تحركات إماراتية لملاحقة تركيا في الساحل الأفريقي

تحركات إماراتية لملاحقة تركيا في الساحل الأفريقي

07 مايو 2021
منطقة الساحل الأفريقي تشهد نشاطاً تركياً لافتاً (راسيت إدوغان/الأناضول)
+ الخط -

كشفت مصادر مصرية خاصة عن مساع إماراتية لتشكيل تحالف ثلاثي مع مصر وفرنسا، عبر بوابة "مكافحة الإرهاب في القارة الأفريقية، من خلال تجمع دول الساحل الأفريقي". 
وقالت المصادر، التي تحدثت لـ"العربي الجديد"، إن أبوظبي انخرطت أخيراً في مباحثات مع كل من القاهرة وباريس بهدف تشكيل تحالف، للتحرك في منطقة الساحل الأفريقي، بشكل واسع، على صعيد "مكافحة الإرهاب"، من جهة، والاستثمار بتلك المنطقة من جهة أخرى، بالإضافة إلى محاصرة تركيا، وعدم ترك الساحة خالية لها للتوسع هناك بالشكل الذي قد يضر بمصالح الإمارات مستقبلاً، مستغلة في ذلك المخاوف الفرنسية خاصة، والأوروبية عامة، من تعاظم الدور التركي

أجريت لقاءات استخباراتية ثلاثية لبحث التصور الإماراتي

وأوضحت المصادر، أن لقاءات أجريت أخيراً على مستوى رؤساء المخابرات في البلدان الثلاثة، لبحث التصور الإماراتي، في وقت تسعى فيه أبوظبي لتصحيح مسار العلاقات مع القاهرة، بحد تعبير المصادر، التي لفتت إلى أن هذا التعاون في هذا الملف يلقى ترحيباً مصرياً، خصوصًا لما يحمله من توازن في العلاقات مع تركيا، التي انطلقت معها، اعتباراً من الأربعاء الماضي، مشاورات رسمية، أمنية ودبلوماسية، في إطار مساعي التوصل لتهدئة بين البلدين. وفي أول بيان مصري من نوعه، أعلنت وزارة الخارجية عقد مشاورات سياسية مع تركيا، برئاسة نائب وزير الخارجية المصري حمدي سند لوزا، ونائب وزير الخارجية التركي سادات أونال، في القاهرة. ووصف البيان المصري، المناقشات بأنها ستكون "استكشافية"، وستركز على الخطوات الضرورية، التي قد تؤدي إلى تطبيع العلاقات بين البلدين على الصعيد الثنائي وفي السياق الإقليمي. وأوضحت المصادر المصرية الخاصة أن "الرغبة الإماراتية في ملاحقة تركيا، والاستثمار في تلك المنطقة البكر، تتلاقى مع توجه مصري لإعادة دور القاهرة إلى القارة الأفريقية، لمواجهة حجم النفوذ الإثيوبي أيضاً". وقالت إن "تصحيح مسار العلاقات المصرية الإماراتية، بعد حالة التوتر الأخيرة، سيكون عبر بوابة التحالف الجديد الذي سيعيد التوازن للعلاقات" بينهما.

وبحسب المصادر، فإن "الإمارات التي دأبت على ملاحقة تركيا في دول الساحل الأفريقي، من خلال مساعدات اقتصادية وإنسانية وطبية لشعوب تلك المنطقة، ترى ضرورة ملحة في هيكلة تلك التحركات في إطار تحالف أعمق وأوسع، يجعلها أكثر فاعلية". ورجحت أن "الصراع التركي الإماراتي سيكون هو المحدد الرئيسي لتحالفات المنطقة خلال الفترة المقبلة، خاصة بعد المساعي الخاصة بالتقارب بين مصر وتركيا خلال الفترة الماضية". وقالت المصادر إن ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد تطرق إلى الحديث حول التحالف الذي تدعو إليه بلاده، خلال زيارته الأخيرة للقاهرة، التي استغرقت عدة ساعات، والتقى خلالها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.
وفي 17 ديسمبر/كانون الأول من العام الماضي، كشفت مصادر مصرية مطّلعة عن تحركات تقوم بها الإمارات لدى عدد من الدول المطلة على البحر الأحمر، من أجل تشكيل قوة عسكرية، وذلك في وقت استقبل فيه السيسي ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد، في قصر الاتحادية وقتها. وتم الإعلان في ختام الزيارة القصيرة عن التوافق بينهما على استمرار التفاهم المتبادل من أجل مواصلة بذل الجهود المشتركة للتصدي للمخاطر التي تهدد أمن واستقرار مجتمعات المنطقة، من قبل ما وصفاه بـ"تدخلات خارجية تهدف لخدمة أجندات لأطراف لا تريد الخير لدول وشعوب المنطقة". 

