الأقصى ونتنياهو والملك سلمان

الأقصى ونتنياهو والملك سلمان

21 يوليو 2017
+ الخط -
في ذروة المواجهة في المسجد الأقصى، نشرت وسيلة إعلام سعودية، ذات تاريخ طويل بالتطبيع مع إسرائيل، خبرا يقول إن الملك سلمان بن عبد العزيز اتصل برئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، من أجل الوضع في الأقصى، وأوضحت أن الاتصال حصل بطريقةٍ غير مباشرة بواسطة الولايات المتحدة.
من الطبيعي أن يهتم ملك السعودية بالأقصى، ثالث الحرمين الشريفين، فهو خادم الحرمين الشريفين، ومن واجبه أن يتحرّك، في هذه اللحظة التي يشهد فيها الأقصى مواجهةً تاريخيةً مع سلطات الاحتلال الاسرائيلي التي تعمل وفق مخططٍ مدروسٍ للسيطرة على الأقصى، يهدف، في المرحلة المقبلة، إلى تقسيم الأقصى مكانيا، بعد أن نجحت بتقسيمه على الصعيد الزماني بين الفلسطينيين والمستوطنين الذين صاروا يهيمنون على الأقصى من الساعة 8 مساء إلى 11صباحا.
من واجب السعودية أن تستنفر العالم للدفاع عن المقدسات الإسلامية، بسبب مسؤوليتها الدينية وموقعها الخاص في العالم الإسلامي، وهي تمتلك ثقلا اقتصاديا وعلاقات دولية تؤهلها من أجل الضغط على سلطات الاحتلال الاسرائيلي لوقف العربدة ضد الشعب الفلسطيني، لكن تحرّك الرياض جاء في الاتجاه الخطأ، فبدلا من أن يضغط الملك سلمان على صديقه الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، من أجل وقف الإرهاب الإسرائيلي ضد المقدسات الإسلامية في فلسطين، وضد القدس الشريف التي يعمل نتنياهو على تحويلها إلى مستوطنةٍ كبرى، يقوم العاهل السعودي بالاتصال بنتنياهو، من أجل إعادة فتح المسجد الأقصى أمام المصلين، ويكتفي بأخذ تعهدٍ من نتنياهو بعدم تغيير الوضع القائم في الأقصى.
تدخلٌ يطرح ألف علامة استفهام، فالملك سلمان يطلب من نتنياهو إعادة فتح بوابات المسجد الأقصى، في الوقت الذي يرفض فيه الفلسطينيون دخول المسجد إذا لم ترفع إسرائيل البوابات الإلكترونية التي نصبتْها من أجل تفتيش المصلين بشكل مهين ومذل، والمفارقة أن العاهل السعودي يصل إلى تبرير هذا الإجراء الذي يكرّس مزاعم الاحتلال وذرائعه، لبسط سيادته على المسجد الأقصى، بالادّعاء أن "مسألة آلات الكشف عن المعادن أصبحت اعتيادية في الأماكن المقدسة بسبب الإرهاب الذي يضرب من دون تمييز، وفي أكثر الأماكن قدسية للديانات المختلفة"، وهذا ادّعاء غير صحيح، وكان أحد الشروط التي حاول الاحتلال فرضها منذ الانتفاضة الفلسطينية الثانية، ولم يتمكّن من ذلك، حتى أن الأردن كان رفض هذه الشروط في عام 2014.
لا يمكن قراءة التحرّك السعودي إلا من باب الهرولة السعودية في درب التطبيع مع إسرائيل. وفي هذا السياق، تتجه السعودية إلى مصادرة دور الأردن التاريخي في الإشراف على الأماكن المقدسة في القدس، وفق اتفاقية وادي عربة التي نصّت على الاعتراف بمكانةٍ مميزةٍ للأردن في الحرم القدسي. والأمر اللافت أن التحرّك السعودي جاء بعد أن رفض نتنياهو الموقف الأردني الذي استنكر الخطوات الإسرائيلية بإغلاق المسجد الأقصى، ووسط اشتباك دبلوماسي بعد أن اعتبر رئيس مجلس النواب الأردني، عاطف الطراونة، العملية الفدائية التي حصلت في القدس بأنها بطولية، وردّ عليه رئيس الكنيست الإسرائيلي، يولي إدلشتاين، الذي قال "من غير المعقول أن تصدر عن شخصيةٍ رفيعة المستوى للغاية في دولةٍ يوجد لنا معها اتفاق سلام تصريحاتٌ تشجع على قتل مواطني إسرائيل"، وتبعه مكتب نتنياهو بإصدار بيان تأييدا لهجوم إدلشتاين ضد الطروانة، واعتبر أن "تصريحات الطراونة تعتبر دعما للإرهاب، وهي بهذا مرفوضة وعديمة المسؤولية".
ما تعيشه السياسة الخارجية السعودية، منذ وصول الملك سلمان إلى الحكم، من تراجعٍ عن الثوابت التي سارت عليها في العهود السابقة هو توجه فريقٍ جديد يعمل تحت قيادة نجله ولي العهد محمد الذي يتجه إلى إقامة علاقات طبيعية مع إسرائيل، بعيدا عن أي تسويةٍ عربيةٍ للصراع مع إسرائيل.
1260BCD6-2D38-492A-AE27-67D63C5FC081
بشير البكر
شاعر وكاتب سوري من أسرة العربي الجديد