جماعة الحوثيين تُحكِم قبضتها على بلاد عبد المغني، ولا صوت يعلو إلا من همهمات لا تكاد تُسمع من أبنائها. قاومت بعض مديريات إب، ثم رضخت في النهاية. لا ننكر مقاومة أبنائها، ولكن في غير محافظتهم، هم موزعون في معسكرات الشرعية والحدود ومأرب وتعز وغيرها، المدن التي قاومت جبروت هذه الجماعة وطغيانها.
يُقتل صالح الصماد، وهو الرئيس المعيّن من جماعة الحوثي، و لا نعلم تحديدًا ما إذا تم قتله في غارة للتحالف أو تمت تصفيته من الجماعة نفسها، كما فعلوا مع حليفهم السابق علي عبد الله صالح. تم إعطاء توجيهات في المحافظات الخاضعة لسيطرتهم بإلغاء مظاهر الاحتفال في المدارس الأهلية والحكومية حدادا من أجل الرئيس على حد قولهم، ومن المضحك أننا في حداد صامت، منذ انقلبت البلاد رأسا على عقب.
إب مدينة جميلة وصامتة، وبالتالي كانت الملاذ الآمن للحوثيين ومعقل عتادهم وراحتهم. يقتل أمين الرجوي، وهو الرجل الذي اعتقله الحوثيون وتخرج جنازة مليونية لتشييع جثمانه، يعلّق أحدهم حينها بطريقة ساخرة: "لو أن هؤلاء الناس خرجوا بالمكانس فقط لطردوا الحوثيين إلى الأبد".
إب التي ضلًت طريقها وتحتاج لمنقذ، ولا منقذ لها سوى أبنائها.
في المدرسة التي أعمل فيها تم إلغاء حفل تكريم الطلاب المتفوقين في العام الدراسي، وأيضًا تكريم المعلّمات، والسبب أنه تم إصدار أوامر حوثية بإلغاء كل مظاهر الاحتفال، حتى ننتهي من أربعينية الصماد! ويجب أن نقول سمعًا وطاعة! وهذا ما حدث بالفعل أمام نظرات الأطفال المنتظرة لتكريمهم، حرمناهم من فرحةٍ بسيطةٍ، وتجرُّعِنا الذل والهوان أمام أعينهم.
تقول صديقتي، وهي إحدى المعلمات في المدرسة: "هذا من أجل رئيس الكِلاب، ونحن الكلاب"، ثم تخرج تنهيدة من أعماقها وتقول: "لم أكره اليمن في حياتي مثل هذه السنوات!".
559B0835-9340-4E8B-B286-62F582C7C98F
559B0835-9340-4E8B-B286-62F582C7C98F
إجلال البيل (اليمن)
إجلال البيل (اليمن)