الأسد في الملعب الإماراتي

الأسد في الملعب الإماراتي

25 مارس 2022
+ الخط -

أسئلة كثيرة أثارتها زيارة رئيس النظام السوري، بشار الأسد، إلى الإمارات، بعضها يتعلق بالتوقيت الذي حصلت فيه والتطورات الجارية، وعلى الخصوص الملف النووي الإيراني، وحرب روسيا على أوكرانيا التي ستكون لها انعكاساتٌ مباشرةٌ على الوضع في سورية. ولا يقف الأمر هنا، بل يذهب إلى هدف الأسد من الزيارة، وما يمكن أن تقدّمه له أبو ظبي وبأي شروط، وماذا تستطيع أن تفعل، لا سيما أن الأسد وولي عهد أبو ظبي، محمد بن زايد، محكومان بالموقف الإقليمي والدولي، من طهران إلى واشنطن والرياض، ولا يمكن أن يسقط المراقب من الحساب السؤال عن احتمال أن تشكل الزيارة بداية لمسار إعادة تأهيل الأسد وخروجه من العزلة التي يعيش فيها منذ قرابة عشر سنوات.

لا أحد يعرف من الذي هندس الزيارة وبناء على طلب أي طرف، وسواء كان النظام السوري أم أبوظبي، فإن ما هو أكيد أنها تأتي في لحظة دولية مهمة جدا. وهنا، يمكن تسجيل موقفين على قدر كبير من التأثير على وضع الأسد في المديين، القريب والمتوسط. الأول اقتراب حسم ملف الاتفاق النووي الإيراني. وفي حال حصول التوقيع، فذلك يعني انفراجا كبيرا بالنسبة للحليف الإيراني الذي تشكّل سورية له الموقع الخارجي الأول في سلم الأهمية. وبالتالي، سيعزّز ذلك من وضع الأسد الضعيف سياسيا واقتصاديا، وفي وسع طهران أن تزوّده بورقة ثمينة، مثل وقف الهجمات التي يشنها الحوثيون من حين إلى آخر ضد أبو ظبي. والثاني هو التداعيات السلبية المحتملة جدا على روسيا من غزوها أوكرانيا. وبعيدا عن النتائج العسكرية المبكّر الحكم عليها، دخلت روسيا في نفق من عقوبات دولية غير مسبوقة، لن تتمكّن في ظلها من الاستمرار عسكريا واقتصاديا في سورية بالوتيرة نفسها، وهذا يمثّل نقطة ضعف كبيرة في وضع الأسد الذي شكّل له التدخل العسكري الروسي مظلة حماية وإعادة تأهيل عسكري وأمني منذ سبتمبر/ أيلول 2015. والآثار المرتقبة سوف تلحق بمسألة إعادة الإعمار التي كانت موسكو تطمح إلى إطلاقها في سورية ضمن مشروعها لإعادة تأهيل الأسد، وستكون الأضرار ذات وجهين: الأول يتعلق بعدم قدرة روسيا على تمويل قسم من العملية وتشغيل شركاتها هناك. والثاني قطع الطريق على الشركات التي كانت تنتظر إطلاق الضوء الأخضر للاستثمار في الدمار السوري. وقد لا تؤدّي التداعيات الروسية إلى هزّ موقع الأسد بسرعة، ولكنها سوف تعطّل الاندفاعة التي كان متوقعا أن تبدأ خلال النصف الثاني من العام الحالي.

تأثير ولي عهد أبوظبي محدود على المستويين، العربي والدولي، وليس في وسعه أن يفتح أي باب عربي للأسد باستثناء مصر والسودان والبحرين، وعلى نحو مواربٍ أبواب السعودية، بشرط تحقيق تقدّم فعلي في الحوار السعودي الإيراني الذي يراوح مكانه، ولم يحقق تقدّما منذ أكثر من عام، وعلّقته طهران في الآونة الأخيرة، ولا يبدو واردا استئنافه في الوقت الحاضر، وخصوصا إذا تم توقيع الاتفاق النووي من دون مراعاة مطالب السعودية لجهة تدخلات إيران في شؤون اليمن، والعراق، وسورية، ولبنان. والمجال الوحيد المفتوح أمام بن زايد هو باتجاه إسرائيل. وفي وسعه أن يستثمر الوضع الصعب للأسد، كي يطبّع العلاقات مع تل أبيب، وهذه مسألة هي الأخرى غير سهلة، وتحيط بها اعتباراتٌ كثيرة، وتعترضها عقبات كثيرة. وحتى لو جرت، ستكون في حد أدنى، وتقتصر على لقاءاتٍ تعالج مسائل ثانوية، ولن تصل إلى حدود توقيع اتفاقية سلام كما يتوقع بعض المراقبين، لأن هذا شأنٌ يتجاوز الأسد وبن زايد وحكومة إسرائيل، ويحتاج رعاية دولية غير متوفرة في ظل الوضع الحالي.

1260BCD6-2D38-492A-AE27-67D63C5FC081
بشير البكر
شاعر وكاتب سوري من أسرة العربي الجديد