قراءة إسرائيلية: الجماعات السلفية تحاول توريط "حماس" بمواجهة عسكرية

قراءة إسرائيلية: الجماعات السلفية تحاول توريط "حماس" بمواجهة عسكرية

06 أكتوبر 2016
إسرائيل تصر على اعتبار "حماس" مسؤولة عن القطاع(محمد عبد/Getty)
+ الخط -

اعتبر اثنان من المحللين للشؤون العسكرية في إسرائيل، إعلان جماعة "أحفاد الصحابة في أكناف بيت المقدس"، مسؤوليتها عن إطلاق الصاروخ باتجاه "سدروت" أمس الأربعاء، وما تبعه من قصف إسرائيلي لمواقع حركة "حماس"، بأنه محاولة واضحة من تنظيمات سلفية خارجة عن طوع الحركة في قطاع غزة، زج "حماس" بمواجهة عسكرية مع إسرائيل، أو دفع الحكومة الإسرائيلية في المقابل لاستهداف الحركة عسكرياً.

وكتب المحلل العسكري في موقع "يديعوت أحرونوت"، رون بن يشاي، أن تنظيم "أحفاد الصحابة في أكناف بيت المقدس"، يعتبر نفسه، فرعاً أو رافداً من روافد تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) في قطاع غزة، وهو ما يفسر ظهور شعار التنظيم، وإن كان بحجم صغير على بياناته الإعلامية.

وتسعى هذه الجماعة أو التنظيم، بحسب بن يشاي، إلى الحلول مكان حركة "حماس" في السيطرة على القطاع، لكن ولأن قوته العسكرية صغيرة، فهو يحاول جر إسرائيل إلى ضرب الحركة، وأن تقوم بالمهمة من أجله، بالركون إلى تصريحات إسرائيلية سابقة، من أنه في حال تم إطلاق صواريخ من غزة، فإن إسرائيل تعتبر "حماس" المسؤولة عن ذلك، وأن الجيش الإسرائيلي سيعمل على تقويض حكمها إذا استمر إطلاق الصواريخ.

ورأى بن يشاي، أن هذه التصريحات تزيد منسوب نشاط هذه الجماعة، لدرجة توجيهها الصواريخ، بشكل متعمد على البلدات الإسرائيلية، وتحديداً إلى أحياء سكنية مأهولة؛ في المقابل فإن حركة "حماس"، ولإدراكها لهذه النوايا تعمل جاهدة على اعتقال ناشطي هذه الجماعة ومنعهم من إطلاق الصواريخ.

ولفت بن يشاي إلى أن مثل هذه التنظيمات السلفية اعتادت في الماضي توجيه صواريخها إلى مناطق ومساحات مفتوحة خالية من السكان، سواء بفعل الخوف من الرد الإسرائيلي أو بسبب انعدام الخبرة لديها، لكنها بدأت أخيراً بتصعيد نشاطها واستفزازها أملاً بأن تؤدي عملياتها، وخاصة في حال سقوط ضحايا، وتحديداً من الأطفال في الجانب الإسرائيلي، إلى إشعال دورة جديدة من القتال تقوم إسرائيل خلالها بتقويض سلطة "حماس" نهائياً.

وكان وزير الأمن الإسرائيلي، أفيغدور ليبرمان، أعلن قبل نحو ثلاثة أسابيع أنه في حال اندلاع مواجهة جديدة، فإنها يجب أن تنتهي دون أن تكون هناك حاجة للسؤال من انتصر فيها، وأن تنتهي هذه المواجهة بحسم إسرائيلي واضح، بينما تدرك شعبة وأجهزة الاستخبارات في الجيش الإسرائيلي، طبيعة هذه التنظيمات والجماعات، وأهدافها، كما تدرك أن "حماس" غير معنية في الوقت الراهن بدورة جديدة من المواجهة العسكرية مع إسرائيل، خصوصا أن ذراعها العسكرية لم تنجح بعد باستعادة كامل القوة العسكرية، وتحديدا في استعادة مخزونها من الأسلحة.

ومع ذلك، فإن بن يشاي رأى أن هذا الوضع يضع إسرائيل والجيش أمام معضلة صعبة وشائكة، فالحكومة الإسرائيلية وجيشها لا يمكنهما التسليم بوضع تطلق فيه صواريخ باتجاه إسرائيل دون رد من جهة، ومن جهة ثانية فإن من شأن حملة عسكرية ودورة جديدة من المواجهة مع "حماس" أن تخلف خسائر بشرية كبيرة، والأخطر من ذلك أن تطلق ديناميكية تصعيد عسكري قد ينتقل إلى جبهات إضافية مثل شمال سيناء.

أمّا المحلل العسكري في "هآرتس"، عاموس هرئيل، وهو وإن كان يتفق بشكل عام مع طروحات بن يشاي إلا أنه يضيف أن هدف تنظيم "أحفاد الصحابة في أكناف بيت المقدس"، هو أن يطرح نفسه بديلاً لـ"حماس" من جهة، وأن يحرج الحركة، لكونها لا تحارب إسرائيل حالياً خلافاً لأيديولوجيتها المعلنة، وأن يصورها كمن يتعاون مع الاحتلال، من خلال الخطوات التي تقوم بها "حماس" لوقف عمليات الجماعات السلفية.

ولفت هرئيل، في هذا السياق، إلى أن الرد الإسرائيلي القاسي، أمس، لا يختلف عن ردها على عملية إطلاق قذائف باتجاه مستوطنة سدروت الحدودية قبل شهر، تقريباً، مع تصعيد في اللهجة الإسرائيلية باتجاه اعتبار "حماس المسؤولة" عما يحدث في قطاع غزة وما يطلق منه. ورأى هرئيل أن الغارات الجوية التي نفذتها إسرائيل وعمليات القصف التي استهدفت مواقع الحركة، تشكل في واقع الحال رسالة لـ"حماس" في هذا الاتجاه.

وذكر أن الغارات التي شنتها إسرائيل قبل شهر، كانت نتاج تلاقي مصالح، بين رغبة وزير الأمن أفيغدور ليبرمان في إعلان نوايا متشددة ضد "حماس"، من جهة، وتوفر فرصة عملياتية للجيش لضرب أهداف للحركة والإمعان في كسر قوتها العسكرية. ومع أن "حماس" هددت برد قاس إلا أنها لم تنفذ تهديدها، وما دام لا يقع ضحايا في صفوف الفلسطينيين، فإن بمقدور الحركة أن تسمح لنفسها بعدم الرد.

ويعتبر هرئيل أن الوضع الجديد، واستعداد الجماعات السلفية لمواصلة إطلاق القذائف والصواريخ باتجاه إسرائيل، ينذر بفشل السياسة الإسرائيلية الحالية تجاه قطاع غزة، صحيح أن حركة "حماس" لا ترد، إلا أن الحركات السلفية أقل ارتداعاً من الحركة، خاصة أن إسرائيل تصر على اعتبار "حماس" صاحبة السيادة والمسؤولية في القطاع، مما يوحي بإعفاء تلك الجماعات من المسؤولية.

ويخلص إلى القول إن جماعات سلفية صغيرة وهامشية بدأت تحقق نجاحاً في تحديد قواعد اللعبة في قطاع غزة للاعبين الرئيسيين: "حماس وإسرائيل"، فهي قادرة متى شاءت على إطلاق الصواريخ والقذائف، بشكل يهدد بسلسلة ردود فعل من كلا اللاعبين، إلى تدهور الأوضاع وصولاً إلى مواجهة عسكرية.