الإشتراكيون في اليمن

الإشتراكيون في اليمن

05 مارس 2018
+ الخط -
عند الحديث عن الاشتراكيين في اليمن، لا بد من استعراض لمحة سريعة لتاريخهم، فقد بدأت أفكار اليسار بالانتشار في اليمن في خمسينيات القرن الماضي وبقوة، بداية في مدينة عدن الخاضعة للإحتلال البريطاني آنذاك، إذ قامت عدة تنظيمات سياسية تتبنى الفكر اليساري الاشتراكي، وكان لهذه التنظيمات دور كبير ومهم في مواجهة الاستعمار وطرده من جنوب اليمن، ويعتبر المفكر اليمني الراحل عبدالله باذيب رائد الفكر اليساري في اليمن.
في خضم مقاومة المستعمر، تشكلت الجبهة القومية من هذه التنظيمات، ومن القوى الثورية والشعبية الرافضة وجود المستعمر، والتي حملت السلاح لطرده من جنوب اليمن. وطبعاً في الشمال كان وجود اليسار بعد ثورة سبتمبر قويا، وكانت غالبية قيادات الجيش اليمني بعد هذه الثورة تنتمي لهذا الفكر، ولأن هذا شكل خطرا على وجود القبيلة في السلطة، وعلى بقائها بالشكل القمعي الاستبدادي والمتخلف، فقد تم القضاء التدريجي على هذه القيادات العسكرية، بداية من أحداث أغسطس الدامية، إذ تمت تصفية بعض هذه القيادات فيها، منها الشهيد عبد الرقيب عبدالوهاب، قائد معركة فك الحصار عن صنعاء، فيما عرف بحصار السبعين يوما.
وفي الجنوب، قامت جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية، وتبنت النهج الاشتراكي لعدة أسباب، منها أن الجنوب كان يتكون من أكثر من عشرين سلطنة، وكانت أراضي هذه السلطنات تتبع السلاطين والفلاحين مجرد أجراء عندهم، وهذا كان مبرر فكرة التأميم التي طبقت في الجنوب، وكان لها آثار سلبية في مستقبل البلاد.
استطاع الاشتراكيون في جنوب اليمن بناء دولة قوية على أنقاض سلطنات كثيرة، كانت تمزق الجنوب، واستطاعوا تكوين مجتمع جديد هناك، يحتكم للقانون، وطبعاً بقيت عصبيات مناطقية في بعض القيادات أدت إلى بعض الأحداث والهزات العسكرية هناك، منها أحداث 13 يناير الدموية، وهذا كان باستغلال وتآمر خارجي، لتقويض دولة اليمن الجنوبية.
كان الاشتراكيون، وهم ممسكون بزمام السلطة، يعملون على غرس مفاهيم الوحدة الوطنية لليمن الكبير، وكان لهذا أثر كبير في اندفاع الجماهير هناك للوحدة بشكل مؤثر جداً.
بعد قيام الوحدة، كانت قوى قبلية كبرى وقوى دينية تحرّض بقوة على الاشتراكيين، فقد استخدم الإعلام، بوسائله المختلفة، الموجودة آنذاك في أكبر عملية تحريض عليهم، وكذلك استغلت المدارس والمساجد ودور تحفيظ القرآن لتشويههم وتكفيرهم، ونتج عن ذلك قيام حرب صيف 94 التي قادها علي صالح وعبدالله الأحمر وعبد المجيد الزنداني.
الأصل في هذه الحرب لم تكن بين وحدة وانفصال، كما يعمل الطرف المنتصر في هذه الحرب على تصويره للناس، لكنها كانت حربا بين مشروعين، مشروع الدولة المدنية الحديثة ومشروع القبيلة، إذ انتصر مشروع القبيلة على الدولة، وتم تقييد حزب الاشتراكي اليمني، واحتلال مقراته ومصادرة أملاكه ووسائل إعلامه.
ما زال الاشتراكيون اليمنيون يعانون بسبب نتائج تلك الحرب، ولا زالوا في صف مشروع بناء الدولة المدنية الحديثة التي يسودها القانون، فموقفهم واضح في كل الأحداث التي مرت وتمر بها اليمن، وهم ضد الحرب وضد العنف ومع الشرعية وبناء الدولة المدنية القائمة على سيادة القانون.
792CB557-8E75-46A4-9474-41FAE9572A01
792CB557-8E75-46A4-9474-41FAE9572A01
عبدالإله هزاع الحريبي (اليمن)
عبدالإله هزاع الحريبي (اليمن)