الحل بإقامة دولة مؤسسات

الحل بإقامة دولة مؤسسات

29 نوفمبر 2018
+ الخط -
كثر الحديث أخيرا عن مبادرات وحملات في إدلب لإغاثة الشعب الفقير الذي يعاني من مصاعب جمّة، أبرزها البطالة والفقر وفقدان الاحتياجات الأساسية؛ من كهرباء وماء ومحروقات، وعدم القدرة على الشراء؛ بسبب الغلاء في جميع أسعار السلع والمواد، وعن مشكلات وتحديات، يعاني منها المجتمع في مناطق إدلب، أبرزها؛ فقدان الأمن والاستقرار وعدم وجود الرقابة والتفتيش وارتفاع الأسعار دون رقيب أو حسيب عليها.
لعلّ من أبرز مخاوف المواطنين في إدلب غياب السلطة والقوانين والأنظمة التي تحكم وينطوي تحت رايتها؛ جميع فئات المجتمع من دون تمييز شخص عن آخر. وهذه النقطة باتت هاجس الشعب وأكبر مخاوفه في عدم تحقيق الدولة التي لطالما حلموا بها بعد تحريرهم من دولة بشار وأعوانه، وبات همهم الوحيد؛ هو دولة المؤسسات والقوانين التي يريدونها خالية من كل الأطراف المتصارعة في الساحة السورية، فقد ملّوا من دولةٍ تحكمها فصائل المعارضة، وتحت قيادة مشايخ الدين، والتي تمثل الاثنين مجرد تمثيل بسبب الفلتان الأمني وانتشار الخطف والاغتيالات الممنهجة والفوضى، إذ لا دولة عسكرية فعلية على أرض الواقع، تستطيع ردع التجاوزات وتضبط الأمن والمخالفات، فالاغتيالات والخطف باتت أمرًا اعتياديًا، وجزءا من يوميات المواطن السوري في المناطق المحررة، إذ لا يخلو يوم من الاغتيالات والخطف والسرقة، ومختلف أنواع الجرائم الأخرى.
لا توجد دولة شرعية، تُنفّذ وتُطبّق أحكام الشريعة والدين في جميع المناطق من دون الانحياز لطرفٍ دون آخر، فالمحاكم تضج يوميًا بعشرات المواطنين الغاضبين بسبب الظلم فيها وعدم المساواة بين فئات الشعب في المناطق المحررة.
الحل في إدلب هو إقامة دولة بمؤسسات وهيئات مدنية وحكومية، حيث يكون صوت القانون الساري على الجميع. وهنا يتساءل بعضهم كيف تُخلق الدولة وتُوضع القوانين؟ الدولة لا تُخلق من العبث، وإنما توجد برضوخ الجميع لسلطة الديمقراطية والانتخاب، ومن دون فرض أشخاصٍ عليهم، حيث يختار الشعب من يمثلهم، ضمن عملية انتخاب شعبي، ويقرّر المواطنون في إدلب مصيرهم، ويختار من يقود المرحلة المقبلة لتشكيل المؤسسات والهيئات المدنية، والتي ستكون نواة لخلق الدولة التي يحلم بها الشعب منذ انطلاق الثورة في سورية.
مع دخول العام الثامن للثورة، يشعر الثائرون في المناطق المحرّرة؛ بأنهم خُذلوا من جميع الأطراف المتصارعة على الساحة السورية والدولية، فلا مؤتمرات سياسية أو خطط دولية، وإن تمّ تنفيذ المُخططات والاتفاقيات التي أبرمت في ظلّ المؤتمرات التي عُقدت من أجل إدلب، فهذا يُعتبر مؤشرا إيجابيا لتغيير واقع إدلب المنهار، والذي يعاني من مشكلات عدة.
ولا فصائل عسكرية أو هيئات سياسية ومحاكم شرعية، نفعت الشعب في مناطق إدلب، أو خففت عنه المعاناة والضياع وعدم الاستقرار، ويبقى أملهم الوحيد هو إقامة دولة تحتضن القوانين والأنظمة المدنية، يخضع وينطوي تحت لوائها وقوانينها الكبير قبل الصغير، من دون التمييز بين عسكري ومدني، يتساوى فيها الكل بالمحاكمة والمعاملة، فهل ستشهد المرحلة المقبلة تحقيق حلم المواطنين؛ بإقامة دولة مؤسسات وقوانين، تنتشل إدلب وشعبها من براثن الضياع والفوضى، أم سيبقى الحال كما هو عليه؟ وهل سيقبل العالم بتغيير الوضع في إدلب وتوطيد الأمن فيها؟ أم سيسعى لإبقاء الوضع كما هو عليه؟
C485E53A-04C1-4639-A2DC-C400BB35D0B7
C485E53A-04C1-4639-A2DC-C400BB35D0B7
مصطفى طه باشا (سورية)
مصطفى طه باشا (سورية)