إهانة النظام السوري قوانين حقوق الإنسان

إهانة النظام السوري قوانين حقوق الإنسان

12 ابريل 2014
+ الخط -

لم تعلن اللجنة الدولية للصليب الأحمر أن الثورة الشعبية في سوريا تحولت إلى نزاع مسلح داخلي، حتى منتصف يونيو/ حزيران من عام 2012، ذلك أَن عدة شروط لا بد أن تتحقق، فبعد انشقاق المقدم حسن هرموش، في 10 يونيو/ حزيران 2011، أُعلن، بعدها، بأيام تشكيل ما يسمى "لواء الضباط الأحرار"، وأَصبح هناك أول تشكيل عسكري شبه منظم، يتبع الثورة السورية. تبع ذلك، في نهايات أيلول/ سبتمبر، تشكيل الجيش السوري الحر، بقيادة العقيد رياض الأسعد، ثم إعلان تأسيس المجلس الوطني السوري في 2 أكتوبر/ تشرين الأول 2011، برئاسة الدكتور برهان غليون، فأصبحت للثورة السورية قيادة سياسية، وبدأت، بعد ذلك، العمليات العسكرية تنتشر وتتوسع، حتى وصلنا إلى عتبة النزاع المسلح الداخلي  .
ما يهم، في هذا الاستعراض السريع، أن القانون الدولي لحقوق الإنسان هو الذي كان منطبقاً على الوضع في سوريا ما قبل منتصف يونيو 2012، وكانت انتهاكاتٌ واسعةٌ للقانون الدولي لحقوق الإنسان قد اقترفها النظام السوري، وفقاً لتقارير حقوقية وطنية، وتقارير لجنة التحقيق الدولية المستقلة حول سوريا، الصادر في يناير/ كانون الثاني 2012، واتهمت فيه اللجنة الأممية النظام السوري بارتكاب جرائم ضد الإنسانية، في عدة أصناف من الانتهاكات، عبر القتل والتعذيب والعنف الجنسي. وسجلت الشبكة السورية لحقوق الإنسان مقتل 28372 شخصاً، بينهم 2483 طفلاً و1889 امرأة، وغيرهم ممن قضوا في مراكز الاحتجاز، وتجاوزت نسبة المدنيين بينهم 97%، وتجاوزت نسبة النساء والأطفال 6% من مجموع الضحايا، وهي نسبة مرتفعة جداً.
اعتباراً من منتصف يونيو 2012، يصبح القانونان الدوليان، الإنساني والعرفي، مطبقين، جنباً إلى جنب، مع القانون الدولي لحقوق الإنسان، والذي يسري في وقت الحرب والسلم، وعندما يوجد بينهما أي تعارض، نلجأ إلى ما يسمى مبدأ "التخصيص". وهنا، انتقلنا إلى مرحلة جديدة، ومهمة جداً، من أبرز نقاطها أنه يمكننا محاسبة أفراد بأنفسهم على انتهاكاتٍ، ارتكبوها بموجب القانون الجنائي الدولي.


يشمل القانون الدولي الإنساني اتفاقيات جنيف الأربع، الموقعة في 12 أغسطس/ آب 1949، وبروتوكوليها، الأول والثاني، ومجموعة أدوات قانونية أخرى ومبادئ تحمي الأشخاص الأكثر عرضة لآثار النزاع المسلح، والجمهورية العربية السورية طرف في اتفاقيات جنيف وبروتوكولها الأول، فضلا عن صكوكٍ أخرى عديدة، متعلقة بالقانون الدولي الإنساني والأسلحة والمرتزقة. مع ذلك، لم تصادق الجمهورية العربية السورية على البروتوكول الثاني لاتفاقيات جنيف، والذي ينطبق، تحديداً، على النزاعات المسلحة غير الدولية. لكن، هناك عدد أحكام عرفية للقانون الدولي الإنساني، لا بد أن تنطبق على النزاعات المسلحة غير الدولية. وأيضاً، فإن المادة 3 المشتركة لاتفاقيات جنيف، وكذلك القانون العرفي، يعتبران ملزمين لجميع الأطراف. وأكد مجلس الأمن في قراره 1325 في 2011 أن على جميع الدول التطبيق الكامل لقواعد القانون الدولي الإنساني، وقانون حقوق الانسان الدولي، ذات الصلة فيما يتعلق بحماية النساء والفتيات، واتخاذ التدابير الخاصة لحماية النساء والفتيات من العنف، القائم على أساس الجنس في أثناء النزاع المسلح .
 وفقا لتقارير لجنة التحقيق الدولية المستقلة، وقرارات مجلس حقوق الإنسان بشأن سوريا، والتي تجاوزت 15 قراراً في ثلاث سنوات، في سابقةٍ في تاريخ مجلس حقوق الإنسان، من حيث كمية القرارات، والإدانات المتكررة، بالإجماع، من الجمعية العامة للأمم المتحدة التي تتهم النظام السوري بارتكاب جرائم ضد الإنسانية، وجرائم حرب بحق الشعب السوري. وبالتالي، هو يعتبر غير ملتزم بمسؤولياته تجاه حماية المدنيين، بل هو من يقتلهم يومياً، وفي كل لحظة، في مذبحةٍ مستمرة منذ ثلاث سنوات. وكان يتوجب على المجتمع الدولي التحرك سريعاً، وفق مبدأ حماية المدنيين الذي أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 2005، لحماية المدنيين في سوريا. ولنا أن نتساءل، كحقوقيين، إنْ لم يطبق مبدأ مسؤولية الحماية في سوريا التي تنطبق عليها شروط الاستخدام، ففي أي مكان يمكن تطبيقه؟
تكمن المشكلة الرئيسية في مجلس الأمن الدولي الذي بقي مشلولاً، تماماً، بل، ومتخاذلاً عن أداء دوره الرئيسي في حفظ الأمن والسلم الدوليين. ليس الآن فحسب، بل قبل أن يتحول النزاع إلى عتبة صراع مسلح داخلي. وقراره الأخير رقم 2139، والذي صدر متأخراً جداً، وتحت الفصل السادس، ويتعلق بإيصال المساعدات الإنسانية، وإيقاف القصف العشوائي والقنابل البرميلية. وعلى الرغم من أنه صدر بالإجماع، لم تطبق الحكومة السورية منه شيئاً. إنها تتصرف باستخفاف وإهانة منقطعة النظير، ولم تكن لتفعل ذلك، لولا يقينها التام بأن هناك من يحميها أولاً، وهناك، ثانياً، من لا يريد أن يفعل شيئاً.

 

E0FFB8D7-C4F5-401E-B05D-B5A616670725
فضل عبد الغني

كاتب سوري، مواليد 1978، مؤسس ورئيس الشبكة السورية لحقوق الإنسان