رئيس الحكومة المغربية: لن نسلم أنفسنا لجهات تريد تحجيمنا

رئيس الحكومة المغربية: لن نسلم أنفسنا لجهات تريد تحجيمنا

17 أكتوبر 2020
يتخوف "العدالة والتنمية" من أن يكون القاسم الانتخابي وسيلة لتقليص عدد مقاعده (الأناضول)
+ الخط -

اتهم رئيس الحكومة المغربية، وأمين عام حزب العدالة والتنمية، سعد الدين العثماني، اليوم السبت، أطرافا سياسية وإعلامية ولوبيات (لم يسمها) بالوقوف وراء التهجمات التي يتعرض لها حزبه في الآونة الأخيرة، وذلك على خلفية الانقسام الحاد في المواقف بين الأحزاب السياسية، بشأن تعديل القوانين التي ستجرى وفقها الانتخابات المقبلة، ولا سيما نقطة احتساب "القاسم الانتخابي"، الذي يتم على أساسه توزيع المقاعد البرلمانية بعد إجراء عملية التصويت.

واعتبر أمين "العدالة والتنمية"، قائد الائتلاف الحكومي الحالي، خلال اليوم الدراسي الذي نظمه الحزب بشأن القوانين الانتخابية السبت، أن تلك الأطراف السياسية والإعلامية واللوبيات لا يهمها تحسين صورة المغرب ديمقراطيا وحقوقيا، بل تهدف فقط إلى محاصرة حزبه وتحجيمه، وقال: "الحزب لا يغلق الباب أمام التوافقات المنطقية... لكن لا يمكن أن نسلم أنفسنا لجهات تريد تحجيمنا لتفعل ما تشاء".

وبينما جدد أمين عام الحزب الإسلامي تمسكه برفض تعديل طريقة احتساب القاسم الانتخابي، كان لافتا حرصه على بعث رسائل مباشرة إلى خصومه السياسيين، معتبرا أن المقترحات التي تقدمها أطراف سياسية أخرى بخصوص القوانين الانتخابية "لا تخدم التطور الديمقراطي في المملكة"، و"تسيء وتشوه" المسار، كما أنها "قص ولصق" غرضه البحث عن طريقة لتحجيم طرف سياسي معين ليحصل على أقل عدد من المقاعد البرلمانية.

وفي رسالة مباشرة إلى حليفه في الأغلبية الحكومية، حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، الذي يتزعم، حاليا، الداعين إلى تعديل طريقة احتساب القاسم الانتخابي، أبدى العثماني استغرابه من مطالب الاتحاديين بتعديل القوانين الانتخابية من دون تقديم أي سبب منطقي، معتبرا أن هناك من يريد أن يصفي التركة "الإيجابية" و"النظيفة" لرئيس الوزراء السابق الراحل عبد الرحمن اليوسفي، في إشارة إلى أن القوانين الانتخابية الحالية تم إعدادها خلال ترؤس الاتحاد الاشتراكي للحكومة المغربية في سنة 2002.

العثماني واصل بعث رسائله إلى من يهمه الأمر، بالتأكيد، هذه المرة، على أن "خصوم العدالة والتنمية لن يتمكنوا من إضعافه ما لم يعملوا بجد وبنزاهة، وليس عبر محاولات التحكم في النتائج الانتخابية"، لافتا إلى أنه سيستمر في "التصدي لكل محاولات النكوص المتصلة بالقوانين الانتخابية".

سيرة سياسية
التحديثات الحية

إلى ذلك، ربط أمين عام "العدالة والتنمية" بين موقف حزبه الرافض لتعديل القاسم الانتخابي ولمقترحات الزيادة في عدد أعضاء مجلس النواب ( الغرفة الأولى للبرلمان المغربي)، بالرغبة في زيادة الثقة في المؤسسات وتجنب المزيد من العزوف السياسي، لافتا إلى أن حزبه مهتم بالانعكاسات التي ستكون للقوانين الانتخابية على تقدم المسار الديمقراطي، وتعزيز نزاهة الانتخابات وشفافيتها، لا "بمنطق الربح والخسارة وعدد المقاعد المتحصل عليها".

وأشار إلى أن حزبه حريص على أن تحقق الانتخابات المقبلة الإرادة الشعبية، وقال:" يجب أن نضع أمام أعيننا أولا وقبل كل شيء تقوية هيئات الوساطة، وأن يثق المواطن أكثر في الأحزاب السياسية، لأن هذا هو ما سيربحه المغرب".

ويسود جدل سياسي حالياً في المغرب حول القاسم الانتخابي، بعد أن طالبت أحزاب في الأغلبية (التجمع الوطني للأحرار، الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، الحركة الشعبية، الاتحاد الدستوري)، والمعارضة (الأصالة والمعاصرة، الاستقلال) باستخراج القاسم الانتخابي من قسمة مجموع المسجلين في اللوائح الانتخابية على المقاعد في الدائرة الانتخابية، من دون تمييز بين من شاركوا في الانتخابات ومن لم يشاركوا فيها. ويخالف ذلك الطريقة المعمول بها في الانتخابات الماضية، حيث كان يتم استخراج القاسم الانتخابي بقسمة عدد الأصوات الصحيحة على عدد المقاعد.

وفي الطريقة الأولى سيتم الحصول على قاسم انتخابي كبير، وهو ما سيمنع الحزب الذي حصل على أكبر عدد من الأصوات من الحصول على أكثر من مقعد واحد في الدائرة الانتخابية، ما قد يحرم حزب "العدالة والتنمية" من نحو 40 مقعداً. أما في الطريقة الثانية المعمول بها سابقاً، فإن الحزب الذي يحصل على عدد كبير من الأصوات يمكنه حصد أكثر من مقعد في الدائرة الواحدة، بناء على قاعدة "أكبر بقية"، وهو ما كان قد تحقق في انتخابات 2016، حين ظفر "العدالة والتنمية" بـ 125 مقعداً بفارق كبير عن باقي منافسيه.

وفي الوقت الذي يبدي فيه الحزب مخاوف من أن يكون القاسم الانتخابي وسيلة لتقليص عدد مقاعده في البرلمان القادم، والحيلولة دون تكرار سيناريو اكتساحه لصناديق الاقتراع في 2016، أدخل الخلاف حول القاسم الانتخابي المشاورات السياسية حول القوانين، التي ستؤطر الانتخابات البرلمانية والبلدية المنتظرة في 2021، إلى طريق مسدود، بعد أن لم تفض آخر جلسة عقدت الأسبوع الفائت، بين وزارة الداخلية والأحزاب الممثلة في البرلمان، إلى الحسم في الخلاف الحاد بشأن القاسم بين غالبية الأحزاب وحزب العدالة والتنمية.