لقاء عائلات من الكوريتين فرّقتهم الحرب 65 عاماً

لقاء عائلات من الكوريتين فرّقتهم الحرب 65 عاماً

21 أكتوبر 2015
شقيقان يلتقيان بعد فراق 60 عاماً (getty)
+ الخط -

بعد فراق دام 65 عاماً، احتضنت لي سون كيو، وهي جدة تبلغ من العمر 85 عاماً من كوريا الجنوبية، زوجها، يوم الثلاثاء 20أكتوبر/تشرين الأول. وهي تبتسم بخجل عروس شابة.

لي، كانت قد تزوجت من ويان سي لسبعة أشهر فقط، وكانت حاملاً في شهرها الخامس عندما اندلعت الحرب الكورية عام 1950. اختفى ويان في الصراع، وانتهى في الشمال عندما توقفت الحرب بعد ثلاث سنوات من الهدنة التي تركت شبه الجزيرة الكورية، مقسّمة.

لم ير الزوجان بعضهما بعضاً، حتى حفرت التجاعيد عميقاً في وجه ويان (83 عاماً)، والذي ظهر مرتدياً قبعة فيودورا سوداء، في أول لقاءات لم شمل الأقارب الذين فصلتهم الحرب بين الكوريتين المتناحرتين.

"لا أستطيع أن أقول كم اشتقت لك"، تقول لي التي رفضت الزواج مرة أخرى، وأخذت على عاتقها مسؤولية تربية ابنها وحدها. "لقد بكيت كثيراً وأنا أفكر فيما حلّ بنا، حتى استنفدت رصيدي في الدموع"، أما ويان ممسكاً بيديها، يقول لها "يا عزيزتي، لم أكن أعرف أن الحرب ستفعل ذلك بنا".

تروي لي أنها قررت بعدما رأت زوجها في الحلم عام 1978، أن تقيم له مراسم دفن غيابية، وبات طقساً يُعتمد كل عام، إلى أن أتتها المفاجأة، بعد أن وافقت الكوريتان، في سبتمبر/أيلول، على عقد جولة جديدة من لمّ شمل الأسر، وعلمت من الصليب الأحمر الكوري الجنوبي، أن زوجها لا يزال في قيد الحياة في الشمال، ويبحث عنها.

ومنذ ذلك الحين، بدأ الاستعداد لهذا اللقاء، نبشت صور الزفاف القديمة، واشترت ساعة يد هدية لزوجها، بعد أن نقشت عليها اسميهما.

السيدة لي وزوجها وابنهما، أوه جانغ جيون (64 عاماً)، كانوا من بين 389 شخصاً من كوريا الجنوبية، الذين عبروا الحدود المدججة بالسلاح في الشمال، في حافلات وسيارات الإسعاف، يوم الثلاثاء 20 أكتوبر/تشرين الأول، للاجتماع مع 96 من المسنين الكوريين الشماليين، الذين يرغبون في لمّ شملهم مع عائلاتهم التي فقدوا الاتصال معها منذ زمن طويل.

389 شخصاً من كوريا الجنوبية عبروا الحدود إلى الشمال للاجتماع بأقاربهم (getty)


ستجتمع العائلات 6 مرات، فى جلسات جماعية وخاصة، مدة كل جلسة لا تتجاوز الساعتين، ما يعنى أنه سيكون أمامهم 12 ساعة لمحاولة تجاوز آلام أكثر من 6 عقود من الفراق، حتى يوم الخميس، حيث سيقطع 90 مسناً من كوريا الجنوبية الحدود لجولة أخرى من لمّ الشمل، تدوم ثلاثة أيام مع 188 من أقاربهم في الشمال.

لمُّ الشمل في منتجع جبل الماس في جنوب شرق كوريا الشمالية، لمحة نادرة مفرطة في الألم الذي أصاب تلك الأسر جراء الانقسام السياسي الطويل في شبه الجزيرة. فلأكثر من ستة عقود، حرموا من تبادل الرسائل والمكالمات الهاتفية وحتى رسائل البريد الإلكتروني، ناهيك عن اللقاء.

السيدة لي أوك يون (88 عاماً) رفضت وضع يدها بيد زوجها الكوري الشمالي، تشاي هون شيك (88 عاماً)، واصفة ذلك "بالعبث" بعد هذا الانفصال لفترة طويلة، وفقا لتقارير الصحافيين من جبل الماس. ولكن ابنها الكوري الجنوبي البالغ من العمر 65 عاماً، تشاي هي يانغ، احتضن والده باكياً: "أيها الأب، أنا ابنك".

 

 تشاي هون-شيك  يلتقي مع ابنه كوريا الجنوبية تشاي هي-يانغ (getty)


في القاعة التي عقد فيها لمّ الشمل، اختلط البكاء بالضحك، احتضن الأشقاء بعضهم بعضاً، ودفن الشيب رؤوس "الأطفال"، بينما فاضت مآقيهم بالدموع وهم يرون الآباء والأمهات يصلون على كراسيهم المتحركة، وبالكاد تمكنوا من التعرف على بعضهم.

الكورية الجنوبية، التي تبلغ من العمر 65 عاماً، شين يون-جا، قالت لوالدها الكوري الشمالي جونغ سي هوان (87 عامًا)، إن زوجته لا تزال في قيد الحياة في الجنوب، لكنها أضعف من القيام بهذه الرحلة عبر الحدود. بعض الزوار من كوريا الجنوبية، أحضروا صوراً لما قبل الحرب، لمساعدة أقاربهم على التعرف عليهم، وحملوا أيضاً صوراً لبلداتهم، ومقابر أقاربهم القتلى، فضلاً عن الملابس، والأدوية، والنقدود وغيرها من الهدايا.

رجل كوري جنوبي يحمل صور أبناء عمومته في كوريا الشمالية (getty)


دعت كوريا الجنوبية مراراً وتكراراً إلى مزيد من لقاءات لمّ الشمل، والتي تعد مؤشراً على تطور العلاقات بين البلدين. ولكن نظراً للتوترات السياسية التي لا تنتهي في شبه الجزيرة، سمح فقط لـ18800 من الكوريين للمشاركة في 19 جولة من لمّ الشمل منذ عام 1985، حيث عقدت اللقاءات الأولى.

أكثر من نصف 66000 من الكوريين الجنوبيين في انتظار لم شمل، هم الآن في العقد الثامن من العمر أو أكثر. وتختار كوريا الجنوبية المرشحين للمّ الشمل عن طريق القرعة، في حين تمنح كوريا الشمالية الأولوية للناس الموالين للحكومة.

اقرأ أيضاً: خمسة أموات عادوا إلى الحياة..الجزء الثاني

المساهمون