الدنمارك: حزب سياسي متشدد يدفع لصحيفتين لنشر رسوم كاريكاتورية مسيئة

الدنمارك: حزب سياسي متشدد يدفع لصحيفتين لنشر رسوم كاريكاتورية مسيئة

02 نوفمبر 2020
حذّر جهاز الاستخبارات الدنماركي "بيت" من تداعيات سلبية لنشر الرسوم (فرانس برس)
+ الخط -

بعد فشل دعوات إعادة صحف الدنمارك نشر الرسوم الكاريكاتيرية للنبي محمد، خصوصاً بعد انطلاق حملة مقاطعة البضائع الفرنسية، وجدت رئيسة حزب "البرجوازية الجديدة" (يميني متشدد) بيرنيلا فيرموند، سبيلاً آخر لنشرها، فقد باشر حزبها يوم الجمعة الماضية بحملة تبرعات لنشر الرسوم على شكل إعلان في الصحافة.

وطالبت فيرموند بنحو 150 ألف كرونه، حوالي 20 ألف يورو، لنشرها على شكل إعلان، وتجاوز المبلغ الذي جُمع نصف مليون كرونه حتى مساء أمس الأحد، وفقاً لما نشرت القناة الثانية. وأبدت صحيفتا "فيكند أفيزن" و"بيرلنغكسا" رغبتهما بنشر الإعلان المدفوع.

وكان جهاز الاستخبارات الدنماركي "بيت"، حذّر في وقت سابق من تداعيات سلبية لنشر الرسوم. ولم تشجع الأحزاب السياسية الأخرى، لا في يسار الوسط ولا يمينه، رغم إبدائها التفهم، النشر، الذي يثير اليوم سجالاً في كوبنهاغن، على خلفية توتر علاقة باريس بالعالم الإسلامي، والتحذيرات من تداعيات ذلك على مصالح الدنمارك.

ووجه دنماركيون انتقادات عديدة لفيرموند بسبب مواقفها المتشدّدة من المسلمين منذ ما قبل الأزمة الأخيرة. كما تعرّض رئيس تحرير "بيرلنغكسا"، توم ينسن، إلى انتقادات بسبب موافقته على نشر الإعلان، وطالب بعضهم بنشر كاريكاتير يصوّر تركيز وسائل الإعلام على المتطرفين والكراهية، وتجاهل الأغلبية الرافضة ذلك.

وتأسس الحزب قبل فترة قصيرة من انتخابات العام الماضي 2019، واستطاع منافسة الحزب اليميني المتشدد الآخر، حزب "الشعب" الدنماركي، ليفوز بـ4 مقاعد من أصل 179 مقعداً.

ونشطت فيرموند خلال الأشهر الأخيرة على وسائل التواصل، طارحة مواقف تعيد التذكير بتشدد مؤسسة "الشعب الدنماركي" بيا كيرسغورد، قبل نحو عقدين. وعبّرت فيرموند مساء أمس الأحد، عن سعادتها لقبول الصحيفتين نشر الإعلان لقاء مبالغ مالية، فيما كان الموقف العام للصحف التمنّع عن النشر، وأرادت غالبيتها التفكير ملياً في الأمر، إلى أن صدر هذا الموقف الجديد، وبالأخص من "بيرلنغكسا"، التي تلقت انتقادات لاذعة من قبل قراء دنماركيين اتهموها بـ"تغطية يسارية متطرفة" لما يحدث في فرنسا.

تحذير من تداعيات النشر

ومن ناحيته، اعتبر رئيس جهاز الاستخبارات الدنماركية السابق، هانس يورغن بونيكسن، أن تصرفات فيرموند "طفولية واستفزازية سخيفة، وبينما تجلس في برجها العاجي، محمية هي وزملائها من الأمن، تتلاعب بأمن الجميع".

 ويعتقد بونيكسن أن الجهاز الأمني سيقدّم الحماية لرئيسة الحزب وأن "المخاطر سترتفع أكثر". ولم تشأ فيرموند الدخول في تفاصيل ما إذا كان الجهاز الأمني تواصل معها ومع زملائها.

وينظر كثيرون في الدنمارك إلى تصرفات هذا الحزب بنفس نظرة رئيس الجهاز الأمني السابق. ووُجهت انتقادات مختلفة للحزب باعتباره "ينافس على أصوات حزب الشعب". ويتهم آخرون في المجتمع الدنماركي "البرجوازية الجديدة" بأنه ينتهج سياسة إعلامية شعبوية ومتطرفة، مذكرين ببدايات حزب "الشعب"، الذي ينافس هو الآخر بنشر رسوم على مواقع قياديه على "فيسبوك" و"تويتر"، من دون أن تلقى تفاعلاً شعبياً إيجابياً من الدنماركيين، وتجاهلاً تاماً من المواطنين المسلمين.

وعاشت الدنمارك أزمة رسوم كاريكاتورية في 2005 و2006، شملت مقاطعة بضائعها وتعرض دبلوماسييها لمخاطر، وهوجمت سفارتيها في دمشق وبيروت، وانقسم مسلمو البلد (نحو 350 ألفاً) لاحقاً حول ردود الفعل من تلك الرسوم. وصدر أمس الأحد موقف من بعض أئمة الدنمارك ندّد بالهجوم "البشع" الذي حصل في نيس الفرنسية، وقُتلت فيه سيدتان وحارس كاتدرائية.

ورغم ما تسببت به أزمة 2006، عاش مسلمو الدنمارك حياة طبيعية، وينشط بعضهم في أحزاب سياسية، وتستقبل مساجدهم زواراً وطلاب مدارس وجامعات، على الرغم من ممارسات سلبية تسلّط عليها الضوء الصحافة بشكل مستمرّ، وخصوصاً مع توالي احتراب عصابات شبابية من أصول مهاجرة، ومقتل العديد منهم بإطلاق نار وطعن بالسكاكين، واتهام سياسيين لهؤلاء المسلمين بعدم الاندماج في المجتمع.

ويُعرف حزب "الشعب" الدنماركي بمواقف متعصبة، إلى جانب شاب مغمور، يقود حزباً جديداً، فشل في تخطي عتبة الدخول إلى البرلمان في العام الماضي، ويعارض غالبية الدنماركيين ممارسات ذلك الحزب، ويعتبرونها "مستفزة" و"طفولية"، وخصوصاً انتقاد الشارع الدنماركي حرقه للقرآن الكريم.