"إبني" حملة أردنية للأشخاص ذوي الإعاقة

"إبني" حملة أردنية للأشخاص ذوي الإعاقة

21 أكتوبر 2021
اجتمعوا تحت شعار "التأهيل طريق التمكين" (حملة إبني)
+ الخط -

تسعى حملة "إبني" التي أطلقها أشخاص ذوو إعاقة وأهالٍ ونشطاء حقوقيون في الأردن تحت شعار "التأهيل طريق التمكين" إلى المطالبة بتفعيل القانون الذي ينصّ على تأمين الخدمات العلاجية والتأهيلية الطبية للأشخاص ذوي الإعاقة بشكل مجاني، وأبرزها خدمات العلاج الطبيعي والعلاج الانشغالي أو الوظيفي وذلك المتعلّق بالنطق والسمع والعلاج السلوكي. فالتكاليف التي يتكبّدها الأهالي مرتفعة مع حصرية توفّرها في القطاع الخاص. ويبلغ عدد الأشخاص ذوي الإعاقة في البلاد نحو مليون شخص، وهو ما يُقدَّر بنحو 13 في المائة من إجمالي عدد السكان، وفقاً لبيانات التعداد السكاني الأخير الخاص بالأردنيين لعام 2015. ويكفل قانون حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة لعام 2017 تأميناً صحياً شاملاً لهؤلاء، يشمل الخدمات العلاجية والتأهيلية وكلّ أدوات أو معينات المساعدة.

يقول المتحدث الإعلامي باسم الحملة أنس ضمرة لـ"العربي الجديد" إنّ "الحملة تطالب بتفعيل مواد القانون التي تكفل الخدمات العلاجية والتأهيلية، لما لها من انعكاسات على حياة الأشخاص ذوي الإعاقة واندماجهم في الحياة اليومية، لجهة التعليم والعمل وممارسة حياتهم باستقلالية تامة، فيصير هؤلاء بذلك منتجين وفاعلين في مجتمعاتهم، في ظلّ مجتمع يحمي ويدافع عن حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة". ويوضح ضمرة، وهو شقيق مصابة بمتلازمة داون (تثلّث الصبغي 21)، أنّه "بعد تحقيق صحافي استقصائي حول تعليم الأشخاص ذوي الإعاقة والمشكلات التي تواجههم للالتحاق بالمدارس، تعرّفت إلى مجموعة من الأهالي، منهم الناشط في هذا المجال مصطفى دنو".

ويرى ضمرة أنّ "القوانين في الأردن جيّدة لكنّ المشكلة في التطبيق. ومواجهة التحديات التي تقف أمام الأشخاص ذوي الاعاقة تبدأ بالصحة ثمّ التعليم فالعمل. وقد طُرحت فكرة العمل على هذه الموضوعات لتتبلور بعد ذلك حملة إبني". يضيف أنّ "التواصل جرى مع أهالٍ كثيرين حول حاجات الأشخاص ذوي الإعاقة، وتمّ الاتفاق مع الأغلبية على أنّ الحق في الصحة والخدمات التأهيلية هو الأهم. بالتالي، وُضعت خطة عمل للحملة، والمطلب الأهم فيها واضح وهو جلسات تأهيل وعلاج للأشخاص ذوي الإعاقة بما يتوافق مع النصوص القانونية الموجودة. وأُوصلت الخطّة إلى المجلس الوطني للأشخاص ذوي الاعاقة الذي رحّب بالفكرة ودعمها، خصوصاً أنّ المطالب حقوقية عامة وليست شخصية". لكنّ ضمرة يلفت إلى أنّ "الفكرة طُرحت في خلال أزمة كورونا ولم يتشجّع لها وزير الصحة الأسبق سعد جابر. وبعد ذلك استمرت المحاولات للتواصل مع الوزير اللاحق نذير عبيدات، وقد تمّ لقاء بالفعل بينه وبين الأهالي. طُرحت الفكرة على عبيدات، إلّا أنّ أيّ تطوّر لم يحدث في الموضوع، ولم يتم التواصل لاحقاً مع القائمين على الحملة".

