تراجع الاستهلاك يقلص آمال المغرب في التعافي من تداعيات كورونا

تراجع الاستهلاك يقلص آمال المغرب في التعافي من تداعيات كورونا

24 يناير 2021
الأسر قلصت استهلاكها لأدنى مستوى في عقدين (فرانس برس)
+ الخط -

تعول الحكومة المغربية على الاستهلاك المحلي لتقليص تداعيات جائحة فيروس كورونا الجديد على مختلف الأنشطة الاقتصادية في الدولة، إلا أن مؤشرات إنفاق الأسر تبدو غير مشجعة في ظل تأثر دخول الكثيرين بالجائحة وارتفاع معدلات البطالة.

ويدفع تراجع الصادرات في ظل الجائحة نحو تنشيط الطلب المحلي، الذي ظل لسنوات سابقة على الوباء محركاً للنمو الاقتصادي في المملكة وأداة لتعويض تقلص صادرات بعض القطاعات.

لكن تراجع استهلاك الأسر في العام الماضي لعب دوراً حاسماً في دفع النمو نحو الانكماش بنسبة 7%، وفق بيانات صادرة حديثا عن المندوبية السامية للتخطيط (حكومية)، مشيرة إلى أن الاستهلاك تراجع بنحو 9.4%، وهي نسبة لم تسجل منذ أكثر من عقدين من الزمن، ليساهم بنحو 5.3% في إجمالي نسبة الانكماش المسجلة.

وتأثر استهلاك الأسر في 2020 بشكل خاص بحالة عدم اليقين المرتبطة بالجائحة، وكذلك بالبطالة التي ارتفعت إلى 12.7% بسبب تعثر الكثير من الأعمال. ويتجلى أن بعض أنواع الإنفاق تراجعت العام الماضي، وستواصل نفس المنحى في الربع الأول من العام الجاري، وفق التوقعات الرسمية، حيث يهم ذلك نفقات النقل والترفيه والمطاعم.

ويبدو أن الأسر المغربية تتريث في إنفاق مدخراتها تحسباً لما قد يأتي، فقد أظهرت البيانات المصرفية ارتفاع قيمة المدخرات بنحو 4.6 مليارات دولار خلال 11 شهراً، لتصل إلى حوالي 64 مليار دولار في نهاية نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي.

وفي الوقت نفسه، تجد أسر صعوبات في الوفاء ببعض ما في ذمتها تجاه المصارف، فقد وصلت في نهاية نوفمبر/ تشرين الثاني إلى حوالي 3.5 مليارات دولار، بزيادة بلغت نسبتها 3%، مقارنة مع أكتوبر/ تشرين الأول، بينما زادت على أساس سنوي بنحو 18%.

وقال محمد العربي، عضو الجامعة (الجمعية) المغربية لحقوق المستهلك، في حديث مع "العربي الجديد"، إن الأسر التي تضررت إيراداتها، أو التي فقد بعض أفرادها عملهم، بسبب الأزمة الصحية، اضطرت إلى ترشيد استهلاكها، حيث ركزت على المواد والخدمات الأساسية.

ورأى العربي أن ترشيد الاستهلاك سيتواصل في العام الحالي، في ظل حالة عدم اليقين المرتبطة بالأزمة الصحية، واحتمال أن يكون انتعاش الاقتصاد تدريجياً، حيث لن يعود قريبا إلى ما كان عليه قبل الجائحة، ما يؤثر حتما على إيرادات الأسر.

ورغم الانخفاض الحاد لمعدل التضخم، أظهرت أحدث بيانات مندوبية التخطيط أن ثقة الأسر تراجعت بشكل ملحوظ في الربع الثاني من العام الماضي، مسجلا أدنى مستوى له منذ بداية نشر تلك البيانات في 2008، حيث توقعت 42.2% من الأسر تدهور مستوى معيشتها في الـ12 شهراً المقبلة، بينما ترقبت 26.6% من الأسر استقراره وتوقعت 31% تحسنه.

وبينما تراجع استهلاك الأسر بشكل كبير العام الماضي، إلا أن المندوبية السامية للتخطيط تراهن على عودة نموه بنسبة 3.9% العام الجاري، ما يؤدي إلى مساهمته في النمو الاقتصادي بنسبة 2.2%.

أسواق
التحديثات الحية

لكن خبراء اقتصاد يرون أن ما أصاب الطلب الداخلي من تراجع في العام الماضي وارتهانه في العام الحالي لتطور وضع الوباء، قد يدفعان إلى مراجعة التوقعات الخاصة بالنمو.

ونفذت المملكة إجراءات وفرضت قيودا صارمة منذ مارس/ آذار الماضي، ضمن محاولات حكومية لمنع تفشي كورونا محليا، شملت تعليق الطيران والتنقل وإغلاق المرافق الحيوية عدة أشهر.

ورغم تبني المغرب خطة للإنعاش الاقتصادي في حدود 13 مليار دولار، والمراهنة على إنعاش الاقتصاد بما له من تأثير على سوق العمل في العام المقبل، إلا أن بنك المغرب (البنك المركزي) يتصور أن ذلك يبقى رهينا بانجلاء حالة عدم اليقين التي تتعلق بتطعيم المغاربة باللقاحات المضادة لكورونا وعودة العلاقات التجارية مع الشركاء، لا سيما الأوروبيين، إلى المعدلات الطبيعية.

المساهمون