فرقة "نوبانور" تُحيي الحنين إلى الوطن

فرقة "نوبانور" تُحيي الحنين إلى الوطن

الأناضول

avata
الأناضول
11 يناير 2015
+ الخط -

بآلات موسيقية مصنوعة من جلد الماعز والخشب والصاج، قدمت فرقة "نوبانور" المصرية ليلةً نوبيةً فنيةً خالصة، احتضنها مسرح الضمة، بمنطقة عابدين وسط القاهرة.

ورغم موجة الصقيع التي تضرب البلاد، قدّمت الفرقة حفلها في موعده، وتفاعل معها الجمهور الذي ملأ جنبات المسرح، مساء الخميس الماضي، وكأنّه قرر الاحتماء من برودة الطقس بدفء ملامح أهل النوبة وعظمة ثقافتهم.

ومع أنّ الأغاني التراثية التي قدمتها الفرقة كانت باللغة النوبية، التي لا يُتقنها الحضور من أبناء العاصمة، لكنّ الجمهور تفاعل معها بشدة، وبدأ بمحاكاة الألفاظ وإن لم يتضح معناها، كما انسجم المتفرجون مع الحركات الإيقاعية الراقصة للفرقة بمرونة.

وللتذكير فإنّ أهل النوبة، قبائل تسكن المنطقة الممتدة على ضفتي نهر النيل أقصى شمال السودان وأقصى جنوب مصر، ويتحدثون اللغة النوبية، وهي لغة منطوقة غير مكتوبة.

وفي تصريحات للأناضول قال مدير الفرقة، أسامة بكري: "تأسست الفرقة عام 1968 ومارست نشاطها حتى أواخر الثمانينيات قبل أن تتجمد بعد وفاة مؤسسها الفنان سيد جمال، إلا أنني توليت إعادة إحيائها عام 1990 وأصبح قوامها 12 عضوا ما بين مطرب وعازف وراقص يأخذون على عاتقهم مهمة الحفاظ على التراث النوبي والتعريف باللغة النوبية".

يرى بكري أنّ أبرز ما يميز الثقافة النوبية عن غيرها من الثقافات، أنها تُجسد بشكل فني أركان الحياة الاجتماعية لأهل النوبة، الذين صنعوا من الفرح والحزن فنّاً خالصاً، فتجد لديهم أغنيات تحتفل بأفراح الزفاف وأعياد الميلاد وموسم الحصاد، كما أن لديهم أغنيات لرثاء موتاهم.

"ما تزال الفرقة إلى اليوم تشدو بأغنية عن السيدة مريم العذراء، كانت تُغنى في عهد المسيحية، قبل دخول الإسلام إلى أرض النوبة، جنباً إلى جنب مع أغنياتهم عن الإسلام والرسول محمد خاتم الأنبياء"، قال بكري. وأضاف: "التهجير القسري الذي تعرض له أهل النوبة انعكس على فنهم وتراثهم في صورة أغنيات تحكي لوعة الحنين إلى الوطن"، فخلال النصف الأول من القرن العشرين وحتى ستينيات القرن الماضي، هُجّر أهالي النوبة جراء بناء خزان أسوان، ومن بعده السدّ العالي، من النوبة القديمة إلى كوم أمبو بأسوان، وهو ما يؤلم النوبيّين كثيراً.

كما لفت بكري إلى أن "طبيعة النوبة الخلابة، وضعت لمسات ساحرة على الثقافة النوبية ميزتها عما سواها من ثقافات، إذ تدخلت هذه الطبيعة في تفاصيل الفن النوبي، وفي صناعة الآلات الموسيقية، فمن جلد الماعز المفرود على الخشب صنع النوبيّ القديم "التار" أي الدُف، ومن الصاج والحديد المغلف بجلد الماعز صنع "الطنبورة" وكلتاهما آلتان تميزان الغناء النوبي عما سواه من ألوان غنائية في شتى بقاع العالم".

وفيما يتعلق بالرقصات النوبية الاستعراضية، فإن رقصة "أراجيت" هي أشهرها على الإطلاق، تُؤدى في الأفراح وتتكون من حلقات بشرية تحيط بالعروسين ويتمايل الجميع على نغمات إيقاعية محددة، وهناك رقصة "فري" التي اكتسبت تسميتها من سمك الـ "فري"، لأن الراقص النوبي فيها يؤدي حركات تحاكي حركات الـ"الفري" وهو يسبح.

والتقط أطراف الحديث منه أحمد إسماعيل، مطرب الفرقة، الذي لفت إلى أنّه احترف الغناء باللغة النوبية منذ عام 2007. وقال: "رغم أن اللغة النوبية غير معروفة لدى الشعب المصري والشعوب الأجنبية التي قدمنا فيها حفلاتنا في الدنمارك وإنجلترا، إلا أنّ تفاعل الجمهور معنا لا يتوقف منذ الدقائق الأولى للعرض وحتى نهايته، لأن الموسيقى لغة جامعة لكل البشر، ومعها يذوب أيّ عائق لغوي آخر، لدرجة أن بعض الحضور بعدما يستمع للأغنيات النوبية وتجذبه موسيقاها يطلب ترجمة معانيها، وهو ما نفعله بسرور بالغ".

وأخيرا لفت المطرب النوبيّ إلى أن "العزف على العود هو أحد أبرز السمات الفنية للثقافة النوبية؛ وذلك لأن مخترع العود فنان نوبي وليس عراقياً، يدعى "زرياب" لكنّه هاجر من بلاد النوبة إلى العراق، فاصطلح تاريخياً بشكل خاطئ على نسب اختراع العود إلى زرياب العراقي، الذي اخترعه كآلة عزف خماسية أضيف لها الوتر السادس لاحقا".

المساهمون