ويتابع ضمرة أنّه "بعد ذلك، كان هناك تواصل مع وزير الصحة الحالي فراس الهواري الذي تبنّى المطلب وتفاعل بشكل إيجابي معه. وعندما سأل عن التفاصيل، قدّمنا له السيناريو المعدّ والخطط اللازمة. فقد اقترحت الحملة بدء العمل في العاصمة عمّان، نظراً إلى وجود عدد من المراكز المؤهّلة فيها، من بينها مراكز عمّان والقويسمة ووادي السير الشاملة. واتُّفق على أن تكون البداية من مركز وادي السير المؤهّل بيئياً لاستقبال الأشخاص ذوي الإعاقة والقريب من وسائل المواصلات". ويوضح أنّ "الحملة اختارت المراكز الصحية الشاملة لتقديم الخدمات، نظراً إلى انتشارها الجغرافي في البلاد. فثمّة 114 مركزاً صحياً شاملاً تابعاً لوزارة الصحة تنتشر في معظم المناطق، الأمر الذي يقلل من أعباء التنقّل وتكاليفه على الأشخاص ذوي الإعاقة وأهاليهم. كذلك، فإنّ مراجعة المراكز الشاملة تُبعد الوصمة الاجتماعية والتنميط عن متلقّي الخدمة، إذ هي تقدّم خدماتها لجميع المواطنين وليس للأشخاص ذوي الإعاقة فقط، وبذلك تُكسر الحواجز النفسية".

وفي 23 أغسطس/آب الماضي، وقّع المجلس الأعلى لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة ووزارة الصحة وحملة "إبني" مذكّرة تفاهم لتسهيل وصول الأشخاص ذوي الإعاقة إلى خدمات التأهيل في المراكز الصحية الشاملة، وبموجبها سوف يُجهَّز المركز الصحي بيادر وادي السير الشامل كمركز نموذجي لتقديم الخدمات التأهيلية للأشخاص ذوي الإعاقة قبل نهاية العام الجاري. وتنصّ المذكّرة على رصد المخصصات المالية اللازمة من ضمن موازنة وزارة الصحة لعام 2022، بهدف تهيئة وتجهيز 12 مركزاً صحياً شاملاً بواقع مركز صحي واحد في كلّ محافظة، وبعد ذلك يصير الموضوع جزءاً من ميزانية وعمل وزارة الصحة في مراكزها الشاملة.

ويؤكد ضمرة أنّ "ثمّة تفاعلاً إيجابياً مع الحملة، خصوصاً أنّها تتحدّث بنفس حقوقي ولا تطلب معونة ومساعدة. فتلك حقوق وليست مكارم لجميع الأشخاص ذوي الإعاقة"، مشيراً إلى أنّ "القائمين على الحملة هم الأشخاص ذوو الإعاقة أنفسهم وأهاليهم، الأمر الذي يعطيها تأثيراً أكبر. فالفريق المركزي للحملة مكوّن من 10 أشخاص، منهم ثلاثة من ذوي الإعاقة والباقون من الأهالي".

ويتابع ضمرة أنّ "الحملة في بدايتها اعتمدت على تسجيل قصص ومعاناة أفراد من الأشخاص ذوي الإعاقة، فتحدّث كلّ شخص من الأهالي في فيديو عن المعاناة التي تواجهه. وكانت ثمّة جرأة في الحديث". ويؤكد أنّ "هذا النوع من الحديث عن قصص الإعاقة والمعاناة مؤثّر جداً بين الناس، خصوصاً أنّ المطالب تنصبّ على الحقوق والنظر إلى الإعاقة من منظور مختلف، خصوصاً أنّ ثمّة صورة نمطية في بعض وسائل الإعلام عن الأشخاص ذوي الإعاقة، إمّا أنهم أبطال خارقون يتجاوزون الصعاب، وإمّا تُعتمَد لغة الضعف وطلب المساعدة. لكنّ الحملة تعمل على توصيف القضية بتوازن انطلاقاً من منظور حقوقي".

قضايا وناس
التحديثات الحية

ويكمل ضمرة أنّ الحملة تتلقى المساعدة التنظيمية مثلاً من "أهل" وهي مؤسسة مجتمعية تقدّم الدعم الضروري إلى المجموعات والمؤسسات لتنظيم وبناء قوتها وقيادتها ومواردها، على شكل حملات لقيادة التغيير وتحقيق العدالة والحرية. وهي ترسم أسلوب العمل لكنّها ليست صاحبة قرار. كذلك تلجأ إلى مركز "عدالة للمعلومات القانونية" الذي يقدّم المشورة للحملة في القضايا القانونية. ويؤكّد أنّ "الحملة تتحرّك وتتفاعل مع كلّ القضايا التي تخصّ الأشخاص ذوي الإعاقة وتستجيب لجميع القضايا الحقوقية، فيما هدفها الرئيسي المرحلي هو تقديم الرعاية والتأهيل".

المساهمون