السعودية والتطبيع مع إسرائيل... بداية عهد بن سلمان

السعودية والتطبيع مع إسرائيل... بداية عهد بن سلمان

27 يونيو 2017
بداية عهد بن سلمان لا تبشر بالخير(مارك ويلسون/فرانس برس)
+ الخط -
اطلاق وسم "سعوديون مع التطبيع" اليوم يعني أن حديث تطبيع العلاقات السعودية مع إسرائيل بات أمراً عادياً في بعض الأوساط السعودية، وهو ما لم يكن مطروحاً بهذه السهولة التي أخذ يتم بها. وصار ملحوظاً أن هناك تحرراً سعودياً من كل حرج تجاه إسرائيل منذ زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب للرياض في 21 مايو/أيار الماضي.


قبل وصول ترامب للرياض جرى الحديث عن بعد في الزيارة يتعلق بمفاوضات السلام بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية، لاسيما أن محطته الثانية كانت فلسطين المحتلة من أجل لقاء رئيس السلطة محمود عباس ورئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، وذهبت بعض الأصوات السعودية للمناداة بضرورة أن تبادر البلدان العربية بخطوات تطبيعية تجاه إسرائيل من أجل كسب ود الإدارة الأميركية، وجاء الكلام الذي تم تسريبه في صحيفة "وول ستريت جورنال" كي يفضح الذين يقفون وراء دعوة التطبيع مع إسرائيل.

والمدهش في الأمر هو أن أصحاب هذا التوجه يريدون التطبيع مع إسرائيل بلا أي مقابل، وهم مع إقامة علاقات مباشرة معها من دون قيد أو شرط، وهو ما لم تكن تنتظره الإدارة الأميركية، أو حتى، ترغب فيه على هذا النحو الانبطاحي.





التسريب تم في "وول ستريت جورنال" قبل الزيارة بعدة أيام، وفحواه أن السعودية أوصلت لإدارة ترامب استعدادها لإقامة علاقات دبلوماسية طبيعية مع إسرائيل من دون شروط، وأنها بذلك تسحب من التداول المبادرة التي تقدمت بها للقمة العربية عام 2002، والتي تقوم على إقامة دولة فلسطينية على أراضي 1967 وعودة اللاجئين والانسحاب من الجولان، مقابل الاعتراف بإسرائيل والتطبيع معها.


والجديد في الأمر هو تنظّير إعلاميين سعوديين لعملية المصالحة بلا ثمن من زاوية أن السعودية ليس لديها أي خلاف ثنائي مع إسرائيل يمنعها من إقامة علاقات طبيعية، وكي لا تبقى هذه المسألة خلافية في العلاقات الأميركية السعودية، فإنه يتوجب على الرياض أن تبادر لإزالة هذه العقبة من الطريق.


الرياض ليست أبوظبي حتى يمر قرارها بإقامة علاقات تطبيع مع إسرائيل مرور الكرام، بل هو أمر ستكون له إرتداداته العربية والإسلامية الكبيرة، نظراً إلى موقع السعودية العربي والإسلامي من جهة، ومن جهة أخرى إن خطوة من هذا القبيل سوف تشكل تحولاً سياسياً كبيراً في منطقة الشرق الأوسط، يستدعي مواقف دولية وإقليمية، وبالخصوص من طرف إيران وتركيا.


ليس سراً أن هناك أصواتاً سعودية نادت في السابق بالتطبيع مع إسرائيل، وثمة من ذهب إلى هناك، والبعض إلتقى صهاينة علناً، كما حصل أكثر من مرة مع الأمير تركي الفيصل، ولكن أن تبدأ دعوات التطبيع وإقامة علاقات طبيعية مع إسرائيل بالتحول إلى حفلة يومية في الصحافة السعودية مثل "عكاظ" و"الرياض"، فهذا يعني أن هناك قراراً سياسياً من أعلى المستويات بتدشين مرحلة جديدة، وهذه بالطبع هي مرحلة محمد بن سلمان ولي العهد الجديد الذي يستعد لاستلام الحكم كأصغر ملك في تاريخ السعودية، وأول ملك من غير أبناء الملك عبد العزيز.


الخطير في الأمر أن فريق بن سلمان يريد إخراج السعودية من معادلة الصراع العربي الإسرائيلي، وهو يطمح إلى ثمن لذلك يتمثل في بناء تحالف مع إسرائيل لمحاربة إيران، ويحسب هذا الفريق أن إسرائيل قابلة لأن تكون حليفاً استراتيجياً.


إن الذهاب في هذا المنطق هو نوع من الانتحار السياسي وزج للسعودية في مغامرة مرتجلة ليست في صالح السعودية والعرب والمسلمين، بل ستكون نتائجها كارثية، والمتضرر الأول منها هي السعودية.


بداية عهد بن سلمان لا تبشر بالخير. أزمة مع قطر تهدد بتفكك مجلس التعاون الخليجي، وتوجه لإقامة علاقات طبيعية مع إسرائيل من أجل إشعال حرب مع إيران. وهذا يعني وضع المنطقة على كف عفريت، واللعب بالنار التي سوف تحرق الجميع.




المساهمون