ذوو الإعاقة والانتخابات في الأردن.. سعي لكسر الصورة النمطية

ذوو الإعاقة والانتخابات في الأردن.. سعي لكسر الصورة النمطية

16 أكتوبر 2020
تحرص الهيئة على مشاركة الأشخاص ذوي الإعاقة في العملية الانتخابية (صلاح ملكاوي/الأناضول)
+ الخط -
يواجه الأشخاص ذوو الإعاقة في الأردن العديد من الصعوبات، في ظلّ الصورة النمطية وغياب البيئة المناسبة لممارسة تفاصيل حياتهم، بشكل طبيعي، واليوم تقف هذه الفئة من المجتمع أمام تحدي المشاركة في الانتخابات البرلمانية المزمع إجراؤها في 10 نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل، ترشيحاً وانتخاباً.
وفي هذا الصدد، أكّد رئيس مجلس مفوضي الهيئة المستقلّة للانتخاب في الأردن، خالد الكلالدة، حرص الهيئة على مشاركة الأشخاص ذوي الإعاقة في العملية الانتخابية وضمان حقهم في الاقتراع والترشّح، من خلال التنسيق مع الجهات المعنية حول حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة.
وتقول رئيسة جمعية "أنا إنسان" لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة في الأردن، وعضو مجلس أمناء المركز الوطني لحقوق الإنسان، آسيا ياغي، لـ"العربي الجديد" إنّ قضية التصويت من أهم الحقوق السياسية لذوي الإعاقة. وأشارت إلى قيام الهيئة المستقلة للانتخاب بتهيئة 23 مركز اقتراع لاستقبال ذوي الإعاقة، موزّعة على جميع الدوائر الانتخابية في المملكة، وتمنّت في الوقت ذاته زيادة عددها إلى 46 مركزاً، مشيرة إلى ترشح حوالي 8 أشخاص من ذوي الإعاقة في مختلف مناطق المملكة.
وترى ياغي أنّ هناك اليوم اهتماماً أكبر من السابق، بتوفير الظروف الملائمة لذوي الإعاقة للمشاركة في عملية الاقتراع، وأكّدت أهمية التوعية والتمكين المجتمعي حول أهمية مشاركة الجميع في العملية الانتخابية.
وتطالب ياغي بتوفير مواصلات تنطلق من أماكن معيّنة، لنقل ذوي الإعاقة إلى مراكز الاقتراع، تشجيعاً لهم على المشاركة، خاصة وأنّ العديد منهم يعانون مادياً، ويحتاجون إلى محفّزات للخروج من بيوتهم.
وحول المشاكل والتحديات التي تواجه المرشّحين من ذوي الإعاقة، تقول ياغي إنّ قرار الترشّح هو قرار صعب، وليس من السهل أن يُقدم في مجتمعنا شخص ذو إعاقة على الترشح والمنافسة في الانتخابات البرلمانية. وتشير إلى وجود صعوبات مادية، ونفسية، واجتماعية، تعيق موضوع ترشّحهم.  
وتوضح أنّ تكلفة الدعاية الانتخابية مرتفعة، وهذه من أهم التحديات التي تواجه المرشّحين من ذوي الإعاقة، إذ إنّ الوضع المادي يلعب دوراً مهماً في الموضوع. وتلفت إلى أنّ "الإيمان بذوي الإعاقة في المجتمع ليس على المستوى المطلوب. فهناك من يعتقد أن ذوي الإعاقة إذا ما وصلوا إلى كرسي البرلمان فهم سيكونون صوتاً لهذه الفئة فقط. وهم يتناسون بذلك أنّهم مواطنون، وكلّ ما يمسّ الآخرين يمسّهم، لكنّ لديهم اهتماماً إضافياً بفئة ذوي الإعاقة، كونهم لديهم الدراية بالصعوبات التي تواجههم".
قدّرت هيئة الانتخاب عدد ذوي الإعاقة الذين يحقّ لهم التصويت بحوالي 700 ألف
 