تستغل أبوظبي المخاوف الأوروبية من تعاظم الدور التركي
 

وكشفت المصادر، لـ"العربي الجديد"، يومها أن الإمارات قطعت شوطاً كبيراً مع السودان والسعودية والحكومة الإسرائيلية، بشأن تشكيل تلك القوة، موضحة، في الوقت ذاته، أن هناك ما يمكن تسميته بـ"الاعتراض المصري"، على تلك الخطوة في الوقت الراهن. وكانت منطقة الساحل الأفريقي شهدت نشاطاً تركياً خلال السنوات الخمس الماضية. فخلال زيارته إلى موريتانيا في مارس/آذار 2018، تعهد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بتقديم 5 ملايين دولار كمساعدة مالية لجهود مكافحة الإرهاب في كتلة مجموعة الدول الخمس. وقد أدت هذه المبادرات إلى توثيق التعاون الأمني الثنائي بين تركيا ودول الساحل. وفي 26 يوليو/تموز من العام ذاته، وقعت تركيا اتفاقية تعاون عسكري مع النيجر، من شأنها أن تسمح بالتعاون الثنائي ضد الانتشار المحتمل لعدم الاستقرار من ليبيا إلى غرب أفريقيا. واستكملت أنقرة توسعها الأمني في بلدان الساحل بإمدادات ومساعدات إنسانية وطبية لمواجهة جائحة كورونا. وفي مايو/أيار من العام الماضي، قدمت وكالة التعاون والتنسيق التركية "تيكا" مساعدات إلى غامبيا للتخفيف من نقص الغذاء. وفي 17 يونيو/حزيران الماضي، أعلنت تركيا أنها ستشحن مجموعة واسعة من المعدات الطبية إلى النيجر وتشاد. واستفادت أنقرة من علاقاتها المتينة مع دول الساحل لتقويض حركة "جماعة الخدمة"، التي يتزعمها الداعية فتح الله غولن، من خلال تقويض المؤسسات التعليمية التابعة لها. ففي ديسمبر 2017، أعلنت أنقرة أن السنغال ستغلق 12 مدرسة تابعة إلى غولن"، وهي الإجراءات التي أعلنت تركيا تجاوب كل من النيجر وغينيا بيساو معها بعد حوافز تعليمية تركية لهذه البلدان.
وأعلنت وزارة الدفاع الإماراتية نهاية إبريل/نيسان الماضي بدء تسيير ما وصفته برحلات دعم لوجستي لجهود المجتمع الدولي، بقيادة فرنسا، في مكافحة الإرهاب في منطقة الساحل الأفريقي، لتحقيق الأمن والاستقرار هناك. ولفتت وسائل إعلام إماراتية إلى أن إقلاع أول رحلة من أبو ظبي، كان بحضور قائد العمليات المشتركة بوزارة الدفاع الإماراتية اللواء الركن صالح محمد صالح مجرن العامري والسفير الفرنسي لدى الإمارات كرافييه شانيل، حيث أوضح الأخير أنه من المخطط أن "تخصص القوات المسلحة الإماراتية عدداً من رحلاتها لنقل المساعدات الإنسانية والإغاثية، نظراً لخبرتها الكبيرة التي اكتسبتها في مجال العمل الإنساني والإغاثي على الصعيدين الإقليمي والدولي".