تضيف ياغي: "لا يعي المجتمع بشكل جيد، المشاكل التي تواجه ذوي الإعاقة، إذ إنّ الانضمام إلى القوائم الانتخابية يجعل المهمة صعبة، فقوة الأشخاص في القائمة تؤثّر بشكل سلبي على فرص الفوز". واعتبرت أنّ مجرّد الترشّح هو خطوة إيجابية للفت انتباه المجتمع لذوي الإعاقة، والحديث عن النجاح سابق لأوانه. كما دعت إلى تخصيص كوتا لذوي الإعاقة، كما هي الكوتا للسيدات، وللشيشان والشركس والمسيحيين، وتخصيص دوائر انتخابية للبادية، معتبرة ذوي الإعاقة "أقليّة مظلومة".
من جهتها، تقول الشابة الكفيفة، روان بركات، إنّ فكرة الترشّح للانتخابات النيابية واتتها منذ 11 سنة، في ظلّ العمل الميداني الذي تقوم به مؤسسة رنين، وهي مؤسسة أسّستها وتديرها بركات وهي مختصّة بالتعليم، وتركّز على تنمية مهارات الاستماع والتواصل لدى الطلبة.
تضيف: "وصلنا إلى حوالي 40 ألف طالب و2000 معلم ومعلمة في مختلف مناطق المملكة، وهذا العمل كشف عن حاجة المنظومة التعليمية للتطوير بهدف الوصول إلى التعليم المنصف". وأشارت إلى أنّ ملفّ التعليم كان الحافز الأهم لفكرة الترشّح للبرلمان، لتعديل التشريعات اللازمة في هذه القضية، وكذلك الحديث بصوت المواطن الأردني.
تتابع بركات: "في محاولتي للوصول إلى البرلمان، أنطلق أولاً من كوني مواطنة أمثّل كافة أفراد المجتمع، وصوت شبابي يحاول حمل طموحات الشباب وصوتهم، وسيدة تسعى إلى التأكيد على حقوق المرأة في الأردن، ومن ثم صوت الأشخاص ذوي الإعاقة".
وحول اختيار الانضمام إلى قائمة "بكرا"، تقول بركات إنّ جميع مرشّحي القائمة، هم أشخاص قادرون على حمل برنامج انتخابي مُجمع عليه، فالقائمة تحمل رؤى التغيير، ونجاح أيّ شخص من القائمة يعني أنّه يحمل ملفات جميع المرشّحين الآخرين، وهي قائمة من لون الناس، تشبههم وهي قريبة من الطبقة الوسطى. تضيف أنّ الدائرة الثالثة في عمّان، "دائرة الحيتان"، هي شكل مصغّر عن الأردن، فيها الأغنياء والفقراء والطبقة الوسطى، التي بدأت تتلاشى مع كورونا.
وترى أنّ المعيقات أمام ذوي الإعاقة كثيرة، أبرزها الإمكانات المادية، والثقافة المجتمعية التي تشكّك في قدرات ذوي الإعاقة، وتحصر قدرتهم على الإنجاز بالإعاقة، مشيرة إلى أنّ ما يحدث تجاه ذوي الإعاقة يعود لإخفاق الحكومة في إدماجهم في المجتمع، عبر المناهج وتطبيق القانون، إضافة إلى صورتهم النمطية في الإعلام.
وتقول إنّ وسائل التواصل الاجتماعي كانت مفيدة في حملتها الانتخابية ومشجّعة بشكل عام. وتضيف أنّها محاطة بدائرة صغيرة داعمة ومشجّعة لها، كما بعدد كبير من أفراد المجتمع، رغم وجود بعض من حاول التنمّر عليها، أو استغلال وضعها ومحاولة توظيفه في السياسة.
وتقدّر نسبة ذوي الإعاقة بالأردن بحوالي 13 في المائة من السكّان، فيما قدّرت هيئة الانتخاب عدد ذوي الإعاقة الذين يحقّ لهم التصويت بحوالي 700 ألف.  

المساهمون